العرض العسكري الذي أقيم في صحن مقام السيدة زينب في دمشق تأبيناً لأحد قادة حزب الله العسكريين “مصطفى بدر الدين” المتهم بقتل الشخصية العروبية السنية رفيق الحريري كان لافتاً فيه الحضور الإيراني المكثف متمثلاً بضباط من الحرس الثوري الإيراني والممثل الجديد لعلي الخامنئي في دمشق طابطابائي كما كان لافتاً فيه لغة التهديد التي أطلقها الخطباء من دمشق لأهل سوريا ودمشق بأن لديهم أكثر من بدر الدين وهم مصرون على المضي في تعزيز انتشارهم في مختلف مناطق البلاد وبأوجه متعددة.
إذا كان إشعال المناطق السكنية والجبهات من قبل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الطائفية التابعة لإيران هو العامل الحاسم في منع سقوط النظام قبل أكثر من عامين إلا أن استثمار إيران وحزب الله لمقام السيدة زينب من أجل طعن العروبة والإسلام من خلال هكذا عرض عسكري أقيم في قلب عاصمة الأمويين يسلط الضوء أكثر على أبعاد استراتيجية إيران المرتكزة على الحقد التاريخي ضد العرب والمسلمين الذي ترجمه آية الله الخميني بتصدير ثورته بمعنى احتلال بلاد العرب.
التسلل الإيراني ودور النظام
استراتيجية إيران الفارسية تلك كانت أخذت أبعاد أكثر عنفاً ودموية بعيد انطلاق الثورة السورية من خلال مشاركتها في قمع المظاهرات السلمية والتواجد المكثف في مختلف المناطق سيما مناطق العاصمة حيث بات الإيرانيون وميليشياتهم يتجولون بكثافة في الشام القديمة والسيدة زينب والمقامات ” الأخرى وهم يضعون شارات على بزاتهم العسكرية باللون الأصفر ومكتوب عليها “يا زينب ويا حسين” وما إلى ذلك.
في عهد الأسد الأب كان لسطوته وقوة قمعه خاصية إدارة العلاقة الاستراتيجية مع إيران فهو كان يراها حليفة له وداعمه لنظامه وحافظ على توازن العلاقة فكان يهتم أكثر بالتحالف مع السنة في الداخل خاصة طبقة التجار منهم بعد أن سيطر عليهم من خلال قمعه للإخوان المسلمين وأيضاً ربما أدرك خطر إيران بحكم دهائه فطريقة تفكيره تتطابق مع طريقة تفكير الإيرانيين الذين حاولوا بداية التسلل إلى المناطق التي تتواجد فيها الطائفة العلوية، مستغلين ما يعتبرونه تقارباً مذهبياً مع أبنائها، إلا أنه استشعر خطرهم عليه وخشي من ابتلاعهم لنظامه واتخذ سلسلة إجراءات داخل الطائفة العلوية وخارجها لضمان حراسة مملكته من توغل الإيرانيين الذي كان يعطيهم مايطلبون إزاء مصالحهم في البلاد الشيئ القليل ..وحصر أماكن تواجدهم في منطقة السيدة زينب التي سرعان ما شهدت ثراء فاحشاص من قبل الإيرانيين حيث استملكوا فيما فترة لاحقة وبشكل تدريجي العقارات المحيطة بالمقام.
حزب الله على خطى البرامكة لكن دون “رشيد”
في عهد بشار الأسد كان واضحاً الدور الذي قام به حزب الله في تغيير طابع العلاقة الإيرانية مع النظام الجديد وكان مشهد زيارة التهنئة التي قام بها حسن نصرالله للرئيس الجديد ذو دلالة كبيرة على هذا الدور، سيما وأنه قدم ومعه المئات من ” المجاهدين ” الذين يرتدون اللباس العسكري لتهنئته في بداية ولايته الأولى.
