في إطار العودة الطوعية للنازحين السوريين، التي ينظمها الأمن العام اللبناني، وفي حضور مراقبين من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، غادرت دفعة جديدة من النازحين أمس من بلدة شبعا قدرت بأكثر من 900 شخص من مختلف الأعمار، بالتوازي مع دفعة أخرى بلغت 134 نازحاً من البقاعين الأوسط والغربي الى منطقتي الزبداني وبيت جن في سورية.
وكان النازحون السوريون الى شبعا وباقي قرى العرقوب بدأوا بالتجمع في باحة الثانوية الرسمية في شبعا عند السادسة صباحاً، استعداداً للعودة الى قراهم عبر 35 حافلة كبيرة أمنتها الدولة السورية، وكانت تصل تباعاً الى المنطقة.
وقبيل عملية الانطلاق التي تأخرت ساعات عدة، دقّق الأمن العام بأسماء العائدين عبر لوائح أعدت سابقاً، في ظل انتشار للجيش اللبناني والقوى الأمنية في الثانوية ومحيطها. فيما وضعت فرق من وزارة الصحة لتلقّي الأطفال لقاح شلل الأطفال، إضافة الى سيارات إسعاف تابعة للصليب الأحمر اللبناني.
وكان الأمن العام الذي أكمل الاستعدادات اللوجستية عند معبر المصنع الحدودي لعبور قوافل النازحين، حدد نقطتي تجمع للعائدين في ساحة ثانوية شبعا، وساحة مركز المصنع، حيث سلكت قافلة شبعا طريق شبعا – راشيا – المصنع اللبناني لتلتقي بتجمع نازحي البقاعين الغربي والأوسط في ساحة المصنع لتنطلق قافلة واحدة بعد انتهاء إجراءات الأمن العام والتحقق من تطابق أسماء المغادرين على الجداول.
وعبّر نازحون عن فرحهم بعودتهم الى وطنهم، شاكرين لبنان وسورية واللواء ابراهيم. وقال نازح من الزبداني: «راجعين برعاية سورية، وعن طريق الأمم المتحدة. وقالوا لنا هناك ضمانات والأمور جيدة». وشكر آخر «الشعب اللبناني الذي تحملنا كل هذه المدة».
وقال ثالث: «بدأت أشعر بأن الروح عادت لي اليوم. لا أحد يرتاح خارج بلده… الغربة صعبة».
وتفقد النائب قاسم هاشم النازحين في ثانوية شبعا، ووقف على معاناتهم ومشكلاتهم، ودعا الجهات المعنية اللبنانية الى «إيلاء عودة النازحين الاهتمام الأكبر للتسريع في هذه العودة»، كاشفاً عن «قوافل جديدة للعائدين خلال الأيام والأسابيع القليلة المقبلة». ودعا الحكومة اللبنانية الى «خطوات عملانية أكثر فعالية، وتشكيل لجان من خلال المبادرة الدولية التي تقودها روسيا والهادفة الى عودة منظمة للنازحين، وعلينا تقديم كل التسهيلات لإنجاح خطوة العودة».
وأكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، خلال جولته في مركز انطلاق النازحين في شبعا، «العودة الآمنة للنازحين الى بلدهم، وأن الأمن العام سيواصل مهماته في إعادة النازحين».
وكان اللواء ابراهيم وصل في شكل مفاجئ الى بلدة شبعا، حيث أشرف مباشرة على عودة النازحين من شبعا والقرى المحيطة الى سورية، وجال بين النازحين مستمعاً الى حاجاتهم. وشكره النازحون على اهتمامه بعودتهم الى قراهم وكل ما يعانونه من مشاكل.
وأعلن ابراهيم أن عملية العودة «تسير في شكل جيد وكل النازحين الذين يعودون الى سورية يشجعون من لم يعد بعد من لبنان الى العودة»، وطمأن الى أنه «لم يتعرّض أحد من النازحين العائدين الى مشاكل مع السلطات السورية التي وافقت مسبقاً على كل العائدين بالأسماء»، موضحاً أن «الذين تتأخر عودتهم ممن يريدون العودة، لديهم مسائل عالقة في بعدها الأمني والقضائي في سورية، وتقوم السلطات السورية بتسوية أوضاعهم، ولا يتعلّق موضوع هؤلاء بالحريات والرأي السياسي. هناك عدد كبير من النازحين أرسلنا أسماءهم، ونحن بانتظار الموافقة على عودتهم». وأشار ابراهيم الى أن «الآلية التي يتبعها الأمن العام في إعادة النازحين، هي التي سيتم العمل عليها مع روسيا«، ولفت الى أنه «بحسب الخطة الروسية، ستشمل العودة مئات الآلاف من النازحين السوريين الى وطنهم».
وإذ نفى «تعرض بعض النازحين لمشاكل أمنية»، أوضح أن هناك «حالة واحدة قتل فيها سوري عائد الى قريته، لكن خلفيتها ثأرية في منطقة تحكمها عقلية العشائر، ولم يتعرض أحد من النازحين العائدين للتوقيف من قبل السلطات السورية».
ودعا النازحين الى «التوجه بكثافة الى مراكز الأمن العام في كافة المناطق اللبنانية لتسجيل أسمائهم، ومن جهتنا نسعى دائما لتسهيل عودة آمنة للجميع، كما نعمل على حل أية إشكالات تواجههم مع السلطات السورية حتى يعود هؤلاء بكل راحة وطمأنينة».
الحياة