بدأت تركيا، منذ أيام، حملة قصف مكثفة ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، حيث زادت بشكل واضح وتيرة حملات التصعيد العسكري المدفعي والجوي التركي، ونفذ سلاح الجو عشرات الهجمات التي استهدفت قياديِّي وكوادر “قسد”، بينما هددت هذه الأخيرة بملف “حماية مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة الإسلامية” ما يعرض حياة ملايين السكان للخطر.
وتملك قوات “قسد” التي تسيطر على ملف معتقلي التنظيم بدعم من قبل الولايات المتحدة، وتحديداً بعد إعلان التحالف الدولي نهاية الحرب على التنظيم في 2019، ورقة مهمة تعتبر وسيلة تأثير بيدها من أجل تعطيل العملية العسكرية التركية، وسط مؤشرات على تحضيرات من جانب القوات التركية لشن عملية عسكرية شمالي سوريا.
ويأتي هذا التصعيد العسكري كرد على الهجوم المسلح الذي استهدف شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية في العاصمة التركية أنقرة قبل أيام، وأسفر عن قتلى وجرحى.
مصادر محلية قالت إن القوات التركية دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة، تشمل معدات حديثة وعربات متحركة مضادة للطيران والدروع، لشن هجوم محتمل شمال سوريا، وذلك “على الرغم من عدم صدور طلب تركي بشكل رسمي للتعبئة، إلا أن العديد من فصائل الجيش الوطني بدأت برفع جاهزيتها استعداداً لأي تطورات ميدانية محتملة”.
ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن التعبئة تشمل تحركات كثيفة واستعدادات لفصائل “القوة المشتركة” وفصائل “الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد وعاصفة الشمال” على محاور ريف منبج شرق حلب، وريف تل أبيض شمال الرقة، وريف رأس العين شمال الحسكة، مع استمرار تدفق التعزيزات العسكرية التركية إلى المنطقة وتوزيعها على جميع المحاور.
وأضاف أن “المحاور تشهد انتشاراً مكثفاً للقوات والأسلحة المتطورة، في خطوة تشير إلى تحضيرات لمعركة قد تبدأ قريباً، خاصة في ظل تزايد التصعيد التركي المتصاعد براً وجواً على مناطق شمال وشرق سوريا”.
مدير شبكة “الخابور” المعنية بنقل أخبار محافظات شرق سوريا، إبراهيم الحبش، قال لـ “القدس العربي” إن الطائرات المسيّرة التركية استهدفت، الأحد، مواقع عسكرية لميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي “ب ي د” في مناطق متفرقة من الحسكة.
وأضاف أن “مسيّرة تركية قصفت مركز المناهج الذي تتخذ منه ميليشيات “ب ي د” مبيتاً لهم، إضافة إلى مبنى القيادة العامة لقوات “الأسايش” في مدينة عامودا بريف الحسكة، كما طاول القصف مستودع أسلحة لقوات “ب ي د” في مدينة عامودا، ما أحدث انفجارات متتالية”.
واستهدفت المسيّرات التركية مرآب سيارات يتبع لقوات “ب ي د” في مدينة الرميلان، إلى جانب مقر عسكري لقوات “ٌقسد”. ووفقاً للمتحدث، فإن “ب ي د” حوّلت جميع المؤسسات المدنية وحتى النفطية في مناطق سيطرتها إلى ثكنات عسكرية.
وقالت الإدارة الذاتية، الأحد، إن تركيا شنّت أكثر من ألف هجوم على شمالي سوريا، لافتةً إلى أن ذلك يقوض حماية مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ويعرض حياة ملايين السكان للخطر.
واعتبرت الإدارة، في بيان، أن هذه الهجمات “دون أي مبرر يسعى إلى تعميق الأزمات الاقتصادية عبر استهداف المنشآت والمرافق الخدمية والحيوية، وتهديد حياة خمسة ملايين نسمة من السكان الأصليين والنازحين في مناطق الإدارة الذاتية”.
