يتواصل التجييش في الأوساط العسكرية السورية المرافق للعملية العسكرية الموسعة التي تشنها دمشق مدعومة بسلاح الجو الروسي في مناطق خفض التصعيد في محافظتي حلب وإدلب، بينما توجه رتل عسكري تركي، الأحد، إلى محاور الاشتباك في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وأفادت مصادر متابعة بدمشق لـ«الشرق الأوسط»، بأن القوات الروسية العاملة في سوريا، زودت قوات «النمر» التي يقودها العميد سهيل الحسن، بمعدات وأسلحة، استعداداً لتوسيع نطاق الحملة العسكرية في إدلب.
كما نقلت المصادر أنباءً عن عزم قوات «النمر»، شن حملة للقضاء على التنظيمات المعارضة المسلحة على طول خط الحدود مع تركيا، مرجحة أن تكون إشاعة تلك الأنباء بالتزامن مع توسيع سلاح الجو الروسي دائرة أهدافه والتصعيد غير المسبوق في المنطقة، تصب في منحى إرسال روسيا تحذيراً لتركيا للالتزام بتعهداتها الخاصة بمناطق خفض التصعيد وفق «اتفاق موسكو» 2020، المتضمن الالتزام بالحفاظ على طريق «M4» حلب ـ إدلب قيد التشغيل.
ورأت المصادر المتابعة للأوضاع في الشمال السوري أن التصعيد الروسي «تهديد مباشر بإعادة خلط الأوراق وفرض معادلات وتوازنات جديدة على ضوء التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة عموماً»، وذلك بعد تصعيد القوات التركية شمال غربي سوريا، خلال الأيام القليلة الماضية ضرباتها على مواقع عسكرية تابعة لدمشق في ريفي إدلب وحلب.
ويأتي ذلك، في إطار مواصلة القوات التركية استقدام التعزيزات العسكرية إلى مناطق نفوذها، لتبديل وتعزيز مواقعها في المنطقة.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد، عن توجه رتل عسكري تركي مؤلف من 20 عربة عسكرية تحمل معدات لوجيستية إلى محاور جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، استقدمته القوات التركية عبر معبر كفرلوسين الحدودي مع الجانب التركي، إلى منطقة «خفض التصعيد»، لتعزيز محاور الاشتباك ضمن مناطق نفوذها.
كما أرسلت تركيا، السبت، تعزيزات عسكرية إلى النقاط التركية قرب بلدة آفس شرق إدلب، وفق ما أفادت به مصادر إعلامية سورية معارضة.
واستغلت دمشق الهجوم على الكلية الحربية بحمص في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الذي أسفر عن مقتل 81 شخصاً، وإصابة 240 آخرين، لشن حملة عسكرية غير مسبوقة في شمال غربي البلاد للقضاء على التنظيمات المعارضة المسلحة هناك، وأبرزها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) و«الحزب التركستاني» المتهم بضلوعه بالهجوم على الكلية الحربية بحمص، وبعد أسبوع من شن الحملة تفيد الأنباء الواردة من إدلب بأن الأوضاع الإنسانية هناك كارثية.
وتتهم دمشق التنظيمات المعارضة المسلحة في إدلب بالهجوم على الكلية الحربية بحمص، بوصفه ذريعة لضرب مناطق المعارضة بالشمال السوري، بغض النظر عن اتفاق التهدئة الروسي ـ التركي، ولحض روسيا على المشاركة في حملة عسكرية تستهدف استعادة السيطرة على كامل محافظتي إدلب وحلب، وتغيير خطوط التماس في المنطقة، وفق ما قالته المصادر المتابعة.
وذكرت مصادر إعلامية موالية في دمشق، أن «الجيش السوري استهدف، صباح الأحد، بقصف مكثف بالمدفعية الثقيلة والصواريخ الثقيلة مقرات (أنصار التوحيد) في محيط بلدة الفطيرة بجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، مع قصف مكثف على محاور ريف حلب الغربي».
ووسّع سلاح الجو الروسي دائرة استهدافه مواقع التنظيمات المسلحة المعارضة في إدلب، بعد أيام من قصف عنيف للقوات التابعة لدمشق، مناطق واسعة في ريفي إدلب وحلب. وذكرت وسائل إعلام موالية لدمشق أن «وحدات الجيش السوري دمرت خلال الأيام القليلة الماضية نحو 5 نقاط عسكرية لـ(الفتح المبين) التابعة لـ(هيئة تحرير الشام)». كما دُمِّرت دبابة ومجنزرتان وسيارات دفع رباعي، بالإضافة إلى قتل وجرح عدد كبير من مقاتلي المعارضة المسلحة خلال استهداف مقراتهم في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بتنفيذ الطيران الحربي الروسي 5 غارات «مزدوجة جوية جديدة» استهدفت معمل الغزل الواقع في المنطقة الصناعية على طريق إدلب – سرمين شرق إدلب. ووفق المرصد، يتضمن المعمل مقرات عسكرية تابعة لـ«هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى، وأُخْلِيَ المعمل بشكل كامل قبل تنفيذ الغارات.
ومن جانبها، أفادت مصادر إعلامية موالية في دمشق، بتدمير مقر لـ«هيئة تحرير الشام» في معمل الغزل شرق المدينة الصناعية على طريق سرمين (شرق إدلب). كما استُهدفت مراكز «الحزب التركستاني» في محيط بلدة العصعوص بريف حلب الغربي وبلدة السنديان بسهل الغاب شمال غربي حماة، المحاذي لجبل الأربعين، حيث توجد مقرات لـ«أنصار التوحيد»، و«هيئة تحرير الشام»، و«أحرار الشام»، و«صقور الشام» التابعة لتركيا.
كما قصف الطيران الروسي محيط بلدات جوزف ومشون وأحسم والبارة وبليون وكنصفرة في جبل الزاوية جنوب إدلب؛ حيث ينتشر مقاتلو «الفتح المبين».
هذا وقد علّقت مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب دوام المدارس في مدن عدة وبلدات شمال وشرق إدلب، يومي الأحد والاثنين، جراء استمرار الحملة العسكرية التي تشنها دمشق وحليفها الروسي «للحفاظ على سلامة الطلاب والكوادر التعليمية»، وفق بيان للمديرية، السبت، والذي بينت فيه أن تعليق الدوام يشمل المدارس في مدن وبلدات «معارة النعسان، وشلخ، وتفتناز، وطعوم، وبنش، وسرمين، والنيرب» في ريف إدلب الشمالي والشرقي.
وكانت المدارس في تلك المناطق قد استأنفت الدوام يوم السبت، بعد تعليق دام أكثر من أسبوع كامل بسبب القصف العنيف، واستهداف مبنى مديرية التربية والتعليم في مدينة إدلب، وعدد من المدارس في مدينة إدلب وبلدة سرمين.
الشرق الأوسط