عشية اجتماع زعماء ضامني «أستانة» روسيا وتركيا وإيران، عوَّلت المعارضة السورية على القمة التي تستضيفها طهران لتجنيب محافظة إدلب (شمال غربي سورية) عملية عسكرية تثير تحذيرات دولية وحقوقية.
وقال القائد العام لحركة «تحرير الوطن» فاتح حسون إن القمة «سترسم ملامح الحل العسكري والسياسي في إدلب». وأشار في تصريح إلى «الحياة» إلى «سيناريوات عدة، قد لا توافق مصالح الثورة، لكنها يمكن أن تجنب إدلب الهجوم برضا جميع الأطراف»، محذراً من أن «بعض القوى الدولية تحاول تعطيل التوصل إلى تفاهمات بين ضامني آستانة». وأوضح أن من الحلول المناسبة لمنع المعركة «استمرار الجهود التركية لإخلاء إدلب من التنظيمات المصنفة إرهابية، وتفكيكها بالطرق المناسبة. كما يمكن وضع سهل الغاب وجسر الشغور ومناطق معينة من حماه تحت النفوذ التركي وإشراف أنقرة على الأوضاع الأمنية والعسكرية داخل إدلب، مع انتشار عناصر الشرطة العسكرية الروسية من دون تواجد عسكري للنظام.» وزاد: «إضافة إلى ذلك، تتولى تركيا السيطرة على السلاح الثقيل الذي تملكه فصائل الجيش الحر. وفي المقابل، يمكن أن تشرف روسيا على إدخال مؤسسات النظام المدنية الى المناطق المحررة في إدلب، وتتولى مع إيران فتح المعابر باتجاه المناطق المحررة والإشراف عليها، فيما تتولى تركيا فتح المعابر باتجاه مناطق النظام وتشرف عليها». وأعرب حسون عن اعتقاده بأن «تركيا سوف تتعهد بمسؤوليتها عن أي هجمات تتعرض لها القواعد الروسية في حميميم مصدرها الأراضي المحررة، في حال وافق الطرفان الضامنان على هذا السيناريو، وتتعهد أيضاً بضمان أمن الاوتستراد الممتد من معبر باب السلامة وحتى مورك بالمشاركة مع روسيا». وأوضح أن «تركيا تنطلق في مقارباتها للوضع في إدلب من محددين؛ أمني، في ظل وجود حدود طويلة مع مناطق الصراع في سورية، وتم تأمينه جزئياً بتفاهمات مع واشنطن وموسكو، إضافة إلى آخر يتعلّق بالوضع الإنساني ويتلخص في ضمان عدم حدوث موجات نزوح قوية في اتجاه الحدود التركية وما يترتب عليه من أعباء اقتصادية وإنسانية مباشرة»؟ وخلص إلى أن «تركيا ستلقي بثقلها لمنع حدوث أي عملية عسكرية مع الأخذ في الاعتبار الوجود التركي في ادلب وغيرها من المناطق من خلال نقاط المراقبة العسكرية». وأكد حسوّن أنه «لم ترشح أي خارطة طريق عن الاجتماعات الأمنية بين تركيا وروسيا» التي عقدت خلال الأسبوع الجاري، مشيراً إلى أن «نتائج هذه الاجتماعات ستظهر في مخرجات وتوصيات القمة والتي لا يمكن التكهن بنتائجها في ظل هذا الحراك الدولي المتناقض المصالح»، محذراً من أن الولايات المتحدة «قد تلجأ إلى خلط الأوراق لتعطيل التوصل إلى تفاهمات في قمة طهران لضمان مصالحها ومصالح حلفائها في الحلول السياسية». وأوضح أن «واشنطن منحت عملياً موسكو ضوءاً أخضر في قصفها الأخير، وتذهب إلى تشجيعها على مزيد الضربات في إدلب لتعطيل التفاهمات».
في غضون ذلك، حض الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، المجتمع الدولي على «التعامل بجدية مع الوضع في إدلب، ومنع أي جريمة في حق المدنيين، عبر الالتزام باتفاق خفض التصعيد» الموقع بين ضامني آستانة. وحذر من «تهاون الأطراف الفاعلة تجاه المستجدات، خصوصاً حماية المدنيين»، داعياً إلى «ممارسة الضغوط اللازمة، وإرسال رسالة حازمة ترفض أي مبررات أو مسوغات لخرق اتفاق خفض التصعيد والتلاعب به». وطالب بـ «تحرك فوري تجاه هذا التصعيد، والعمل على إصدار قرار عاجل يدين جرائم روسيا باعتبارها طرفاً معتدياً على الشعب السوري، ويطالبها بوقف عدوانها، متخذاً الإجراءات الكفيلة بوقف جرائمها وجرائم النظام».
ويعلق مقاتلو المعارضة السورية، الذين يستعدون لمعركة إدلب، آمالهم على حليفتهم تركيا في التدخل لدى روسيا ومنع هجوم شامل قد يوجه ضربة أخيرة إلى انتفاضتهم المستمرة منذ سبع سنوات. وقال مصطفى سيجري، وهو قائد في «الجيش السوري الحر» يستعد للهجوم: «ندرك حجم الانتقام والمجازر التي سوف تحصل في حقنا إن تمكن النظام والشبيحة من رقابنا». وزاد: «سيذبحوننا… لذلك المعركة المقبلة هي أن نكون أو لا نكون»، فيما قال محمد رشيد، وهو مسؤول آخر في المعارضة: «لا توجد إدلب ثانية ننطلق إليها… إما نموت في المنطقة أو نقاوم حتى ننتصر ونبقى».
ويعد تحالف «تحرير الشام» الفصيل المتشدد الأقوى في إدلب، ويقوده الجناح السابق لتنظيم «القاعدة» في سورية الذي كان يعرف بـ «جبهة النصرة».
ويقول مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» و «الجيش السوري الحر» إنهم نحوا خلافاتهم جانباً لمواجهة عدوهم المشترك وهو الحكومة السورية. وقال رشيد إن الجيش السوري الحر «يكثف تدريب مجندين جدد لإرسالهم إلى الخطوط الأمامية».
الحياة