أولاً عملية التصويت في الائتلاف:
- أثارت عملية التصويت على قرار الذهاب الى جنيف في اجتماع الائتلاف (58 صوت من اصل 121 عضو) تداعيات سلبية على مستوى شرعية القرار ووحدة صف المعارضة بسبب:
أ. تجاوز النظام الداخلي في تعديل النظام بقبول مبدأ التفاوض دون محددات وبأغلبية الحضور فقط.
ب. وجد اختلاف في تفسير نص من النظام الداخلي فتم التصويت عليها من الهيئة العامة بأغلبية الحضور مخالفة بذلك المادة (41): “أي خلاف ينشأ بشأن تفسير أو تنفيذ أحكام هذا النظام يختص بنظره الائتلاف ويكون قرارها ملزماً في هذا الشأن على أن يصدر هذا القرار بأغلبية ثلثي أعضاء الائتلاف.”
ج. سببت نسبة 58 من 121 صوت لجنيف شرخاً داخل الائتلاف وانعدام للثقة.
- دلت هذه العملية على استئثار فئة بالقرار السياسي واقصاء تكتلات وقوى تمثل بمجموعها الحراك الثوري الداخلي.
- تم اهمال التواصل مع الكتائب الفاعلة على الارض وعدم انتظارها كما طلبت مهلة 24 ساعة وانعدام التواصل المباشر معها من الائتلاف.
مبررات الذهاب:
- المبرر القانوني: نصت الفقرة الخامسة من الوثيقة التأسيسية الموقعة بتاريخ 11/11/2012 :” عدم الدخول في أية مفاوضات مع النظام”، ولأن مفاوضات جنيف هي مفاوضات مباشرة مع النظام، لذا فإن المشاركة في هذا المؤتمر تستوجب تعديل الوثيقة التأسيسية بالنصاب المقرر قانوناً، إلأ أن اللجنة القانونية ( والمنقسمة بين أعضائها حول هذه الاشكالية) أكدت عن طريق رئيسها أ بأن هذه الفقرة ليست بحاجة للتعديل لاسباب أقل ماتوصف بها بأنها أسباب التفافية وغير واضحة ، أي أنه تم تذليل أي عقبة تعترض الذهاب حتى لو بطرق غير قانونية .
- المبررات السياسية : كالضمانات الدولية “غير المكتوبة”، والذهاب لاحراج النظام وتعريته امام الرأي العام و…. كلها ترتقي لنؤكد أن المؤيدين لحضور مؤتمر جنيف سعوا وراء الحل السياسي ( وهو الحل الأمثل طبعاً) دون توافر أية قواعد أومناخ للحل السياسي.
الورقة المقدمة من قبل وفد المعارضة
دم وفد المعارضة مبادئ أساسية لاتفاق تسوية سياسية وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي ذات الصلاحيات التنفيذية الكاملة كضمان وحيد لإنهاء “العنف” ، كما تصور رؤية سياسية تنفيذية لما ستقوم هيئة الحكم الانتقالي بالتعامل معه (في حال تم تشكيلها)، وتعدّ النقاط الواردة في ورقة المعارضة منطقية لجهة الإنشاء اللغوي وتلبي جزءاً من مطالب دول الأصدقاء، الذين رغبوا بأن تقدم المعارضة رؤية للعملية الانتقالية يستطيعون تسويقها لدى الروس للتوصل لاتفاق معهم،
يؤخذ على هذه الورقة ما يلي:
أولاً- من حيث المضمون:
- غياب كلمة “الأسد” من الورقة بشكل مطلق وعدم ادانة نظامه وعدم قبوله بالحل السياسي أو عدم وجوده خلال المرحلة الانتقالية.
