د. كمال اللبواني
من برهان غليون وعبد الباسط سيدا ومعاذ الخطيب وأحمد الجربه ، مرورا بهادي البحرة وخالد خوجه وأنس العبده، وصولا لرياض الترك ورياض سيف ورياض حجاب ورياض نسعان آغا ، ولا ننسى الحكيم والخضر وأبو حطب والصباغ وسهير، وريم ونغم ونوره وسميره ووو سنوات من العمل السياسي الذي كانت نتيجته فقط ( ثلاثة أصفار ) ، وعنوانه الفشل التام ، ودرجة نجاحه (37 درجة تحت الصفر ) … كلهم عملنا معهم وكلهم لهم عيوبهم وحسناتهم ، لكن كلهم فشلوا ، والسبب بسيط هو غياب المؤسسة السياسية التي توظف طاقات الناس وتنظم عملهم بطريقة منتجة …. وطالما أن الشخص هو المعيار والمؤسسة مطبوعة به ومزرعة له ، سيستمر الفشل ويتساقط المناضلون و الانتهازيون بطريقة واحدة ، لا فرق …
أليس شيئا غريبا أنه لا يوجد شخص من المعارضة يحظى بالمدح إلا إذا استشهد وغاب مضرجا بدمائه ، عملا بسنة اذكروا محاسن موتاكم ! … برهان أكاديمي وكاتب ، ومعاذ شيخ ابن شيخ ، والجربه ابن عشيرة عريقة ، والبحرة ابن أقدم مدينة ورياض الترك رمز للصبر والاصرار ورياض سيف رمز من رموز مدينة دمشق وغيرهم الكثير ممن يفترض أنه عمل (من أجل الثورة ) التي قدم فيها الكثيرون ماقدموا من تضحيات وبذلوا ما بذلوا من جهود ، ومع ذلك كل الذين تسلموا منصبا في المعارضة صاروا جميعا في حاوية واحدة ، مثلهم مثل الانتهازي واللص والجبان ، حتى لم نعد نستطيع أن نميز بين شخص وشخص ، فالمعارضة كلها أصبحت مصنفة مثلها مثل النظام بصنف واحد في حاوية الشتم والتعزير والقدح والذم … ولم يعد لها أمل في البقاء إلا إذا اتحدت مع أقرانها في سلطة وحدة وطنية مع النظام لتعلن نهاية الثورة واستمرار نظام القمع والفساد . خاصة بعد لم شمل المنحوس على خائب الرجاء ، أقصد هيئة الرياض الثورية جدا ، مع مجموعة القاهرة ، ومجموعة موسكو المعارضة أيضا ( دون أن نعرف ماذا تعارض الشعب أم الثورة ) … ليوقعوا معا بيد واحدة على عقد التحالف مع حبيبهم القديم ( بشار الأسد ) ولا عجب طالما قد صاروا زملاء في حاوية وطنية واحدة ، لتغني لهم نجاة قصيدة نزار ( ما أحلى الرجوع إليه … إليه )
كان من الممكن أن يكون كل واحد من هؤلاء بطلا وطنيا يقود شعبه للنصر ، لو عمل بطريقة أخرى ، لو تكامل مع فريق وصنع مؤسسة للقيادة وطنية ، لكنهم جميعا قبلوا الزعامة (بتكليف من الغرباء ) في مؤسسة فاشلة مصطنعة ، فسقطوا بسببها … غياب وعيهم السياسي وتجربتهم السياسية ، ولهاثهم وراء الكرسي واحتكاره وابعاد وشطب الآخرين ، حتى لو كان كرسي اعدام كهربائي أو كرسي معاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة يقوده السفير والأمير ، هو السبب في سقوطهم ، وهو السبب في تضييع طاقاتهم وتغييب حسناتهم واظهار كل سيئاتهم ، وجعلها تطفو على السطح ليصبحوا موضوعا للشتم والاتهام بقلة الشرف والأمانة والخيانة ، إنه كرسي زعامة المعارضة المصمم من الغريب لإعدام وتشويه كل من يجلس عليه ، ذات الشيء يقوم به كرسي السلطة المستبدة الذي صممه الغريب أيضا ليحول كل من يجلس عليه لسفاح وقاتل ومختلس وخائن … فالاستقلال الوطني هو في تشكيل نظام قيادة وطنية بطريقة اختياره وطريقة عمله وضوابطه ، وعندما تغيب هذه يصبح كل من يعمل في هذه المؤسسات الاستعمارية هو عميل بحكم الواقع ، لذلك قلنا أن الائتلاف أرض نجسة لا تجوز فيها الصلاة ، ولا تنبت فيها بذرة الوطنية فكيف بمجموعة موسكو والقاهرة !!! . هذا بغض النظر عن الأشخاص الذين انتهوا لدور خياني نتيجة سيعيهم للكرسي من دون تبصر . وها هم ينامون على كرسي المقعدين بينما يسير بهم كيري ولافروف لحضن النظام لترقص فساتينهم على قدميه ، وينسو أيديهم لتنام كالعصفور بين كفيه.