مما يذكر بواقعة قدوم البرامكة الشيعة لزيارة هارون الرشيد لتهنئته إلا أن بشار الأسد لم يطردهم كما فعل الرشيد الذي قال لهم غاضباً هذا وفد جاء للمباركة أم جيش جاء للقتال، بل بدا الرئيس الشاب ضاحكاً مرحباً بهم ما أعطى مؤشرات مستقبلية على أن البلاد تتجه للارتماء بأحضان إيران وحزب الله الذي تشارك معه في قتل الحريري.
اشتدت في بداية العهد الجديد حملات التشييع ويقال أن عدد المتشييعين بالإغراءات المادية مضافاً إليهم عدد الذين تم تجنيسهم من الإيرانيين والعراقيين “الشيعة” ذوي التوجهات الإيرانية وصل إلى المليون شخص يقيم معظمهم في منطقة السيدة زينب وما حولها.
كما برزت عمليات التزوير الفاضحة للتركيبة الديموغرافية للشعب السوري، ولعل أشدها وضوحاً، تلك الدراسات الوهمية التي نشرتها المخابرات السورية عن أن المجتمع السوري هو مجتمع أقليات، وأن أهل السنة العرب لا تتجاوز نسبتهم 45% من مجموع الشعب السوري، وأن هؤلاء منقسمون على أنفسهم في محاولات لتزوير التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا السورية.
في حين تقدر إحصائيات متطابقة أن نسبة الشيعة السوريين كان قبل بضعة سنوات يتراوح بين 4.5 إلى 4 في المئة وأبرز المناطق التي يتواجدون فيها هي في دمشق ويتوزعون في زين العابدين والجورة وحي الأمين الذي يعتبر أهم مركز للشيعة في سورية، وفيه مسجدان الأول مسجد الإمام علي بن أبي طالب وحسينية يمتد نشاطها على مدار السنة، والمسجد الآخر مسجد الزهراء.
المقامات وسيلة للاستيطان الإيراني
في البداية لم تكن واضحة لدى الكثير من أهالي دمشق خلفيات زيارات الحجاج وباصاتهم التي تركن في اماكن مختلفة من المدينة بل كان ينظر إلى الأمر على أنه سياحة دينية غير أن حركة الخبراء الإيرانيين ورجال الدين في مقابر المدينة كانت لافتة سيما مع بداية استلام بشار الأسد الحكم حيث وجد الأهالي رخام قبر مؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان مكسراً والنوافذ الحديدية للغرفة التي بنتها المحافظة حول الضريح مخلعة وذلك بعد فترة قليلة من تدشين وافتتاح المكان حيث تم استبدال اسم الخليفة المحفور على الرخام بشعارات طائفية فيما بدت غرفة القبر ممتلئة بالفضلات و الأوساخ.
ينقب الايرانيون بداية في المقابر أو في الأحياء القديمة عن أي مقام لأحد الصالحين ثم يتم تبنيه من قبل السلطات العليا في قم وطهران وترصد له موازنة خاصة من أجل تكبيره وإلصاق اسم أحد أهل البيت من أبناء أو بنات الإمام علي بن أبي طالب أو بنيه الحسن والحسين وجعله مزاراً كبيرا،ً ويتجه الحجيج الإيراني بالمئات إلى هذا القبر، ثمّ يصبح الحجيج بالآلاف، لإثارة ضجة كبيرة عن المكان، والتأكيد على أنّه قبر لأحد أهل بيت سيدنا علي رضي الله عنهم جميعاً ثم بعد ذلك وخلال عدة سنوات يتم شراء الأراضي والبيوت المحيطة بالقبر، ليتم إنشاء حسينية كبيرة على القبر، وكذلك لبناء فنادق وأسواق وأماكن سكن محيطة بالقبر والحسينية، بحيث تكون مستعمرة إيرانية.
