تخطف الاستعادة السريعة للعلاقات الأردنية السورية، وعلى أكثر من صعيد، أضواء الإعلام. وبدأت حتى منصات التواصل الاجتماعي الأردنية والسورية تنتبه إلى جانب من البهجة الشعبية والنخبوية لعودة العلاقات بشكل سريع.
في الوقت نفسه، يحذر خبراء ومختصون من استبدال استعادة العلاقات ببطء وبطريقة منطقية بخطاب على أساس التسرع وليس التسارع، فيما يبدو أن زيارة وفد وزاري سوري يتشكل من عدة وزراء معنيين في قطاع الخدمات قدم مساهمة فعالة وسريعة جداً في إعداد سلسلة طويلة وكبيرة من البروتوكولات التي يفترض، وبقرار من الإرادة السياسية في البلدين، أن تدخل فوراً حيز التنفيذ.
الموقف من بشار الأسد… تسريع أم تسرع؟
عبر الأكاديمي والباحث الأردني الدكتور زيد النوايسة، عن تلك المشاعر الاجتماعية العامة، مرحباً بعودة العلاقات قال بحضور «القدس العربي» وعلى هامش لقاء تلفزيوني، بأنها «لم تنقطع أصلاً» طوال الوقت، وإن تعرضت للعديد من الهزات والضغوط.
وتتسارع عملية استعادة العلاقات الأردنية السورية لطبيعتها وبأجندة وسقف زمني متسارع أيضاً وسط حالة من الحيرة والغموض تحيط بالجملة والإيقاع في ترتيب العلاقات السياسية ثم المرجعية، ولاحقاً الأمنية والعسكرية، إلى حين الوصول إلى محطة علاقات بيروقراطية الطابع، حيث قضى أياماً عدة ثلاثة وزراء على الأقل ووزير سوري رابع، في نقاشات مستفيضة مع نظرائهم في الأردن، انتهت على الأرجح بترتيبات أدهشت جميع الأطراف وسبّبت مفاجأة قد تكون إيجابية للشارع في البلدين، وقد تكون متسارعة أو متسرعة بالنسبة للمراقبين السياسيين.
وبشكل سريع، في عمان تم الإعلان عن استئناف رحلات الملكية الأردنية، وهي خطوط الطيران الرسمية للمملكة الأردنية، إلى مطار دمشق، اعتباراً من الثالث من الشهر المقبل، ويبدو أن القرار له علاقة بلقاء خاص بين وزيري النقل في البلدين وعلى أساس استعادة الرحلات الجوية، بمعنى فتح الآفاق أمام تبادل سياحي شعبي بين الجانبين، وإزالة الكثير من التعقيدات الأمنية والبيروقراطية التي كانت تحول دون تبادل الزيارة بين الأردنيين والسوريين، وهو ما أعلنته إدارة المعابر في الداخلية الأردنية عندما أشارت إلى أن الأردني يستطيع زيارة سوريا اليوم بصورة فردية أو جماعية دون الحاجة إلى الإعلام والحصول على الموافقة مسبقاً.
يطرح الإعلان السياسي البيروقراطي هنا سؤالاً في غاية الأهمية: أين تلاشى الاعتبار الأمني المستمر من 10 سنوات بين البلدين؟
قبل الترتيب الجوي الأخير، تم الإعلان سابقاً عن عادة افتتاح وتشغيل مركز حدود جابر الكبير، ويبدو أن حركة الشاحنات والمواطنين والنقل بين البلدين عبر الحدود البرية ستعود إلى نشاط غير مسبوق، خصوصاً أن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، وفي جملة تحاول حث الأردنيين على الانفتاح على سوريا وزيارتها، أعلن من أربعة أيام بأن المواطن الأردني يستطيع زيارة دمشق دون الحصول على إذن مسبق، وهو تصريح حساس للغاية في البعد الأمني، ويوحي بأن السلطات في الأردن تريد من الأردنيين الانفتاح على أشقائهم في سوريا حتى في البعد الشعبي والاجتماعي .
والأهم أيضاً في البعد المتعلق بتبادل بروتوكولات زراعية وبحركة التجارة وبنمو الصادرات، إضافة إلى الرغبة في استقطاب سياح سوريين أو ما تيسر من السوريين الذين يستطيعون السفر أو يريدون السفر إلى عمان بعد قطيعة وظروف صعبة ومعقدة استمرت نحو 10 سنوات.
تعود الطائرات الأردنية محلقة إلى دمشق فجأة، وتفتح الحدود البرية، ويبقى رئيس الأركان السوري، علي أيوب، بضيافة نظيره الأردني يوسف الحنيطي، يومين. ثم يزور وفد وزاري رفيع المستوى الأردن، ويتم الاتفاق على تبادل حصص المياه واستشارات السدود، خصوصاً على حوض نهر اليرموك، وعلى تزويد الأردن بحصة من المياه وإعادة تشغيل خزانات وسدود المياه على الحدود بين الطرفين، والعوده لما كان عليه الأمر قبل عام 2011 .
العلاقات الأردنية السورية تعود بشكل سريع، وبشكل متسرع بالنسبة لبعض القراءات. وهي تعود براً وجواً، وحتى بحراً عبر التوافق على تشغيل سدود نهر اليرموك وبطريقة لافتة للنظر وفي سياق إرادة سياسية مباشرة بين قيادة البلدين على أساس الإسراع في استعادة العلاقات وتطبيعها، بمعنى المصالحة الشاملة.
وقد صدرت -حسب بعض منصات التواصل والمواقع الإلكترونية الإعلامية- من القيادة السورية توجيهات وتعليمات واضحة للسلطات السورية بعدم مضايقة أي زائر أو سائح أو شقيق أردني يزور سوريا، وبدأت فعلاً لجان الحريات الخاصة في عمان بنشاط مبكر على أمل استثمار اللحظة المواتية والعمل على الإفراج عن عشرات الأردنيين الموقوفين والمعتقلين بمحاكمة وبدون محاكمة في السجون السورية.
كل تلك التطورات لافتة ومباغتة، ومن المرجح أنها تحصل بضوء أخضر أمريكي يحاول المساعدة في فتح الأسواق السورية والفلسطينية أمام حركة التصدير الأردنية، مما قد يقود لاحقاً إلى حصول الأردن على ميزات خاصة تستثنيه من فعاليات قانون قيصر الأمريكي.
القدس العربي