دمشق تستعد لانتخابات برلمانية “محسومة” النتائج.. واللاجئون لا يمكنهم الاقتراع

تغزو صور عشرات المرشحين الطامحين بالوصول إلى مجلس الشعب الساحات والشوارع الرئيسية في دمشق، قبل انتخابات تشريعية مقررة الإثنين، لا يُنتظر أن تحمل نتائجها مفاجآت، أو تغييراً في المشهد السياسي الذي يتصدّره حزب “البعث” الحاكم.

ويقول فواز حنّا (56 سنة) لوكالة فرانس برس، بينما يقف أمام استديو تصوير يملكه في دمشق: “ثمة أسماء وصور جديدة، لكن هناك أخرى قديمة اعتدنا على رؤيتها” عند كل استحقاق.

ويُضيف: “مطالبنا معيشية بحتة (..)؛ نطلب من المرشحين أن يكونوا على قدر مسؤولية الشعارات التي يرفعونها، وأن يلتزموا بالوعود التي يطلقونها”.

في ساحة رئيسية وسط دمشق، رفع أحد المرشحين لافتة موقعة باسمه جاء فيها: “معاً لدعم المشاريع الصغيرة”. وعلى بعد أمتار منها، اتخذ مرشح آخر شعار “صناعة منافسة.. اقتصاد مُزهر”، على غرار العديد من الشعارات التي تركّز على تحسين الأوضاع المعيشية، بعد أكثر من 13 عاماً من نزاع مدمر مزّق البلاد، وتخللته أزمات اقتصادية متلاحقة دفعت غالبية السوريين تحت خط الفقر.

والانتخابات، التي حدّد رأس النظام بشار الأسد موعدها منتصف الشهر الحالي، هي رابع انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع في العام 2011، في غياب أيّ معارضة فعليّة مؤثرة داخل سوريا، وبينما لا تزال مناطق واسعة خارج سيطرته.

وتُجرى الانتخابات التشريعية مرة كل أربع سنوات. ويفوز بانتظام حزب “البعث”، الذي يقوده الأسد، بغالبيّة المقاعد، البالغة 250.

وتتوزّع المقاعد مناصفة تقريباً بين قطاع العمّال والفلاحين (127 مقعداً)، وبقيّة فئات الشعب (123 مقعداً).

وبلغ عدد المتقدمين لهذه الدورة البرلمانية 8,953 مرشحاً، بينهم 1317 امرأة، وفق السلطات.

لا نساء

تقول آية جديد (22 سنة)، وهي طالبة في كلية الإعلام في جامعة دمشق: “ليس لديّ وعي سياسي كافٍ لأعرف ماذا يحدث في انتخابات مجلس الشعب، لكنني أشاهد، على غرار جميع الناس، الصور والشعارات في كل مكان”.

لكن عدم اهتمامها السياسي لا يمنعها من تسجيل ملاحظات عدة، بينها “أن معظم المرشحين من الرجال”. وتضيف: “لم أشاهد إلا صورتين لمرشحتين”، إضافة الى “ندرة الشباب المرشحين”.

ويشترط في المرشح لمجلس الشعب أن يحمل الجنسية السورية منذ عشر سنوات على الأقل، وأن يكون قد أتمّ الخامسة والعشرين من عمره، وألا يكون محكوماً بجناية أو جنحة بحكم مبرم.

ويُمكن لأي سوري بلغ الثامنة عشر من عمره أن يُدلي بصوته، بعد حضوره بشكل شخصي الى مركز اقتراع.

ولا يمكن للمقيمين في مناطق عدة خارج سيطرة الحكومة، أو ملايين اللاجئين الذين شردتهم الحرب، المشاركة في الاقتراع.

وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، بينما تسيطر “هيئة تحرير الشام” وفصائل أخرى أقل نفوذاً على مناطق في إدلب (شمال غرب) ومحيطها. وتنتشر فصائل موالية لأنقرة مع قوات تركية في شريط حدودي واسع في شمال البلاد.

وحدّدت السلطات للمتحدرين من تلك المناطق والمقيمين تحت سيطرتها مراكز اقتراع في محافظات أخرى. وتنتشر في دمشق لافتات وملصقات لمرشحين من محافظتي إدلب والرقة (شمال).

وتنتقد تحالفات سياسيّة معارضة تأسّست خارج البلاد “عبثية” الانتخابات. وقال رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة بدر جاموس في وقت سابق هذا الأسبوع إنها “تكرار لكل الانتخابات السابقة التي تمثّل السلطة الحاكمة وحدها”، بغياب تسوية سياسية للنزاع الذي أودى بحياة أكثر من نصف مليون سوري.

ومنذ العام 2014، فشلت محاولات التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع برعاية الأمم المتحدة.

وبعدما كانت المعارضة تفاوض على مرحلة انتقالية تبدأ بتنحي الأسد، اقتصرت المحادثات، منذ عام 2019، على اجتماعات لبحث تعديل أو وضع دستور جديد، لكنّها لم تحقق أي تقدم. وفقدت المعارضة السياسية تباعاً الزخم الدولي الداعم.

ورقة بيضاء

لا يتوقع الموظف في شركة تنظيم احتفالات جوني عربش (46 سنة) أن “تختلف الانتخابات عن سابقاتها، إذ تتكرّر الأسماء”، لكنه يطالب المرشحين أن “يعملوا من أجل الشعب الذي تعب طيلة سنوات الحرب”.

ويضيف: “نتابع أخباراً حول انفتاح سياسي، وتقارب مع السعودية، وتقارب محتمل من تركيا، ونأمل أن ينعكس ذلك على عمل المجلس، وعلى الأوضاع المعيشية”.

وشهد العام الماضي تغيرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت باستئناف دول خليجية، على رأسها السعودية، علاقاتها مع دمشق، التي استعادت مقعدها في جامعة الدول العربية، وحضر الأسد قمتي الرياض والبحرين.

وفي مؤشر على احتمال تحسّن العلاقات بين أنقرة ودمشق، بعد قطيعة منذ 2011، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأحد، أنه قد يدعو الأسد الى تركيا “في أي وقت”، في حين يشترط الأسد انسحاب القوات التركية من شمال البلاد قبل حصول أي لقاء.

في خيمة انتخابية في دمشق، يستقبل عددٌ من مرشحي إحدى القوائم الناخبين للاستماع إلى مطالبهم. ورفعت صور كبيرة لقائمة تضمّ بمعظمها رجال أعمال يرتدون بزّات رسمية.

ويبدي مدرّس مادة الجغرافيا حسام شاهين (40 سنة) حماسة للاقتراع، ويدعو أصدقاءه للمشاركة الإثنين.

ويقول: “علينا أن ندفع بالحياة الدستورية، وأن ننتخب، بدلاً من أن نشاهد وننتقد”.

لكن بشير (33 عاماً)، وهو أستاذ جامعي فضّل عدم ذكر شهرته، يعتبر أن الانتخابات “محسومة” النتائج.

ويقول: “لا أؤمن بأيّ من الأسماء المطروحة، لكنني في الوقت ذاته مقتنع بأن من حقي المشاركة (..)، لذا سأقترع بورقة بيضاء”.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.