يذكر الأهالي أيضا أن خبراء ورجال الدين الإيرانيين كانوا يبحثون في المقابر وأحياء دمشق القديمة عن أي إشارة مهما كانت صغيرة أو كبيرة تعطي مبرراً ليكون اسم صاحب القبر هو من آل البيت ففي مقبرة باب الصغير بدمشق تم إنشاء “مقام” جديد أطلق عليه مقام شهداء كربلاء و كذلك كان الاهتمام بقبور زوجات الرسول في المقبرة كأم سلمة و أم حبيبة وفيما ترك قبر حفصة بنت الخليفة عمر بن الخطاب دون اهتمام بدت القبور الأخرى أماكن مقدسة مزينة بالزخارف الجميلة ولا أحد كان يسأل عن الأسباب إلا أن الإيرانيين كانوا يشيعون هم بأنفسهم من خلال عملائهم في المدينة أن ذلك يتم من أجل السياحة الدينية التي تتم بدعم من النظام.
النظام يشعل “العصرونية” خضوعاً لرغبات إيران
لم يكن من الضروري أن يشتعل سوق العصرونية في دمشق القديمة الذي يجاور مقام السيدة رقية لتكشف نيرانه بعضاً من ملامح التغلغل الإيراني في سوريا فلهيب الجبهات التي يقودها الحرس الثوري نيابة عن الأسد أو دعماً له كافية الدلالة على مدى عمق هذا التمدد “الاحتلال” في طول البلاد وعرضها.
إلا أن الدلالة العنيفة في هذا الحدث لا تقلل من مستوى العنف الذي يمارسه الإيرانيون بحق السكان في المناطق المختلفة في وقت يتزامن مع اشعال هذه المحال “القريبة من مقام السيدة رقية” ما يسلط الضوء على الأدوات المستخدمة أو الوسائل والغاية منه وهل هي دينية أم سياسية أم اقتصادية خاصة بعد سلسلة الحرائق التي تحدث بين الحين والآخر في باب السريجة وباب البريد.
القراءة الأولية في ظل ما يحكى عن وجود مخطط إيراني للاستيلاء على سوق العصرونية، ولاحقاً، سوق البزورية، بقلب دمشق لا تشير فقط إلى تورط النظام فيه من خلال محمد حمشو رجل الأعمال المقرب منه بل الى دوره في التسليم لإيران بأي قطعة تريدها من البلاد.
الإيرانيون كما تقول مصادر مطلعة حاولوا من خلال مكاتب عقارية بدمشق، منذ ستة أشهر، شراء محلات العصرونية بأسعار كبيرة، لكن تجاراً قلّة استجابوا للعروض الإيرانية وباع البعض محلاته.
فيما رفض الأغلبية البيع إلا أن النظام كلف حمشو بطلب من إيران العمل على استملاك سوق العصرونية واشترى بعض المحلات، باسم وسيط، لكن أصحاب المحلات الكبرى، رفضوا البيع، وقدّرت المصادر نسبة ما بِيع من محلات العصرونية قبل الحريق، بـ خمسة بالمئة فقط .
ويقول تجار أن حمشو ابتز التجار الذين تعرضوا لخسائر كبيرة، بأن يساعدهم على ترميم محلاتهم، مقابل الحصول على الطوابق العلوية منها وتعهد لهم بتمويل عملية إصلاح الأضرار بـ”مليار ليرة مقابل ذلك حيث صدم الكثير من التجار بهذا الكلام الذي يؤكد أن النظام وإيران ضالعان في الحريق المؤامرة التي تُحاك ليس ضد العصرونية القريبة مما يقال أنه مقام السيدة رقية فقط بل ضد دمشق القديمة.
يقول مصادر وثيقة أن النظام يعمل بأقصى ما يمكن لكي يؤمن التزاماته إزاء ايران التي أمدته بالمال فهو لا يجرؤ على التلكؤ بتنفيذ أي التزام إزاء إيران التي حمته من السقوط على ايدي الثوار فهو يقوم بالضغط على السكان من أجل بيع منازلهم والمحلات التجارية القريبة مما يعتقد أنه “مرقد السيدة رقيّة” الواقع بدمشق القديمة، ولا يبعد سوى أمتار قليلة عن الجامع الأموي، لشيعة إيران ولبنان، وأن الإيرانيين ينوون شراء أكثر من 200 دونم في المنطقة المذكورة.