- ألزمت المعارضة نفسها بمحددات ومواقف غير مطلوبة في المرحلة الراهنة، كالالتزام بالمعاهدات الدولية التي أبرمها النظام المتضمن في الفقرة السادسة من الورقة والتي من الواضح أنها وضعت كضمان للالتزام بموضوع نزع السلاح الكيماوي في حين أنها تتضمن (وفقاً لصياغتها) التزاماً بالاتفاقيات الدولية الثنائية بما فيها عقود التنقيب عن الغاز والنفط مع الشركات الروسية مثلاً (مما يعتبر تنازلاً مجانياً للروس)، في حين أن هذه اتفاقيات وعقود يمكن التراجع عنها والتحلل من الالتزامات فيها. بينما كان من الأفضل عدم التطرق لهذا الموضوع بتاتاً. حيث أن أي حكومة وريثة للنظام ووفقاً للقواعد الآمرة في القانون الدولي لا يمكنها التحلل من الالتزامات المقررة وفقاً للمعاهدات الدولية، فهي ملزمة بشكل آلي ولا يمكن التراجع عنها بما في ذلك الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار وإنتاج وتخزين السلاح الكيماوي. وهذا رمي لكروت في التفاوض دون مقابل.
- تضع الورقة كافة السلطات بيد الهيئة الحاكمة الانتقالية بما في ذلك السلطة القضائية، مما يخالف مبدأ فصل السلطات.
- حولت عملية التفاوض إلى تفاوض على “إعلان دستوري مؤقت” ، في حين كان يفترض أن تكون المفاوضات حول عملية انتقال السلطة بمختلف جوانبها بما في ذلك الإطار الدستوري الناظم لعملية الانتقال، لا أن يتم اعتبار الاتفاق (في حال التوصل إليه) بمثابة إعلان دستوري.
- من ناحية الإجراءات المتبعة خلال العملية الانتقالية بخصوص الجيش النظامي والجيش الحر وفصائل المعارضة المسلحة ، فاعتبرت ضمناً أن الجيش النظامي باقٍ كما هو وعليه فقط الانسحاب وفقاً لعبارة فضفاضة “استكمال الانسحاب”؛ في حين تفصّل هذه الورقة ما يخصّ مجموعات المعارضة حيث تتحدث عن: “تناول نزع سلاح المجموعات المسلحة، وتسليح أفرادها وإدماجهم في الجيش والقوات المسلحة أو في قطاعات الخدمات العامة والمدنية” شاملةً ومساويةً بذلك بين فصائل المعارضة ومجموعات الشبيحة، في حين كان من الأجدى الفصل بين الجيشين، فالنقطة الأولى تتناول سحب الجيش من المدن إلى ثكناته بكل وضوح وتحديد انتشار الشرطة دون الأجهزة الأمنية لتحل محلّه، والثانية تتحدث عن عملية دمج أفراد الجيش الحر والفصائل المعارضة المسلحة ضمن الجيش بالتزامن مع عملية إصلاحه.
- من المآخذ السابقة يتبين أن هذه الورقة أعدت بطريقة غير مهنية وغير احترافية وأتت كمجرد ردة فعل آنية أو تبني مسبق.
ثانيأ- من حيث النتائج:
- صيغت الورقة (من ناحية الهدف) وبكل وضوح وفقاً للحد الأدنى المقبول من طرف المعارضة متجاوزةً محددات الائتلاف للحل السياسي المتفق عليها مع باقي مكونات الثورة في 18/2/2013، و محددات الهيئة العامة للائتلاف لمؤتمر السلام بجنيف بتاريخ 10/11/2013
- لم تُصغ هذه الورقة (انطلاقاً من أسس التفاوض بشكل عام) وفقاً لرؤية ومطالب الحراك الثوري ومواقف المعارضة ضمن الصراع مع النظام، في حين كان من المفترض أن تصاغ وفقاً للحدود العليا للتفاوض بشكل يسمح بهامش للمناورة والتنازل مقابل بعض المكتسبات (استراتيجية تعظيم المكاسب)، فعدم ذكر الأسد أو رحيله أو محاسبته ما هو إلا تنازل مجاني يجهض أهم مطالب الحراك الثوري في سوريا فضلاً عن قبول الوفد خلال التفاوض بالعمل على المسارين: مكافحة العنف وهيئة الحكم الانتقالي بالتوازي، ودخوله بمناقشة بند مكافحة الإرهاب مع النظام، وهذا يرجع لقناعة بعض أعضاء الوفد بأن الحصول على السلاح من أصدقاء الشعب السوري غير ممكن بينما السير في هذا الاتجاه قد يفضي للحصول على السلاح!
