يثب

مصالح روسيا في سوريا

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

يقولون موسكو … أو طهران أو دمشق  و يغفلون الفارق بين الدولة وبين السلطة السياسية ، الذي يصبح تناقضا في دول الاستبداد … في عام 2012 ذهبت بزيارة خاصة لموسكو بوساطة دولة عربية لتقصي حقيقة الموقف الروسي … ما استنتجته أن الإدارة في روسيا لا تتصرف كدولة ذات مصالح … ولو كانت لوجدنا الطريقة المناسبة لتحقيق المصالح المشتركة الكثيرة بيننا كدولتين وشعبين ( فتلك كانت غايتي من الزيارة) . وما فهمته واضحا منهم أنهم سيدعمون الأسد  ومن دون أي مبرر نكاية بالأمريكان وبكل من لا يريد ، سيدعمون الأسد كشخص ونظام وطائفة ، ولن يقيموا وزنا لإرادة الشعب ولا لما يرتكبه هذا المجرم من مجازر فهم ينكرونها تماما وعلى عينك يا تاجر  …

طبعا بغض النظر عن الوقاحة القذرة التي يتضمنها سعي دولة أجنبية لفرض رئيس مجرم ثار عليه شعبه ، يجب البحث عن السبب والدافع الفعلي لسلوك السلطة في روسيا، فبوتين ولافروف لا تربطهم علاقة حب مع الشاب الطويل الرقبة ولا مع الطائفة العلوية أو الشيعة … ولا هم يتحركوا تبعا لمصالح دولتهم كما أسلفنا ، لأن سلطة بوتين لا تمثل مصالح الدولة والشعب الروسي بقدر ما تتسلط عليه وتستأثر بالسلطة والثروة ككل نظام فساد واستبداد … إنهم يتحركون وفق مصالحهم الخاصة باعتبارهم رأس منظومة سياسية اقتصادية حاكمة ذات طابع استبدادي مافيوي ورثت النظام الشيوعي البروليتاري . حيث استطاعت عصابات الحزب الشيوعي والأمن _ ك ج ب – نهب أملاك القطاع العام وتقاسمها في سياق ما سمي (البيروسترويكا) أو إعادة البناء التي حولت الاقتصاد والمجتمع الروسي من اقتصاد تملكه الدولة التي يستعبدها الحزب الواحد ، إلى اقتصاد السوق الذي تتحكم به المافيات والحيتان ، وهذه العصابات هي التي أوصلت بوتين وإدارته للسلطة في موسكو … مثل ذلك التحول حدث بطريقة مشابهة في سوريا ، فسوريا أيضا محكومة من نظام مافيوي فاسد تعيش على نهب القطاع العام والتشبيح على القطاع الخاص . وبوتين عندما يدافع عن الأسد هو يدافع عن نفسه ونظامه وشخصه مع فارق الطول طبعا …

باختصار نقول أن السلطة في روسيا عملت جاهدة على حماية رأس النظام السوري وتقديم الحصانة له لكي يرتكب المزيد والمزيد من الجرائم باسم الطائفة العلوية التي أرادت روسيا عن عمد واصرار وتخطيط مسبق توريطها بالدم السوري لدرجة يستحيل بعدها أي صيغة للعيش المشترك في سوريا … والهدف واضح جدا هو التدخل لحماية العلويين وفرض انتدابها للدويلة العلوية التي ستقام على الساحل السوري … فهم يعتقدون أن العلويين يفضلونهم على الفرس والإيرانيين الذين عملوا بذات السياسة تقريبا للهيمنة على سوريا المفيدة … يتحقق كل ذلك بالاستفادة من الفوضى الخلاقة التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا بهدف انتزاع دولة كردية على حساب تقسيم سوريا وقبلها العراق وبعدها تركيا وإيران . فحصة روسيا من هذه الفوضى هو دويلة في الساحل تحكمها هي مباشرة …

أي أن مصالح روسيا بوتين في سوريا تتلخص بالآتي :

تأجيج صراع طائفي وجرح وطني عميق لا يمكن إصلاحه

المساهمة في تقسيم سوريا لكيانات متناحرة  واحتلال الساحل السوري

الهيمنة عى النفط في سوريا

الحصول على أكبر نسبة من ثروة الأسد مخلوف …

تقوية أعداء الولايات المتحدة في المنطقة وبشكل خاص التطرف الديني الشيعي والسني وتفكيك الدول الحليفة للغرب ( تركيا والسعودية ) .

فهل السلطة في روسيا تصلح لتكون وسيط لإيجاد حل في سوريا ؟؟؟  سؤال موجه لكل من تركيا والمعارضة السورية التي تدور في فلكها … هل تتوقع تركيا أن تمنع قيام الدولة الكردية و تمنع تقسيم وتقاسم سوريا لو فرضت على المعارضة الاستسلام للأسد … ؟

الجواب واضح … تفرض روسيا علينا الاستسلام للأسد ، وتقوم أمريكا وأوروبا بدعم قيام دولة كردية فنخسر نحن وأنتم معا … وغدا لناظره قريب .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.