مقام السيدة رقية
مقام السيدة رقية بنت الحسين الذي اكتشفه الإيرانيون كان قد أعيد بناؤه بطراز معماري فارسي و يجاور المقام مصلى إلى جانبه باحة صغيرة. بلغت مساحة البناء الحالي بعد الترميم الأخير نحو 4000 متر مربع، ومنه 600 متر مربع صحن وفضاء واسع وبقية البناء يؤلف الرواق والحرم والمصلى المجاور للضريح، وتعلوا المرقد قبة مضلعة ووضع على القبر لوحة من الفسيفساء يكسوها العاج والمرمر وقد دأب الشيعة، على زيارة ضريحها من، وقد اعتاد بعض الشيعة بأهمية القبور إلى اللجوء إلى قبرها بحوائجهم طالبين المغفرة و الاستجابة من الله.
وفيما شكك المرجع الديني الشيعي آية الله مرتضى العاملي بصحة مكان المقام وعائدتيه حيث قال : نسب إليها قبر ومشهد مزور بمحلة العمارة من دمشق، االله أعلم بصحته، فإن أهالي دمشق يروون حكاية تؤكد رأي المرجع العاملي “إذ تقول الحكاية أن رجلاً من المنطقة كان لديه ابنة وحيدة اسمها رقية وكان شديد التعلق بها، وكان أن توفيت في عز شبابها فدفنها بالقرب من سوق العصرونية وما برح يزور قبرها في كل مساء، ويضيئ شمعة، ويعود الى منزله، وصار الأهالي يسألون أين يذهب هذا الرجل، فيكون الجواب أنه كان عند قبر رقية، فعظم أمر القبر متناسباً مع منسوب الحديث عن الحدث، الذي تناقل قصته الأهالي، بحيث أصبح اسم المقام بديلاً عن اسم القبر وعلق في الموروث الشعبي “مقام ستنا رقية”.
يقول الأهالي أن ايران تحاول وصل الجزر الشيعة في حي الجورة وحي الأمين الواقع في الشاغور القديم وحتى منطقة المرجة التي تم اشترت فيها عدداً من الفنادق والآن يساومون على شراء فندق “الشام” المعروف والكائن في بوابة الصالحية، والملاصق لنادي الضباط، بحجة تأمين المنامة للحجيج الشيعة، الذين يأتون من إيران ولبنان والبحرين والعراق.
كما اشترت إيران أغلب فنادق منطقة البحصة في دمشق حول المركز الثقافي الايراني كفندق كالدة والايوان وآسيا ودمشق الدولي و فينيسيا والبترا، إضافة إلى تملكها أساساً فندق سمير أميس في جسر فكتوريا.
يؤكد الأهالي في دمشق أن سكان حي العمارة كانوا من السنة أما حالياً أصبح غالبيتهم من الشيعة حيث أتت عائلات كثيرة من مختلف شيعة العالم لاسيما من إيران ولبنان وأفغانستان واستوطنت في الحي المذكور بحجة قربها من المقامات المزعومة.
كذلك الأمر بالنسبة لحي الشاغور وشارع مدحت باشا الذي يقع فيها مقر “الجاسوسية الايرانية” في الثانوية المحسنية كما يسميه الأهالي، ويسيطر أفراد عائلة مرتضى الشيعية الدمشقية المرتبطة بإيران على جوار مقام السيدة رقية كما تقوم بالإشراف مالياً على المسجد حيث تذهب كافة عائدات المقام إلى مدينة قم مباشرة.
وتعمل تلك العائلة على شراء المنازل وتدفع أي مبلغ يطلبه صاحب المنزل وقد وصل سعر الشقة السكنية إلى أكثر من مئة مليون ليرة سورية قامت عائلات إيرانية وافغانية بامتلاكها وتم تشييع عدد من السكان من خلال الإغراءات المالية، حيث تم اشراكهم في قمع ثورة الشعب السوري من خلال إقامة الحواجز و نصب الكاميرات بغية التضييق على من تبقى من الأهالي.