ثالثاً- من حيث الشرعية:
- عدم استشارة الهيئة السياسية والهيئة العامة للائتلاف بالإضافة إلى أن بعض أعضاء الوفد ذاته لم يشارك في إعداد وصياغة هذه الورقة واعتمادها كفعل إقصائي وتهميشي متعمّد، يؤكد فرضية أن ورقة الائتلاف قد صاغتها شركات أجنبية بشكل مسبق
- لقد أضحت هذه الورقة بعد عرضها وقبول الابراهيمي لها واعتمادها، وثيقةً ومستنداً شرعياً ملزماً لأي إطار لحل سياسي ممكن لكافة التيارات الثورية، في حين أنها أي ورقة الوفد لم تستند إلى شرعية حقيقية مستمدة من أي من المحددات المذكورة أعلاه.
ملاحظات عامة:
- حضور الائتلاف أعطى شرعية لنظام الأسد (نظام القتل والإجرام) وأنهى عزلة ديبلوماسية دولية في أروقة جنيف كانت مفروضة على النظام.
- نجاح الائتلاف في تعرية موقف النظام لم يكن بسبب أداء وفد الائتلاف بل بسبب انحطاط مستوى اداء وفد النظام.
- ذهاب فصيل سياسي واحد فقط لحضور جنيف2 يشكك في التمثيل، وانقطاع الائتلاف عن بقية زملائه في استانبول والداخل السوري أثناء التفاوضات يوحي بعدم اكتراث هذا الفصيل لباقي مكونات الائتلاف
- لم يملك الوفد ملفات تفاوضية مجهزّة (توثيقية تفصيلية) بشكل مهني، كملف المعتقلين وملف الإغاثة مثلاً، ولم تكن هناك استراتيجية تفاوض واضحة.
- تعامل الوفد خلال التفاوض على مبدأ ردات الفعل والدفاع أكثر مما تعامل على أساس المبادرة والهجوم، وظهر ذلك جلياً في ملف مكافحة الإرهاب الذي طرحه النظام وملف المعتقلين
- وظيفياً لم يكن الوفد فنياً ولا مهنياً كحضور ولا كأداء، ولم يضم تمثيل كافي من الخبراء العسكريين في الجولة الاولى (ممثل واحد عن هيئة الأركان) والدبلوماسيين (دبلوماسي واحد)، ولم يقدم ملفات مهنية، ولم يرتقي خطابهم في بعض الأحيان إلى أسلوب التفاوض الحرفي
- حرص الوفد بتشكيله على التوزع الطائفي والعرقي على حساب النوع والخبرة الفنية
- التعامل مع الورقة المطروحة من قبل النظام بشكل خاطئ
- وفد المعارضة من أصحاب توجه معين داخل الائتلاف ولم يكن يمثل قوى الحراك والثورة في الداخل من المدنيين والعسكريين
10. غياب المرجعية (وثائق الائتلاف، الإطار العام للحل السياسي) دلّ على الارتجال خلال عملية التفاوض.
أما عن قيام الوفد المفاوض بالخطوات التالية في الجولة الثانية:
1) تشكيل وفد المعارضة لغرفة عسكرية استشارية بمشاركة 18 مجموعة مقاتلة على الأرض (حتى الان لا يعرف من هي هذه المجموعات وما هو وزنها الحقيقي).
