شهدت مدينة البوكمال في محافظة دير الزور شرقي سوريا، وفق مصادر إعلامية، اجتماعاً أمنياً ضم قيادات من الحرس الثوري الإيراني، وضباطاً من الجيش الروسي، وذلك بعد التطورات الأخيرة في المحافظة والتي كان آخرها تراجع الميليشيات الإيرانية عن بعض المواقع الهامة لصالح روسيا، وتكثيف إيران لتواجدها في المناطق الملاصقة للحدود السورية – العراقية.
كما أعلنت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري، الثلاثاء، أن وفداً يضم ثمانية وزراء يرأسهم رئيس حكومة النظام عماد خميس، يزور محافظات دير الزور والرقة لبحث إقامة مشاريع فيها، ويمثل أعضاء الوفد وزارات (النفط، والأشغال، والكهرباء، والموارد المائية، والإدارة المحلية، والزراعة، والتربية، والتعليم العالي) وسبق زيارة وفد النظام السوري الرسمية، قيام قواته العسكرية على مدخل مدينة البوكمال، بافتتاح مدرسة في المدينة حملت اسم باسل الأسد، شقيق رئيس النظام.
شبكة «الفرات بوست» المختصة بأخبار دير الزور، ذكرت أن الإجتماع عُقد بين الجانبين الروسي والإيراني في أحد المقرات العسكرية للحرس الثوري الإيراني في «حي الجمعيات» بمدينة البوكمال، وترأس الوفد الإيراني المسؤول العام للحرس الثوري في المنطقة «الحاج سليمان». وهدف الإجتماع وفق المصدر، بلورة آلية عمل مشتركة وجديدة بما يخص مدينة البوكمال في ريف دير الزور والريف التابع لها، وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع من قيام الحرس الثوري بسحب ميليشياته كافة المساندة للنظام السوري من مدينة «الميادين» وبلدة «محكان»، لصالح تمركز قوات من الجيش الروسي.
من جانبه رأى العميد أحمد رحال بأن روسيا لديها عناوين عريضة في سوريا، ومن أهمها عدم رغبتها بإجراء ضغوط على إيران أو دفعها للانسحاب من المشهد السوري، وأن ما يجري بين الجانبين هو عمليات تنسيق وترتيب أوراق السيطرة. وقال رحال لـ «القدس العربي»: روسيا لا تملك قوات مشاة على الأرض السوري، ووجود قوات لإيران يدعم للروس منجزاتهم خلال السنوات الماضية، وإن إخراج القوى الإيرانية من سوريا، هي خطوة لن تقدم عليها موسكو دون الحصول على مقابل له.
وفد وزاري للنظام يزور محافظتين شمال شرقي سوريا
وما يجري اليوم بين روسيا وإيران في دير الزور، هو خلافات حول السيطرة، فالدفاع الوطني يتبع للروس، والميليشيات التابعة لـ»نواف البشير» موالية لإيران، فالإجتماع الأخير بين الطرفين في البوكمال السوري هو لتريتب مناطق النفوذ والانتشار. ويرمي الحرس الثوري، وفق العميد رحال، إلى تعزيز وتثبيت قواعده في الممر الإيراني على الحدود السورية – العراقية، وأن البوكمال تحظى باهتمام واسع بالنسبة لهم في هذا الإطار. كما يعمل الحرس الثوري، وفق مصادر سورية معارضة على توطيد نفوذه في محافظة دير الزور وصولاً إلى الحدود السورية العراقية، بوسائل وطرق متعددة عسكرية ودينية وثقافية.
وقال المحلل العسكري والسياسي محمد بلال العطار لـ»القدس العربي»: في دير الزور، لدينا أربعة مشاهد ومخططات دولية، وهي روسيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية والنظام السوري، والقاسم المشترك بينها هو الحفاظ على تواجدها العسكري لأطول فترة ممكنة إن لم نقل دائمة في المنطقة الغنية نفطياً من سوريا.
واعتبر العطار، أن الاجتماع الأمني بين روسيا وإيران، هو البدء بإستغلال المنطقة النفطية بأكبر طاقة ممكنة، وهذا يمكن ترجمته من خلال زيارة وفد النظام للرقة ودير الزور عبر البوابة الاقتصادية وإعادة الإعمار، فكلا القوتين العسكريتين، تريد تعويم الأسد على الواجهة الدولية مقابل تنفيذ أجنداتهم الخاصة في الخفاء، والحراك الأخير لقيادات الحرس والضباط الروس، يحوم حول تقاسم الثروات النفطية، ووضع قواعد جديدة قبيل انتهاء التحالف الدولي وقوات قسد من انهاء ملف التنظيم من ريف دير الزور.
على صعيد التطورات العسكرية شرقي سوريا، فإن تنظيم «الدولة» يخوض حرباً قاسية ويعمل على تغيير خططه العسكرية بعد انحسار الرقعة الجغرافية التي باتت تحت حوزته، ففي ريف دير الزور الشرقي، وهو أحد أهم الجيوب التي باتت محاصرة من قبل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي، اتبع التنظيم «حرب الإستدراج» للقوى المهاجمة، بهدف تحييد مقاتلات التحالف الدولي عن التدخل. وتحدثت شبكة «الفرات بوست» بأن قيادة الصف الأول في التنظيم، أصدرت تعليمات لأنصارها في ساحة المواجهة بالإنتقال إلى مرحلة «الإستدراج»، وكذلك تكثيف البلاغات الكاذبة التي تتحدث عن زراعة العبوات الناسفة في المنطقة الساخنة، بالإضافة إلى تجنب المواجهة مع قوات سوريا الديمقراطية ضمن قواعد الأخير المحصنة، والمطالبة بتنشيط ما يعرف بـ «الخلايا النائمة» لضرب القـوات المهاجـمة بمـواقع أخرى.
من جانبه، أعلن «مجلس دير الزور العسكري» التابع لـ «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، السيطرة على 80 بالمئة من بلدة السوسة قرب مدينة البوكمال (120 كم جنوب شرق مدينة دير الزور) شرق سوريا. وقالت مصادر إعلامية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية بأن الأخيرة سيطرت على أجزاء واسعة في بلدة السوسة، وسط غارات جوية تنفذها مقاتلات التحالف الدولي على المنطقة. كما قتلت قوات سوريا الديمقراطية، أمس الثلاثاء، القيادي في تنظيم الدولة «ياسر الرفدان»، بعد محاولة مجموعة من التنظيم اغتيال عناصر من «قسد» في ريف دير الزور الشرقي.
القدس العربي