في منتصف العام 2011 صدور مرسوم جمهوري، بإحداث معهد رقية للتعليم الشيعي، على غرار معهد الفتح الإسلامي الخاص وأن مدة الدراسة بالمعهد المذكور 4 سنوات، وحكومة النظام تعترف بالشهادات الصادرة عنه، وأصبح فيما بعد يضم عدة كليات وأقسام، أشهرها كلية الإعلام، التربية، اللغة العربية، التاريخ، وقسم الدراسات الإسلامية والدعوية من خلال المذهب الجعفري، وأصول الدين الشيعي.
وبعد مضي خمسة سنوات على افتتاحها فإن عدد الطلاب في الكلية التي سميت بمعهد رقية بلغ أكثر من 5000 طالب وطالبة، جميعهم من الشيعة العرب والفرس، وينتمون إلى الجنسيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والبحرينية واليمنية والباكستانية والأفغانية.
يبدو الآن مقام السيدة رقية المزعوم منطقة أمنية بامتياز فهو يخضع لقبضة عسكرية فأول العقبات في محيط المقام هو منع التصوير على غرار المناطق العسكرية والثاني تفتيش دقيق للرجال والنساء من قبل الشبيحة الشيعة والإيرانيون المنتشرون المدججون بالسلاح والذين يضعون على ملابسهم شارات إشارات صفراء لبيك ياحسين ولبيك يازينب.
مقام السيدة سكينة
في مقبرة داريا المتاخمة لدمشق اكتشف الخبراء الإيرانيون ورجال الدين خلال بحثهم عن مقامات سيدات آل البيت قبراً قالوا أنه يعود للسيدة سكينة وأقدمت إيران فورا على زخرفته ووضعت مهندساً مسؤولاً عنه كان معروفاً للأهالي بتشيعه وصار يبحث هو عن وسائل الإعلام لكي يتحدث إليها وفعلاً فقد نشرت إحدى وسائل الإعلام آنذاك حديثاً مطولاً له.
وقال المهندس في حديثه المدروس “مقام السيدة رقية جاء ضمن التنظيم الجاري في بلدة داريا، وارتأت الجهة المسؤولة ضرورة تعديل المنطقة وتوسيع المساحة التي تحيط بالمقام لما له من أهمية بارزة، وخصص للبناء مساحة طابقية تقدر بـ / 900 / متراً مربعاً، أما القبو فسيكون مخصص للمناسبات والطابق الأرضي سيكون فيه غرف للإدارة، وبدأت عملية إعادة البناء وتم شراء حوالي ال5000 متراً مربعاً من الأراضي لزوم حرم البناء و اللواحق الأخرى “.
وبعد استكمال شراء العقارات المحيطة في القبر في العام 2003 بدأ الإيرانيون بإنشاء حسينية ضخمة عليه وتمّ بناء أسواق في محيطه وعمارات سكنية وفنادق.
واستشعر أهل مدينة داريا وهم من السنة المخطط الإيراني الخطر على مدينتهم التي لا يوجد فيها أي عائلة شيعية واحتجوا لدى رئيس البلدية إلا أن النظام سرعان ما اقال رئيس البلدية وعين بدلاً عنه شخصاً اخر قال للأهالي : لا أستطيع فعل شيء فقد تم تهديدي من قبل الأجهزة الأمنية، وطلبوا مني أن أدعم مشروع المستوطنة الإيرانية ” فيما جرت استدعاءات امنية لمن احتج من الأهالي وتم تهديدهم بالاعتقال ان احتجوا مرة أخرى.
ارتفعت أسعار الأراضي المحيطة بالحسينية وكذلك المحال التجارية بشكل لم تشهده المدينة من قبل فيما ظهرت الكتابات الإيرانية إلى جانب العربية على المقام وعلى بعض المحلات التجارية.
