فشلت فصائل إدلب في التوصل إلى اتفاق يقضي باندماجها في إطار «الجبهة الوطنية للتحرير»، وتأتي المشاورات استكمالاً للطلب التركي الذي جرى قبل أسبوعين في أنقرة، بحضور كل من: العقيد فضل الحجي، القائد العسكري لفيلق الشام، ومنذر سراس، المسؤول السياسي لفيلق الشام، وتوفيق شهاب الدين، قائد حركة «نور الدين الزنكي» وحسن صوفان، قائد حركة «أحرار الشام» الإسلامية، والرائد جميل الصالح، قائد جيش العزة، وأحمد عيسى الشيخ، قائد «صقور الشام» وأبو صالح طحان قائد «جيش الأحرار». فيما استبعد كل من الرائد محمد منصور، قائد جيش النصر، والمقدم صهيب ليوش، قائد جيش إدلب الحر، والنقيب محمد حاج علي، قائد الفرقة الساحلية الأولى، على اعتبار انهم اندمجوا في «الجبهة الوطنية للتحرير» سابقا. وغاب عن قائمة المدعوين الفصائل الأصغر، وهي الفرقة الساحلية الثانية، الفرقة الأولى مشاة، الجيش الثاني جيش النخبة، شهداء الإسلام ـ داريا، لواء الحرية، والفرقة 23 للسبب ذاته. وعلمت «القدس العربي» أن المجتمعين اتجهوا إلى تعيين أحمد عيسى الشيخ «أبو عيسى» مسؤولا مدنيا لـ«الجبهة الوطنية للتحرير» في إدلب، إلا أن الخلافات تجاوزت تعيينه، وتركزت على مناقشة عضوية المكتب السياسي والقيادة العسكرية، والتي يشترط «فيلق الشام» أن تنحصر عنده، فيما يتنازل عن باقي المناصب. وهو ما لقي استهجاناً كبيراً من «أحرار الشام» وحركة «نور الدين الزنكي» على وجه الخصوص.
وترغب أنقرة في لملمة فرقة الفصائل قبل انعقاد مؤتمر أستانة 10 في سوتشي يومي 30 و31 تموز (يوليو) الجاري.
ويرأس الوفد العسكري للمعارضة، الدكتور أحمد طعمة، رئيس الحكومة المؤقتة السابق. ويشارك الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، بصفة استشارية.
ويترافق مؤتمر أستانة 10 مع تعزيز تركيا لنقاط مراقبتها شرق إدلب في تل الطوقان، والصرمان. فيما تعزز قوات النظام خط جبهتها في منطقتي التركمان والأكراد غرب مدينة جسر الشغور.
وقالت وكالة «سبوتنيك « الروسية، أن الجيش السوري أنهى استعداداته العسكرية واللوجستية لبدء هجوم بري واسع من عدة محاور لتأمين كامل ريف اللاذقية الشمالي والشرقي المتاخم لريف جسر الشغور الغربي.
وأخاف التهديد الذي نقلته الوكالة، المجلس الوطني التركماني، الذي يعتبر المرجعية السياسية للتركمان السوريين، وحذر المجلس من خسارة منطقتي الباير والبوجاق في جبل التركمان، وأضاف في بيان الأربعاء الماضي، في حال فقدان المنطقتين «سينتهي الوجود التركماني الذي يمتد لأكثر من ألف عام في عمق التاريخ في المنطقة، وسيشكل هذا خطرا على منطقة درع الفرات وغصن الزيتون (عفرين)، وخطرا إرهابيا وأمنيا كبيرا على الساحل الجنوبي لتركيا وعلى رأسها مدينة هاطاي التركية».