إنه الكرسي المتحرك الذي يقوده الآخرون ويسمى مقعد قيادة ، نظام المؤسسة التي يوجد فيها هذا الكرسي ، وليس شخص الذي يجلس عليه ، ومن دون الانتباه لهذه المصيبة ، ومن دون إصلاح مؤسسات السياسة الوطنية ونظام عملها ، لن ينجح لا النظام ولا المعارضة ولا السلطة الانتقالية في فعل أي شيء غير الخيانة ، غير أن يصبحوا فاسدين ومجرمين وفاشلين و موضوعا للشتم والذم … ليستمر الشعب في انتفاضته محطما كل شيء بانتظار الاستقلال .
قالوا : الكريم من جب مهانة نفسه وحفظها من الأذى ، وليس أشد ايذاءً للمناضل والسياسي من اللهاث وراء كرسي فوق تلة قمامة ومستنقع فساد، وعمله في مؤسسات صممها المستعمر الأناني الطامع، وتنفيذ تعليماته … فلو وجدت مؤسسة سياسية وطنية ناجحة لأنتجت قادة وأبطالا يسجلون في سجلات التاريخ كقادة لأعظم ثورة في الشرق الأوسط لم يشهدها من قبل ، لكن كيف يمكن أن يحدث هذا في مؤسسة استعمارية ؟ … هل تعرفون ما هي خطيئة صدام التي دمرته ودمرت المنطقة من بعده : إنها الخوف على الكرسي وعدم الضرب به .
أليس غريباً أن تكون هذه الثورة عقيمة إلى هذا الحد ؟ هل هذا يعني انعدام وجود الأشخاص ؟ أم سوء مؤسسة القيادة ذاتها ؟ وهي المؤسسة المعيبة التي صممها لنا الغريب بهدف إفشال ثورتنا ، وايصال الانتهازيين لقيادتها ، وتشويه صور رموزنا ومناضلينا، عندما يستدرجهم إليها ، لكي يسقطهم بدل أن يسقطوا النظام ، خوفا من أن يصبحوا ملهمين لبقية الشعوب … وقد فعل … وقد قبلتم فخنتم ، رغم أنني لا أشك بقدراتكم ولا أحقر من قيمتكم في هذا الشهر المبارك ، فأنا لا أتعمد القدح ولا النميمة بل كشف عيوبكم التي دفعنا ثمنا باهظا لها ، وسندفع قريبا أثمانا أخرى بسببها عندما يسوقوكم لحضن الأسد عبر بحرة جنيف بجنزير واحد .
من الجربه والعبده إلى الرياض الأربعه لم تكن فائدة من تبديل الأشخاص ، بل لا بد من مؤسسات سياسية وطنية جديدة على معايير ونظم جديدة وآلية اختيار وعمل جديدة ، عندها كائنا من كان في ادارتها سيصبح رمزا وطنيا ، طالما هو في قيادة ثورة عظيمة بثوارها وتضحياتهم .
إن طموح الزعامة في مركب الغريب هو مشروع للسقوط السياسي والخيانة الوطنية التي تتكامل حلقاتها … وكل من يقبل بمنصب في هذه المؤسسات الاستعمارية عمي البصر خائن الضمير ، خائن لا محالة ورغم أنفه مهما حاول وادعى . ولن يكون حاله أفضل ممن سبقه ، لكن ماذا نفعل غير الأسف على خسارة من كانوا أصدقاء ورفاق درب وصاروا خونة لدماء الشهداء إذا كان حب السلطة يعمي القلوب ، وينتهي بالطامحين لها إلى السقوط . هيا يا من يخدعون أنفسهم بخدع غيرهم وكذبه الذي لا يخفى على طفل … هيا بسرعة إلى جنيف لتتصوروا وتتناولوا الوجبات وتوقعوا وسط اهتمام اعلامي وديبلوماسي ، ثم لنراكم في العيد القادم في دمشق مع بشار وسليماني وبوتين ، فوق جماجم أطفال دوما وداريا والمعضمية .
ويحكم ماذا تفعلون؟ أين يسيرون بكم ؟ هل صدقتم أنكم أنتم قادة الشعب ، هل صدقتم أنكم معارضة للنظام ، فإن كنتم فكيف تقبلون بالنظام الذي قتل الشعب ؟ لماذا لا تستقيلون ؟؟؟؟ مصيبتنا فيكم أنكم تذهبون وأنتم ترددون لن نقبل ، وستستمروا في ترديدها حتى وأنتم في أحضان النظام، كما تفعل معارضة الداخل وموسكو والقاهرة التي سارعتم للتحالف معها لتعلمكم كيف تعارضون من داخل النظام وبأمرة شعبة المعلومات و قسم الأحزاب !!!
{ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) } (سورة الأَنْفال 22)