تعهدت الجهات المشاركة في قيادة الاتحاد الأوروبي، في مؤتمر بروكسل الثامن حول دعم مستقبل سوريا، تقديم 7.5 مليارات يورو (8.1 مليار دولار) للاجئين السوريين، مع إصرار بروكسل على وجوب عدم “دفعهم للعودة” إلى بلادهم التي نهشتها الحرب، حيث قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن الظروف لعودة آمنة وطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم لم تتوفر بعد، بينما قرر الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، تمديد العقوبات الحالية المفروضة على النظام السوري عاماً جديداً.
وأوضح مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان، أن الإجراءات التقييدية المفروضة بسبب القمع المفروض على السكان المدنيين في سوريا ستستمر حتى 1 يونيو/حزيران 2025.
كما حدّث الاتحاد قائمة الشخصيات والهيئات التي تشملها العقوبات، وأصبحت تضم 86 هيئة و316 شخصًا فرض عليهم حظر السفر وتجميد الأصول.
وتتضمن العقوبات أيضاً الحظر النفطي، وقيوداً على بعض الاستثمارات، وتجميد أصول البنك المركزي السوري لدى الاتحاد الأوروبي، وتقييد استيراد معدات أو تقنيات مستخدمة في القمع ومراقبة الاتصالات.
وفي الاجتماع السنوي الذي استضافه الاتحاد الأوروبي برئاسة مسؤول السياسة الخارجية فيه جوزيب بوريل، تعهّد التكتّل تقديم 2.12 مليار يورو في العامين 2024 و2025.
ويشمل هذا الرقم 560 مليون يورو تم التعهّد بها بالفعل هذا العام للسوريين النازحين داخل البلاد وفي لبنان والأردن والعراق، والمبلغ نفسه للعام 2025.
كما تعهّد التكتل تقديم مليار يورو للاجئين السوريين في تركيا المجاورة، وقال بوريل إن “الوضع في سوريا اليوم أكثر خطورة مما كان عليه قبل عام. في الواقع، لم يكن الوضع يوماً بهذه الخطورة كما أن الاحتياجات الإنسانية لم تكن يوماً بهذا الحجم”.
وتابع: “حالياً يحتاج 16.7 مليون سوري إلى مساعدات إنسانية، وهو أعلى مستوى منذ بداية الأزمة قبل أكثر من 13 عاماً”.
وقال المفوض الأوروبي المسؤول عن المساعدات الإنسانية يانيز لينارسيتش، إنه بالإضافة إلى منح 5 مليارات يورو وعد المانحون بتوفير 2.5 مليار يورو على شكل قروض، مضيفاً أن تعهّدات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء تشكل 75 % مما تم التعهّد بمنحه.
وقالت الولايات المتحدة إنها تعهدت أيضاً بتقديم نحو 545 مليون يورو (593 مليون دولار) كمساعدات إنسانية لسوريا. وأضاف بيان للخارجية الأميركية أن واشنطن “لا تزال ملتزمة بمساعدة الشعب السوري وتشجع المانحين الآخرين على مواصلة دعمهم للسوريين”.
وتأتي الحملة بعد أن حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن عملياتها لدعم النازحين السوريين لا تزال “تعاني نقصاً كبيراً في التمويل بنسبة 15 % بعد انقضاء نحو ستة أشهر من العام 2024”.
ورحّب مدير منظمة أوكسفام في سوريا، معتز أدهم، بـ “التعهدات التي قطعت اليوم”، لكنه لفت إلى أن “النقاش لا يزال بعيداً عن الحقائق القاسية التي يواجهها السوريون”.
واعتبر أن “التمويل لا يضاهي حجم الاحتياجات، وعدد الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدات يزداد عاماً بعد عام”.
وفي مواجهة هذا النقص، تضغط دول المنطقة التي تستضيف ملايين اللاجئين من سوريا بشكل متزايد من أجل عودة “طوعية” إلى بلادهم.
لكن بوريل حذّر من أي جهود لدفع أناس للعودة إلى سوريا. وقال: “نحذر مما يسمى العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى سوريا”، وأضاف: “العودة الطوعية هي طوعية، لا ينبغي دفع اللاجئين للعودة إلى سوريا”، مصراً على أن المجتمع الدولي يجب ألا “يحفّز ذلك بأي شكل”. وقال مسؤول السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي: “نعتبر أنه لا توجد عودة آمنة وطوعية (…) وكريمة للاجئين إلى سوريا في الوقت الراهن”.
وأودت الحرب السورية بأكثر من نصف مليون شخص وشردت ملايين آخرين منذ اندلاعها في 2011 على خلفية قمع دمشق احتجاجات مناهضة للحكومة.
وشاركت دول الجوار في المؤتمر السنوي، حيث اقترح وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، إعادة توطين السوريين اللاجئين إلى بلاده لأسباب سياسية في “بلد ثالث”، مؤكداً “عدم قدرة لبنان على تحمل المزيد في ملف النزوح السوري”، وقال: “من تتعذر عودته من النازحين السوريين لأسباب سياسية يجب إعادة توطينه في بلد ثالث”.
وجزم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أن المجتمع الدولي تخلّى عن اللاجئين السوريين، مضيفاً خلال مؤتمر بروكسل، أن “1.3 مليون سوري يعيشون في الأردن، 10% منهم فقط يعيشون في المخيمات، ونقدم تراخيص العمل لأكثر من 400 ألف سوري”.
وقال إن بلاده “ستحصل على مبالغ أقل هذه السنة للاستجابة للاحتياجات، وهناك نقص في الغذاء والكهرباء في مخيمات السوريين”، ولفت الصفدي إلى أن “قلة الدعم ستحرم الأطفال السوريين من استكمال تعليمهم في المدارس الأردنية، وفي حال استمرار الوضع وقلة الدعم فسنفضل تعليم الأطفال الأردنيين على حساب الأطفال السوريين”.
المدير العام للشؤون السورية في وزارة الخارجية التركية، إحسان مصطفى يورداكول، طالب خلال كلمته في المؤتمر، “تأمين العودة الطوعية للاجئين السوريين”، مضيفاً: “ما زال هناك 3.7 ملايين سوري يعيشون في تركيا، منهم مليون مولود جديد” وهو مطلب اتفق معه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، حيث أكد خلال كلمته في المؤتمر على ضرورة تأمين الظروف المناسبة لعودة اللاجئين الطوعية إلى بلادهم.
القدس العربي