ورغم نشر الجيش التركي نقطة المراقبة العاشرة في جبل التركمان، والثانية عشرة جنوب جسر الشغور، فان القلق من قيام عملية عسكرية موجود وتتخوف من الفصائل، وما يرفع احتمالية قيام تلك العملية المحدودة هو الهجوم المستمر بالطائرات المسيرة عن بعد «الدرون» محلية الصنع على القاعدة الجوية الروسية والتي تتخذ من مطار حميميم العسكري مقرا رئيسيا لها منذ تدخل موسكو في الحرب إلى جانب النظام نهاية أيلول (سبتمبر) 2015. ولتأمين مطار حميميم من خطر تلك الهجمات فعلى روسيا إبعاد فصائل المعارضة من ما بقي من جبل الأكراد تحت سيطرتهم، وهذا يتطلب السيطرة على الكبانة والأكراد والسنديانة ودوير الأكراد، وجبل حلوز وكفردين، بمعنى آخر إبعاد المعارضة وحصرها في جسر الشغور، والسيطرة على كامل الجبال المتبقية جنوب اوتستراد حلب ـ اللاذقية الجديد.
ويعزز الشكوك، حول مستقبل سهل الغاب ابتعاد نقطتي المراقبة 11 في شير مغار شمال قلعة المضيق، والنقطة 12 جنوب جسر الشغور احتمالية عمل عسكري للنظام السوري يكمل فرضية التقدم جنوب غرب جسر الشغور، يربط النظام تلك المناطق ببعضها دون إثارة غضب تركيا والاقتراب من جسر الشغور.
حسب الإحداثيات والمعلومات المتوفرة، يستبعد قيام النظام بعمل عسكري واسع في إدلب، وسيبقى محدودا بالشكل الذي يراه الروس هذه المرة. وعلى تركيا العمل على تقديم وإنضاج مقترح أكثر إقناعا للروس، ربما يكون الإعلان عنه غير بعيد بانتظار انتهاء اجتماعات استانة 10.
ان توحيد الفصائل هو الأولوية القصوى لأنقرة الآن، تهدف من خلاله إلى ضبط قرارها السياسي بالالتزام بحل التسوية والمصالحة على الطريقة الروسية وان كان بخلاف ما حصل في الجنوب، بسبب وجود تركيا.
ويتوجب على «الجبهة الوطنية للتحرير» القضاء على الفصائل المتطرفة بما يخفف المخاوف الروسية من وجود «الإرهابيين» في إدلب. ومن المتوقع أن تدخل «الجبهة» حربا ضد الفصائل المتشددة جنبا إلى جنب مع هيئة «تحرير الشام» بما يخفف من عدد المقاتلين الأجانب ويقضي عليهم.
ويعتبر فتح طريق حلب ـ دمشق أحد أبرز الأولويات بالنسبة للنظام وروسيا، ويبرز كحاجة اقتصادية لتركيا نفسها، التي توقفت صادراتها التي تنقل عن الطريق البري بشكل يومي إلى دول الخليج العربي. حيث تقوم فصائل «الجبهة الوطنية» بحمايته من خلال مخافر منتشرة على كامل الطريق بمسافات قريبة تضمن عدم التعرض للمسافرين والآليات أو إعاقة حركتها مطلقا، ما يعني اشغال أعداد كبيرة من المقاتلين بحماية الطريق على مدار الساعة.
وتظل مسألة إعادة مؤسسات الدولة، تحصيلا حاصلا تنتهي مع الوقت من خلال ربط المجالس المحلية بوزارة الإدارة المحلية، والدخول بانتخابات تعطى فيها المعارضة هامشا كبيرا، مع عودة باقي المؤسسات الخدمية والتعليمية والصحية، فيما تتحول «الجبهة الوطنية» إلى قوات شرطة محلية ينزع سلاحها الثقيل والمتوسط وتتحول مع الوقت إلى شرطة مجتمعية منزوعة السلاح، تشرف عليها تركيا وتسلم مع الوقت إلى وزارة الداخلية لدى النظام.
كل تلك المقترحات والنقاشات لن تبدأ قبل فرض الاندماج على فصائل إدلب كلها. ولعل الفصائل نفسها تستعجل تحقيقه خشية ملاقاة مصير درعا.
القدس العربي