2) رهانه على الموقف الروسي وقدرته للدفع بحل الأزمة باتخاذها موقف ايجابي لإنهاء العنف وبناء مرحلة انتقالية في سورية
3) تركيزه على أن هناك 12 مجزرة ارتكبها النظام في الفترة الأخيرة بينها 8 بريف حماة
4) معاودته الحديث عن وقف العنف والإرهاب وتقديمه أدلة على العلاقة بين النظام وداعش وتركيزه على أن إرهاب النظام وعنفه ضد شعبه وقتل المعتقلين تحت التعذيب،
5) تقديمه لتقارير موثقة حول تصعيد النظام عنفه خلال المفاوضات ووثيقة بأسماء 1805 شهداء سقطوا في قصف النظام بالبراميل منذ بدء المؤتمر ،وتقارير موثقة من منظمات حقوقية دولية عن التعذيب والقتل والإخفاء القسري وهدم الأحياء والمدن في سورية
فما هو إلا تأكيداً على أن الائتلاف عمل على استدراك أخطاء كان من المفترض أن لا يقع بها في الجولة الأولى، وأن استدراكه لذلك أتى من حرص الثوريين غير الموجودين بجنيف، والذي استبعدهم الائتلاف بطريقة دراماتيكية وأنه بحاجة إلى المراجعة الدقيقة والعميقة لآليات عمله ووظيفته.
ملاحظات على الأداء الإعلامي
- غياب التنسيق وعشوائية التصريح والظهور الإعلامي مما يدل على غياب خطة إعلامية مجهزة واضحة المعالم؛
- التردد والتناقضات السياسية والوقائعية في خطاب المتحدث الرسمي باسم الائتلاف السوري؛ تناقض الصافي في تصريحاته: تارة برر دوافع قتال جنود داعش و ذلك دفاعا عن النفس و تارة وصفهم بأنهم عملاء تابعين للنظام؛وتلكؤ الصافي فيما يخص مهام الأتتلاف الأساسية والهامة (عدم وجود قائمة مجهزة بأسماء المعتقلين، عدم وجود أدلة وإثباتات على جرائم النظام الانسانية)؛افتقاده إلى قوة الخطاب.
- مقارنةً مع الوفد الإعلامي للنظام فإن الوفد الإعلامي الخاص بالمعارضة بدا هزيلاً كماً ونوعاَ؛ كان هناك تغيب واضح في الإعلام الخاص بالمعارضة السورية مع ظهور تنافس كبير من الوفد الإعلامي لنظام الأسد فقد أقدم على تجهيز جيش إعلامي بعتاده الكامل إلى جنيف2.
- غياب عناصر القوة الحقيقية في الخطاب الرسمي للمعارضة، خطاب الجربا رغم جودة مضمونه إلا أنه أغفل نقاط قوة كانت ستغني حالة الإقناع السياسي والدبلوماسي كملف الكيماوي والتقارير الموثقة عن انتهاكات حقوق الإنسان بالأرقام والصور؛
- غياب التنسيق المسبق والموازي لانعقاد المؤتمر مع باقي مكونات الصف الإعلامي للمعارضة بشكل عام؛
- الاعتماد على كوادر شركة إعلامية بريطانية (حادثة جهاد بلوط)، واستبعاد الكوادر الإعلامية في المكتب الإعلامي للائتلاف وتجاهله لنداءات من ناشطين إعلاميين في الثورة؛
- لم يُعر اهتماماً كبيراً للتواصل مع وسائل الإعلام الغربية بل ركز على العربية منها في حين كان عليه أن يستثمر وجوده في جنيف لمخاطبة الرأي العام الغربي بشكل مدروس .
خطاب الجربا:
فقد الخطاب نقاط مفصلية بحياة الثورة:
- عدم ذكر مجازر الكيماوي؛
- لم يتم ذكر تجاوزرات روسيا أو حتى إدانتها بتقديم الدعم المادي و العسكري على أرض سوريا.
مشكلة الإلقاء:
- القراءة الخاطئة للخطاب مثل الوقوف قبل إتمام معنى الجملة مما يضعف من قوة الجملة؛
- تلكؤ الجربا أثناء القراءة.
أضغط هنا ( قراءة في الجولة الأولى لمؤتمر جنيف 2 النسخة النهائية )