تكشف تحركات حكومة النظام السوري والتصريحات الأخيرة الصادرة عنها، بخصوص تقليل تأثيرات الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد السوري، عن مخاوف واضحة من تأثر السوق السورية من تداعيات التوتر الغربي – الروسي.
وفي هذا الإطار، عقدت حكومة دمشق اجتماعاً لهدف «تقليل انعكاس عملية الحليف الروسي على الوضع الاقتصادي والخدمي في سوريا والتعامل مع أية تقلبات اقتصادية يمكن أن تؤثر في السوق المحلية»، وفق تعبير رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس.
وحسب وزير الاقتصاد محمد سامر الخليل، بدأت آثار الأزمة الأوكرانية تظهر على الاقتصادات العالمية بثلاثة مستويات، وهي أسعار الحبوب والنفط وأجور الشحن.
ويرى مراقبون اقتصاديون تحدثوا لـ«القدس العربي» أن طول أمد الحرب في أوكرانيا، سيؤثر حكماً على النظام السوري، باعتباره يعتمد على حليفته روسيا في تأمين المواد الأساسية، وخصوصاً القمح، حيث يستورد النظام من روسيا نحو مليون طن منه من روسيا سنوياً، إلى جانب المحاصيل الزراعية الأخرى التي تدخل في صناعة الأعلاف.
ويوضح الباحث الاقتصادي رضوان الدبس، في حديث لـ«القدس العربي»، أن الحرب في أوكرانيا أثّرت بشكل كبير على أسواق القمح والنفط العالمية، باعتبار روسيا واحداً من أكبر المصدرين لهاتين المادتين، إلى جانب أوكرانيا التي تعتبر من الدول الرئيسية المصدرة للقمح أيضاُ.
ويضيف الباحث، أن العقوبات الأوروبية والأمريكية التي تُفرض بشكل متواصل على موسكو، ستؤدي إلى نقص المعروض العالمي من القمح والنفط، وهو ما يقود إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي فإن غالبية الدول ستتأثر بذلك، وسوريا من بينها، إلا أن ما يجعل سوريا أكثر تأثراً، أن اقتصادها يعاني أساساَ، ولا يحتمل المزيد من الأزمات.
وبخلاف غالبية الدول، لا تمتلك سوريا مخزوناً استراتيجياً كافيا من القمح اللازم لصناعة الخبز، حيث تعتمد على الشحنات المستوردة كتلك الآتية من روسيا لسد حاجتها من هذه المادة الاستراتيجية.
وعن ذلك يقول الدبس، إن روسيا تبيع القمح لحكومة دمشق بأسعار مخفضة، وفي بعض الأحيان تتبرع بكميات منه للنظام، وتفاقم الأزمة الاقتصادية عندها بفعل الحرب والعقوبات، قد يحرم النظام السوري من الامتيازات التي كانت تمنحها للنظام في مجال القمح. وإلى جانب ذلك، يشير المراقب المالي والمفتش المالي منذر محمد، إلى احتمالية تأثر أسواق اللحوم الحمراء والبيضاء في سوريا، بتداعيات الحرب في أوكرانيا.
ويرجع تقديره هذا خلال حديثه لـ«القدس العربي» إلى اعتماد النظام على بعض المواد التي تدخل في صناعة الأعلاف من السوق الروسية، ويقول «أساساً أسعار اللحوم في سوريا مرتفعة، وبالتالي فإن ارتفاع أسعار الأعلاف سيؤدي إلى زيادة أكبر في الأسعار». لكن الباحث رضوان الدبس، يشير إلى اقتراب حلول فصل الربيع، حيث تكثر الأعشاب، ما يعني احتمالية الاستعاضة عن الأعلاف.
وفي سياق آخر، تتحدث شبكات إخبارية محلية تنشط في مناطق سيطرة النظام السوري، عن بدء روسيا بتجنيد مرتزقة سوريين للقتال في أوكرانيا. وأكد موقع «صوت العاصمة» أن روسيا بدأت بتجنيد مرتزقة في محافظات سورية عدة، تمهيداً لنقلهم لاحقاً إلى القواعد الروسية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن المندوبين المرتبطين بموسكو بدأوا بتجهيز قوائم بأسماء المرتزقة الذين يرغبون في القتال بأوكرانيا ضمن صفوف القوات الروسية. وحسب الموقع تركزت عمليات تجهيز قوائم المرتزقة في مدن طرطوس واللاذقية ودرعا والسويداء إلى جانب بعض المناطق في ريف دمشق.
وقال إن شروط تجنيد المرتزقة الجدد مشابهة تقريباً للشروط المنصوص عليها في عقود التجنيد السابقة للقتال في ليبيا وفنزويلا، والمتضمنة إرسال المرتزقة إلى نقاط متقدمة ضمن القواعد العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا براتب شهري يصل إلى ألفي دولار أمريكي للعناصر.
وعلق الصحافي السوري عقيل حسين على هذه الأنباء، قائلاً على حسابه الشخصي في «تويتر «إن «الحديث عن تجنيد روسيا مرتزقة من مناطق سيطرة النظام للقتال في أوكرانيا صحيح، حيث لا يريد بوتين أن يرى خسائر من الروس عندما تندلع المقاومة الأوكرانية «وفق تعبيره.
القدس العربي