خطفت اشتباكات بين القوات الأميركية من جهة وموالين للنظام السوري من جهة ثانية في شرق الفرات، الأنظار التي كانت مركزة على الاشتباكات بين الجيش السوري والتركي في إدلب وحلب والتوتر بين موسكو وأنقرة.
حصلت المواجهات صباح اليوم (الأربعاء) خلال «مرور بطريق الخطأ» لدورية للجيش الأميركي الذي يقود التحالف الدولي بالسيطرة على قسم واسع من شرق الفرات في قرية خربة عمو جنوب شرقي مدينة القامشلي والخاضعة لسيطرة قوات موالية للنظام، وانتهت لدى استهداف الطيران الأميركي للمنطقة بغارة جوية ما أتاح خروج الآليتين الأميركيتين المحتجزتين من القرية، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
صحيح أنها ليست المواجهة الأولى شمال شرقي سوريا، بين موالين لدمشق وواشنطن منذ انخراط التحالف الدولي في سوريا في 2014. لكنها تتضمن خمسة عناصر جديدة، هي:
1 – في مايو (أيار) 2017، قصف الجيش الأميركي المتمركز في قاعدة التنف في زاوية الحدود السورية – العراقية – الأردنية موالين لدمشق حاولوا الاقتراب منها. وفي يونيو (حزيران) 2017، أسقطت مقاتلات أميركية طائرة سورية انخرطت في معارك شرق الفرات ضد حلفاء واشنطن في «قوات سوريا الديمقراطية». في كلتا الحالتين، كانت واشنطن تريد الدفاع ورسم «خطوط حمراء» بحماية قواتها وفرض التزام اتفاق «منع الصدام» الذي أقر بين الجيشين الأميركي والروسي في منتصف 2017.
ويعتبر احتكاك اليوم (الأربعاء) الأول بين الطرفين، بقرار واشنطن حماية الدوريات التي تسيرها يومياً لرسم مناطق النفوذ الجديدة شرق الفرات وليس مواقع أو حلفاء لها في «قوات سوريا الديمقراطية».
2 – إنه الاحتكاك الأول منذ قرار الرئيس دونالد ترمب في بداية العام الجاري الإبقاء على قواته في الشريط الشرقي في موازاة حدود العراق في مناطق شرق الفرات، عندما قرار تعزيز الوجود بدوريات ومعدات لـ«حماية النفط» مع خفض عدد العناصر.
3 – يتزامن هذا الاحتكاك مع زيارة المبعوث الرئاسي الأميركي للملف السوري جيمس جيفري إلى أنقرة لإجراء محادثات مع الجانب التركي، حيث عبر باللغة التركية عن دعم تركيا العضو في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) وسط اشتباكات مع قوات النظام في إدلب قتل فيها 13 جنديا تركيا وتوتر مع روسيا على خلفية الهجوم السوري الروسي على شمال غربي البلاد. ولوحظ قيام الجيش التركي بحشد قوات واليات شمال غربي سوريا بالتزامن مع استئناف المحادثات الروسية – التركية في موسكو إزاء مستقبل إدلب.
4 – سارعت وسائل الإعلام الرسمية السورية على تبني الهجوم، إذ أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن «حاجز الجيش أوقف أربع عربات تابعة لقوات الاحتلال الأميركي كانت تسير على طريق السويس – علايا – خربة عمو إلى الشرق من مدينة القامشلي وعندها تجمع مئات الأشخاص عند الحاجز من قريتي خربة عمو وحامو لمنع عربات الاحتلال من المرور وإجبارهم على العودة من حيث أتوا. وقام جنود الاحتلال الأميركي بإطلاق الرصاص الحي والقنابل الدخانية على الأهالي ما تسبب بمقتل مدني من قرية خربة عمو وإصابة آخر من قرية حامو». وتابعت أن «الأهالي أعطبوا أربع عربات من قوات الاحتلال».
5 – إنها أول حادثة منذ اغتيال أميركا لقائد «فيلق القدس» في «الحرس الإيراني» قاسم سليماني في بداية الشهر الماضي في بغداد وحديث عن نية طهران الانتقام من الأميركيين شرق الفرات وتجنيد عشائر ضد التحالف ووجود تنسيق بين دمشق وطهران إزاء ذلك. ولوحظ أن ميليشيات إيران انخرطت في الهجوم الأخير على إدلب.
الشرق الأوسط