أصبح القبر المهجور مدينة تعج بالإيرانيين سيما الزيارات المتكررة التي يقومون بها دعما للمشروع وكانت زيارة كبار الشخصيات الإيرانية ومن بينهم زيارة الرئيس الايراني السابق أحمدي نجاد في العام 2006 حيث كان من أثارها تسارع حركة التشيع في المدينة، بالإضافة الى شراء البيوت حيث يقول الأهالي أن السماسرة نشطوا في المدينة لا سيما في المناطق المحيطة بالمقام حتى أنهم باتوا يشترون ورقة الطابو دون أن يعاينوا العقار.
مقام السيدة زينب
يذكر الأهالي جيداً أن منطقة السيدة زينب لم يكن فيها قبل عشرات السنين عائلات شيعية بل كان يسكنها العرب السنة منذ مئات السنين ويعمل غالبيتهم في الزراعة إذ أنها تشرف على بساتين الغوطة لكنها كانت هدفاً مبكراص للنفوذ الإيراني الذي بدأ يضرب بها بجيوش من الدعاة يعملون بغطاء استخباراتي لتجنيد المؤيدين بمختلف المغريات، على رأسها المال والنساء.
شهدت المدينة ثراء فاحشاً نتيجة تدفق الشيعة إليها حيث تضاعف عددهم مع قدوم الشيعة من العراق بعيد الحرب الأمريكية على العراق وكذلك بعد حرب تموز 2006 حيث نزح اليها عشرات الالاف من الشيعة اللبنانيين بقي قسم منهم في المدينة مع انتهاء الحرب حيث تقوم جهات إيرانية متعددة برعايتهم.
وترافق التدفق الشيعي الخارجي إلى السيدة زينب مع قدوم عدد كبير من الشيعة السوريين من مختلف مناطق البلاد خاصة مدينتي نبل والزهراء طمعاً بالرواتب الشهرية التي تقدمها الحسينيات لمن يشارك بمراسم اللطم والندب وللطلاب الدارسين في مراكز تعلم اللغة الفارسية فيما انتشرت شقق الآجار حول مقام السيدة زينب بشكل لافت وكانت مخصصة لزواج المتعة وانتشرت أيضاً في كل من شارع التين وشارع الحسن والحسين وشارع الزهراء فيما تم افتتاح شارع جديد سمي بشارع مشفى بهمن ويقع خلف المقام الذي فيه مستوصف “بهمن ” وهذه التسمية ايرانية كما هو واضح.
شارع “الفاروق عمر” تغير اسمه واأصبح بداية شارع العراقيين ثم شارع الزهور وتم إنشاء حسينية قريبة منه لكي تصبح دليلاً للمنطقة بدل الجامع الذي أحيط بمجمع للمرجعيات الشيعية في حين انتشرت الحسينيات في جميع أحياء المدينة وصولاً الى مناطق القدم وعسالي بالإضافة الى مجموعة مستوصفات تحمل أسماء ذات دلالة شيعية مثل مستوصف الصدر الواقع مقابل باب المقام الذي تحول فيما بعد إلى مشفى بعد شراء الأبنية المجاورة له ومستوصف بهمن ومستوصف الزهراء.
يقول ناشطون أن الإيرانيين استملكوا في تسعينيات القرن الماضي كافة العقارات المحيطة بالمقام واشتروا الاراضي لإقامة الفنادق والمطاعم والمقاهي بحجة تخديم السياحة الدينية في حين انتشرت الكازينوهات بالقرب من فندق الزهراء على أطراف الغوطة باتجاه جرمانا وكان معروفاً لدى الأوساط الاجتماعية أنّ كل ما تريده من بيوت للدعارة أو شراء المخدرات أو الممنوعات هو موجود في السيدة زينب.
كما استملك رجال أعمال من شيعة لبنان الأراضي ليبنوا عليها منشآت سياحية ومشافي من أهمها مشفى الخميني الذي أصبح في فترة من الفترات أشهر مشافي سورية ويحتوي على العديد من الاختصاصات وأحدث الاجهزة.
