تحت عنوان: “تركيا.. الخناق يضيق على اللاجئين السوريين”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن القلق يتزايد بين اللاجئين السوريين في تركيا وسط مواجهتهم صعوبات إدارية متزايدة في ظل تشديد السلطات التركية نبرتها تجاههم.
وأضافت الصحيفة القول إن تصلب الخطاب السياسي في أنقرة ومخططات استئناف الحوار مع دمشق التي طرحتها السلطات التركية أدت إلى إعادة خلط الأوراق لكثير من السوريين الذين يعيشون في تركيا.
وذكّرت “لوموند” بأن ثلاثة ملايين سوري يعيشون بشكل أساسي في المدن الكبرى التركية يستفيدون من وضع الحماية المؤقتة في هذا البلد، وقد تم تسجيلهم في مدينة إقامتهم ولا يمكنهم السفر إلا بتصريح سفر خاص. فيما تم، رسميًا، منح 211 ألف سوري الجنسية التركية في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك – تتابع “لوموند” – إذا كانت الأشهر الأولى من الحرب في سوريا، في عام 2011، قد تميزت بسياسة ترحيب من حزب العدالة والتنمية الحاكم، فإن الجمود في الصراع قد قلل تدريجياً من آفاق عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم. وبعد أحد عشر عامًا من التعايش، يُظهر السكان الأتراك الآن صراحة تعبهم. فبينما تغرق تركيا في أعمق أزمة اقتصادية، فإن الخطابات اللاذعة للقادة السياسيين القوميين ضد المهاجرين باتت أكثر فأكثر غير مقيدة. ومن خلال استغلال القضية سياسياً، جعل ائتلاف المعارضة، الذي يهيمن عليه القوميون، من نفسه المرحل الرئيسي.
وتنقل ”لوموند” عن جميع اللاجئين السوريين الذين التقتهم تأكيدهم بأنهم يشعرون بالقلق حيال التزايد الواضح للعداء تجاههم، موضحة أنه يتم تداول العديد من المعلومات الخاطئة، مما يؤجج التوتر. وذاك هذا هو الحال، على سبيل المثال، في حالة المساعدة التي يُفترض أن الحكومة التركية تمنحها للاجئين السوريين على حساب مواطنيها.
ويتم التعبير عن التوتر في أصغر المواقف في الحياة اليومية كما هو الحال أثناء تصفية الحسابات.
وقد أثارت الحملات العقابية ضد اللاجئين في أنقرة في أغسطس من العام الماضي بالفعل مخاوف من اندلاع أعمال عنف على نطاق واسع في البلاد. ومن الآن فصاعدًا، تعد قضية الهجرة واحدة من الاهتمامات الرئيسية التي طرحها الناخبون الأتراك في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والتشريعية في شهر يونيو عام 2023. ففي شهر فبراير الماضي، أشار مسح استطلاع أجراه معهد Metropoll إلى أن %82 من المستطلعة آراؤهم يريدون عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وتابعت “لوموند” القول إنه منذ الانتخابات المحلية لعام 2019، حيث خسر حزب الرئيس رجل طيب أردوغان إسطنبول، تغيرت سياسة الهجرة الحكومية، كما يحلل ديديم دانيس، عالم الاجتماع المتخصص في قضايا الهجرة والأستاذ في جامعة غلطة سراي، موضحا أن البعض داخل حزب العدالة والتنمية يلقي باللائمة في فشلهم على سياسة اللاجئين.
فقد كانت هذه الخسارة الرمزية للغاية لأكبر مدينة في البلاد بمثابة إذلال داخل حزب رجب طيب أردوغان، تقول “لوموند”، موضحة أن الرد عليها لم يتأخر طويلاً، فسرعان ما فرضت السلطات المحلية على الشركات خطًا أكبر للكلمات المكتوبة باللغة التركية مقارنة بتلك المكتوبة باللغة العربية على اللافتات، في الأحياء التي يسكنها عدد كبير من السكان السوريين. كما عززت تدابير أخرى هذا التحول في إسطنبول. فمثلاً، لم يعد يُسمح للأطفال الذين تم تسجيل آبائهم في مدن أخرى بتركيا عند وصولهم بالالتحاق بالمدارس العامة في إسطنبول. وهي خطوة يرى فيها البعض طريقة لتشجيع السوريين على مغادرة المدينة.
وأيضا دخل مشروع “التخفيف” الذي وضعته وزارة الداخلية، والذي يتمثل في تعليق توطين اللاجئين السوريين في الأحياء التي يتجاوز عدد السكان الأجانب فيها %20، حيز التنفيذ.
وهكذا – تتابع “لوموند” – يشعر اللاجئون السوريون بضيق الخناق، إذ يقول العديد منهم إنهم يواجهون صعوبات إدارية عند تحديث وضعهم، ويمكن أن تؤدي المواعيد النهائية الطويلة بشكل متزايد المفروضة في بعض الأحيان إلى عمليات ترحيل تعسفية إلى الحدود وإمكانية فحص الشرطة بنتائج غير مؤكدة تثير الرعب بين أوساط اللاجئين.
وأشار المتحدث باسم وزير الداخلية في الرابع من سبتمبر / أيلول الجاري إلى عودة 520 ألف لاجئ إلى سوريا في السنوات الأخيرة، لكن العديد من المراقبين والجمعيات ينددون بالإعادة القسرية.
في نهاية المطاف – توضح “لوموند” – الهدف هو إعادة “مليون سوري” كما أعلن الرئيس التركي أردوغان في شهر مايو/أيار الماضي. هذا المشروع الضخم للعودة “الطوعية” – بحسب الخطاب الرسمي – يتشابك مع الاستراتيجية التركية المتمثلة في الترسخ في شمال سوريا.
القدس العربي