د. كمال اللبواني
دائما ترافق مداولات واجتماعات الائتلاف أجواء الاحتفال والفرح والتطبيل الإعلامي والتزمير الخطابي والموائد السعيدة في قاعات الفنادق الفخمة ، فعظمة الحدث وعظمة الحضور والحفل يجب أن تبدي زينتها بما يليق بها وبما يرضي بعلها الذي دفع لها مهرها وينتظر منها أداءً جيدا فوق سرير الزوجية الذي يجمعها مع مخابرات الدول التي عينتها وصرفت لها الموازنات …
فكما عين الغرب حافظ أسد بديلا لصلاح جديد الذي فشل في أن يكون أمينا لجهاز المخابرات الأمريكي الذي ساعده للوصول للسلطة ، وركب رأسه وقرر خوض حرب تحرير شعبية ، فطار من السلطة للسجن على يد صاحبه عميل المخابرات البريطانية الذي جاء بحركة تصحيحية ، والذي بدوره عندما بدأ يخرج عن الخطوط المرسومة له ، استبدلوا له وريثه باسل ببشار بحادث مدبر على طريق المطار ، بحركة تصحيحية استباقية ثانية ، لضمان الولاء والطاعة ، وهم ذاتهم عندما قامت الثورة على نظام العمالة لم يقصروا ، فسارعت مخابرات الدول لتطويق هذه الثورة وفرضت قيادات عميلة لها عبر الاعتراف فقط بالمجلس الوطني الذي ركبته ، ثم قامت بحركة تصحيحية عليه بتشكيل الائتلاف ( الممثل الشرعي الوحيد ) ، وبعد ذلك أجرت حركة تصحيحية ثانية في تشكيل هيئة الرياض ( المفاوض الرئيسي ) التي تتجه بدورها لاجراء حركة تصحيحية ثالثة لضم عملاء دول أخرى لم تكن في مجموعة أصدقاء سوريا ، بل دخلت حديثا في نادي الوصاية كأعضاء في مجموعة العمل من أجل سوريا التي تشكلت في فيينا ….
وهكذا ولضمان استمرار المطاوعة للمشاريع التي ترسمها الدول لمصير سوريا وشعبها تقوم مخابرات الدول برسم وتشكيل القيادات السورية الوطنجية التي تمارس أفراحها وأعيادها في جو من الاحتفال والبهجة التي تعبر عن رضا الشعب وسعادته الغامرة وتأييده الذي لا يدخل إليه الشك ، فيهرع للطرقات لإقامة حفلات الدبكة والرقص والأهازيج للإحتفال بالمناسبات القومية والوطنجية التصحيحية … التي كانت تجري في شوارع المدن السورية ، لكنها بسبب تحول تلك الشوارع لمقابر جماعية ، انتقلت لعواصم الدول وفنادق السياحة الفخمة لتقرر فيها مصير شعب يتم ابادته وتشريده .
كما انطلقت الحركة التصحيحية ( ال…. ) من رحم ثورة آذار مصححة مسارها ، ولد الائتلاف من رحم المجلس الوطني مصوبا طريق الثورة ، وكما تسلم قيادة الحركة التصحيحية أشخاص ملهمون وتاريخيون ، كذلك تسلم الائتلاف نخبة من القادة الاستثنائيين ، وكما صنعت الحركة التصحيحية المعجزات ، صنع الائتلاف المستحيلات … و لم يفت سيدات فنادقه الاهتمام بالأطفال ولقاحاتها كما تهتم سيدة القصر الجمهوري بالمعاقين عقليا ومواهبهم ، وكما اعلامه ينطلق كل يوم مرحبا وشاجبا ومعلقا على الأحداث ويركز على رصد ردود الأفعال على مواقفه هو ، فالخبر الأول والوحيد والدائم هو القائد ما قال وما قيل عنه وما صرح على الفيس والواتس ، وهو ان كان واحدا لا يتغير في التصحيحية ، فإنه في الائتلاف ليس واحدا بل كل أعضاء الائتلاف قادة وأبطال وسيأتيهم الدور ، فالقائد الفذ الملهم يتبدل ويتغير كل ستة أشهر ولا حرج، وما علينا سوى اطالة أمد الثورة لكي يلحق الدور بالجميع ، وعلى الرغم من تبدل القادة الدوري السريع يستمر الائتلاف كما هو ، ليس لعدم وجود فروق أخلاقية وشخصية ومعرفية بين قادته الكثر ، بل بالعكس فكل واحد من طينة وكل واحد من مشرب مخابراتي مختلف فشتان بين عميل تركيا وعميل السعودية أو عميل فرنسا أو عميل الكي جي بي وعميل ال م أي سيكس أو السي آي إيه . لكن مع كل هذا التباين ، تبقى الصورة واحدة نمطية لا تتغير ، تماما كصورة النظام الأسدي ، لسبب بسيط هو أن هذا الائتلاف منفصل تماما عن الواقع ، ومطلق بالثلاثة للعمل والفعل ، فهو ليس أكثر من واجهة اخترعتها الدول لسرقة قرار الثورة والتلاعب به ، وجرها من مطب لمطب في طريق اعادة انتاج الوصاية .
ينتخب رئيس بعد رئيس ، وتتغير حكومة بعد حكومة ، وشيء واحد مستمر الحدوث ، هو الدور المحبط الذي يقوم به شخوص الائتلاف الذين تميزوا بتسميم الحركة السياسية وافسادها بمعايير الاختلاس والبروظة والوجاهات ، ممزوجة بالعمالة والتدليس والتآمر … لم ينتج عن الحركة التصحيحية المجيدة سوى دمار سوريا وتشريد شعبها ، ولم ينتج عن الائتلاف الوطني لقوى الثورة غير الفشل والتخريب والعجز والتنازلات والتنافس غير الشريف على سرقة المناصب والامتيازات والتمويل …
لقد كان بشار محظوظا بأمرين أولهما منظمات المعارضة التي أعلنت انتماءها للإرهاب العالمي طوعا ومن دون اكراه أو ضرورة ، وثانيهما الائتلاف الوطني للمعارضة الذي كرّه الناس بالثورة وأحبط عزيمتهم إذ شاهدوا النماذج المرشحة كبديل للنظام ، فتدافعوا نحو قوارب الموت هربا من سوريا الحالية والقادمة (الحمراء والخضراء ) …
لن يسقط الائتلاف بشار ولا العكس ، فهما معا وسيلة فرض الوصاية على هذا الشعب وتكبيل قراره ، والاستعمار لا يسمح لخلافات عملائه بإفساد خططه ، بل يسعى جاهدا للتوفيق بينهم ضمن مسار الحل السياسي الذي هو الحل الوحيد المسموح به . وعليه لن تنجح الثورة من دون اسقاط هؤلاء ، ولن تنجح ثورة لا تنتج قيادتها الحرة التي تستحق … ولا ينفع الناس فوضى لا سراة لهم … فالبطولة والفداء والتضحيات تضيع من دون قيادة تنظم وتدير وتوظف وتخطط وتنسق ، وطالما أن الثورة تحت اشراف الائتلاف فهي كالمريض المُقعد الذي يجلس على كرسي متحرك يقوده أعداؤه … ومن كان الديك دليله كان قن الدجاج مأمواه …. ومن كان الائتلاف قائد ثورته فسيستمر في حكمه بشار .
زعم الفرزنق أن سيسقط زُنبعا فابشر بطول سلامةٍ يا زُنبعُ