كما استحوذ رجال أعمال أراض في سيدي مقداد وببيلا ويلدا وبيت سحم ليقيموا عليها مشاريعهم المختلفة، في حين استمر المخطط التنظيمي للمدينة في التوسع حتى وصل إلى منطقة عقربا شرقا وإلى طريق المطار شمالاً وحتى السبينة جنوباً وخربة الورد حيث أصبحت السيدة زينب الآن شيعية بالكامل بعد تهجير ماتبقى من سكانها السنة.
سلاح إيراني بيد عرب لقتل عرب
انتشار “الميليشيات الشيعية” المتعددة في مدينة السيدة زينب كان مع بداية انطلاقة الثورة السورية نظراً لأهميتها القصوى بالنسبة لإيران حيث تم تشكيل “لواء ذو الفقار” الذي يضم مقاتلين شيعة من لبنان والعراق وإيران هدفه كان “حماية” المقام وهو ثاني مجموعة عسكرية شيعية بعد “لواء أبو الفضل العباس”.
والأمين العام لذي الفقار أسمى نفسه أبو شهد ونائبه يدعى أبو هاجر وتنتشر صور لمقاتلي اللواء بلباسهم العسكري الميداني وبحوزتهم أجهزة اتصالات حديثة وأسلحة متطورة، ما بدا عليهم أنهم أشبه بجيش نظامي مدرب ويطلقون على أنفسهم أنهم «خيرة رجال الله في الميدان وهناك عدد من خطابات لقادة ذو الفقار بينهم قول القائد العام : لست أخشى في حب الأسد مقتلي، فالأسد عشقي والروح نادت يا علي.
باسم الله تدخل تتمدد ايران في البلاد من خلال تنظيمها “حزب الله اللبناني” وباسم الأئمة العرب والصالحين تنسج تنظيماتها الطائفية “عصائب أهل الحق “و “ميليشيا أبو الفضل العباس” تحت ذريعة حماية المقامات العربية التي تحتضنها بلاد العرب وتحترمها منذ مئات السنين، استراتيجية مدبرة ومدروسة بعناية بدأتها منذ ثورة الخميني الذي أراد تصديرها إلى الدول العربية وهي الثورة التي تبنت خطاباً ديني المظهر وفي نفس الوقت يمثل صعوداً للتوجه القومي الفارسي.
السفارة الإيرانية المتربعة على اتوستراد المزة يطل من خلال نوافذها رجال استخبارات إيران على مدينة دمشق وقد دمر سلاحهم الحربي معظم محيطها كما دمرت “ثقافتهم القومية” التي عبرت البلاد تحت عباءة مذهبية بنيان المجتمع العربي التي لطالما حلمت بتحطيمه للسيطرة.
يطل رجال المخابرات الإيرانيين من نوافذ سفارتهم ليرقبوا أيضاً البلاد دون أن يتكلموا سيما أن أسلحتهم التي انقذت النظام الذي ينفذ ارادتهم هي التي تتكلم بلغة غير مفهومة لدى الكثيرين من أبناء العروبة رغم أن أحرفها عربية يطل هؤلاء كما أطل ابو الفضل طباطبائي ممثل الخامنئي في تأبين بدر الدين في صحن مقام السيدة زينب دون ان يتكلم فثمة من يقول ما يريد ان يقوله فالكمات التي القيت من قبل حزب الله والنظام “العربيان” يترجمان بوضوح مفهوم العمالة للأجنبي المحتل.
بيد أن تلك السفارة من جانب آخر لا تريد الاكتفاء بهذا بل يرغب موظفوها برؤية منطقة السيدة زينب وقد أحكموا قبضتهم من خلال تلك المستعمرة على جنوب دمشق بالكامل فلا يهمهم المقام بقدر ما تعنيهم المساحات التي بسطوا سلطتهم عليها فمن الممكن أن تكون بساتين “الرازي” المحاذية للسفارة في وقت من الأوقات مكاناً يضم مقاماً آخر، إن استعصى عليهم تهجير ما تبقى من السكان إلا أن النظام يبدو كفيل بتحقيق ما يرغبون .
أورينت نت – فؤاد عزام