وأشارت إلى أن التصعيد العسكري “يتيح الفرصة للخلايا الإرهابية لتعزيز وجودهم وتنظيم أنفسهم لشن هجمات” في المنطقة ما يقوض “مساعي الاستقرار ويهدد جهود مكافحة الإرهاب التي تقوم بها القوات الأمنية بالتعاون مع التحالف الدولي”. ودعت في بيانها قوات التحالف الدولي وروسيا وكل المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى “إدراك تداعيات هذا العدوان، والتحرك لوقفه”. وحذرت في بيان منفصل “من صمت قوات التحالف الدولي وروسيا” وقالت إن ذلك ينذر بـ “مرحلة خطيرة” تتطلب مواقف صارمة ومسؤولة.
وشنت تركيا أكثر من ألف هجوم بالمقاتلات الحربية والطائرات المسيرة وقذائف الهاون والمدفعية، على مواقع “قسد” في القامشلي، وعين العرب وعامودا والدرباسية. كما قصفت بالمدفعية الثقيلة قريتي الدردارة وأم الكيف، شمالي تل تمر، وبلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، وأظهرت مقاطع مرئية انفجارات وأعمدة دخان في البلدة. كما قصفت ريف منبج، وريف حلب الشمالي.
ورداً على هذه الهجمات، أعلنت “قسد” أن قواتها نفذت عمليات رد فعالة ضد قواعد الجيش التركي شمال سوريا، وأوقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة في معداتها.
وأكدت في بيان، أمس الأحد، استهداف القواعد التركية في ريف تل تمر، ما أدى إلى إصابة 8 جنود وإعطاب 3 آليات عسكرية، كما استهدفت في قريتي صيدا والمزرعة في ريف عين عيسى قاعدتين للجيش التركي.
وأعلن المركز الإعلامي لمجلس منبج العسكري، السبت، عن مقتل 7 جنود للجيش التُّركيّ وجرح آخرين في سلسلة عمليّات لمجلس منبج العسكريّ وجبهة الأكراد بريف منبج.
وأكد مجلس منبج العسكري قصفه أربع قواعد تركية بالأسلحة الثقيلة، بريف منبج الشمالي، وبحسب البيان، فإن قوات “قسد” ردت على هجمات الجيش التُّركيّ المتواصلة على مناطق شمال وشرق سوريّا منذ أربعة أيّام، حيث “نفذت سلسلة من العمليّات النَّوعيَّة، استهدفت فيها بالأسلحة الثَّقيلة 4 قواعد للجيش التُّركيّ المتمركزة في قرى ريف منبج الشَّماليَّة”. وتتمركز هذه القواعد التركية في “البلدق، الشيخ ناصر، القراطة والشقيف”، ما أسفر عن مقتل سبعة جنود أتراك وإصابة آخرين. كما تركز القصف، وفق البيان، على قرى الحوتة والصيادة، والقرى القريبة غربي منبج بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، وبلع عدد القذائف على كل من قريتي كاوكلي 15 قذيفة، قرط ويران 12 قذيفة. في غضون ذلك، نفى القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، السبت، علاقة قواتهم بالهجوم الأخير في أنقرة.
ويوم الجمعة، قال الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، إن “هجوم أنقرة الذي استهدف شركة صناعات الطيران والفضاء (توساش) في العاصمة، جرى عن طريق تسلل المنفذين من سوريا إلى الأراضي التركية”. وقال عبدي، خلال كلمة متلفزة، بثها الموقع الرسمي لـ “قسد”، إن قواته ملتزمة بعدم تنفيذ أي عمليات عسكرية على أراضي تركيا. ومنذ ليل الأربعاء – الخميس، بدأت تركيا بتنفيذ ضربات جوية على مناطق متفرقة من شمال شرقي سوريا تركزت على مواقع “قسد”.
القدس العربي