كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن دخول نحو نصف مليون شخص إلى سوريا، مؤكداً عودة بعض الأسر اللبنانية إلى لبنان بسبب نقص الخدمات وسوء الظروف المعيشية في سوريا.
واعتبر التقرير أن التأثير على الأمن الغذائي مثير للقلق، حيث يواجه ما يقرب من 13 مليون شخص بالفعل انعداماً حاداً للأمن الغذائي في سوريا – وهذا هو خامس أعلى إجمالي في العالم – بينما اضطر برنامج الغذاء العالمي إلى خفض مساعداته بنسبة 80 في المائة في العامين الماضيين بسبب تخفيضات التمويل.
وما يثير القلق وفق المصدر الأممي، أن أحدث تقرير عن نقاط الجوع الساخنة، الذي أصدره برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة، حدد سوريا كدولة “مثيرة للقلق الشديد”، من بين 12 دولة الأكثر عرضة لخطر المزيد من تدهور الأوضاع في الأشهر الستة المقبلة.
وبينما بلغ عدد القادمين من لبنان إلى شمال غربي سوريا نحو 7800 شخص، فقد وصل أكثر من 100 ألف شخص إلى شمال شرقي سوريا، حيث يزيد هذا من الاحتياجات في منطقة يحتاج ثلاثة أرباع سكانها إلى مساعدات إنسانية، ويستمر الصراع هناك. وتناولت مديرة العمليات والمناصرة في “أوتشا” إيديم ووسورنو، في إحاطتها أمام مجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا، الخميس، ثلاث قضايا رئيسية، أهمها: التأثير الإنساني المستمر على سوريا نتيجة للصراع الإقليمي المتصاعد، بما في ذلك التدفق المستمر للأشخاص من لبنان؛ والتأثير على الاحتياجات الإنسانية والضغوط القائمة، في وقت يحتاج فيه أكثر من ثلثي الناس في سوريا بالفعل إلى مساعدات إنسانية حيوية؛ إضافة إلى الحاجة المتزايدة إلى التمويل الإنساني والعمل بطرق تعظيم الموارد.
وقالت المسؤولة الأممية، إن استمرار الأعمال العدائية في لبنان دفع الآلاف من الأشخاص عبر الحدود إلى سوريا كل يوم، كما أدت الغارات الجوية المستمرة على طول الحدود إلى جعل هذه المعابر أكثر خطورة وصعوبة. وتؤدي الأضرار الناجمة عن الغارات الجوية إلى عدم تمكن المركبات من عبور اثنين من المعابر الحدودية الرسمية الخمسة.
ويشمل ذلك معبر جديدة يابوس الرئيسي في ريف دمشق ــ الذي عبره نصف الوافدين حتى الآن ــ ومعبر الجوسية في حمص، حيث لجأ الناس – بمن فيهم النساء والأطفال وغيرهم من الفئات الضعيفة – إلى المعابر سيراً على الأقدام أو البحث عن طرق بديلة أطول وأكثر خطورة.
وقد سقطت غارات جوية بالقرب من معبر الجوسية الحدودي وفي القصير بالقرب من مرافق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفي إحدى الحالات أدت إلى إلحاق أضرار بمركز المفوضية الحدودي في الجوسية. وأدى قصف آخر على منطقة شمسين إلى تضرر طريق دمشق حمص، كما تستمر التقارير عن سقوط ضحايا من المدنيين نتيجة للضربات المستمرة في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق السكنية. كما تعمل هذه الضربات على تعقيد جهود الإغاثة: فقد تم تقليص حركة عمال الإغاثة، وخاصة إلى أجزاء من حمص، وأدى الضرر الذي لحق بالمعابر الحدودية إلى إجبار الشاحنات على اتخاذ طرق أطول، ما ساهم في زيادة تكاليف السلع.
وأكدت أن التقارير تشير إلى أن ما يزيد على 540 ألف شخص فروا إلى سوريا من لبنان منذ أواخر سبتمبر/أيلول ــ أي أكثر من نصف مليون شخص، لافتة إلى أن ثلثي هؤلاء اللاجئين هم من السوريين، وأكثر من نصفهم من الأطفال، وأكثر من 7000 منهم من النساء الحوامل، ونحو 40% من الأسر الوافدة تعولها نساء، في بلد يحتاج فيه بالفعل 16.7 مليون شخص ــ أكثر من 70% من السكان ــ إلى المساعدة.
في أواخر الشهر الماضي، أدى تصعيد الأعمال العدائية في الشمال الشرقي إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين. كما أدى الضرر الذي لحق بالبنية التحتية المدنية إلى تعطيل الوصول إلى المياه والكهرباء والوقود لمئات الآلاف من الناس. واضطر العديد من الشركاء الإنسانيين إلى تعليق أنشطتهم مؤقتًا.
وتواجه المنطقة أيضًا تفشيًا جديدًا لوباء الكوليرا المشتبه فيه، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 270 حالة مشتبهاً بها ووفاة واحدة حتى الآن في الشمال الشرقي.
وتقع العديد من هذه الحالات في مخيم الهول، حيث يعيش عشرات الآلاف من الأشخاص معظمهم من النساء والأطفال، في ظروف مزدحمة تشبه الاحتجاز.
ويشكل الافتقار إلى مرافق الاختبار الكافية في الحسكة، إلى جانب انخفاض الموارد المخصصة للخدمات الصحية، خطرًا خطيرًا على احتواء تفشي الكوليرا.
مناطق المعارضة
ووصل ما يقدر بنحو 7800 شخص من النازحين من لبنان إلى شمال غرب سوريا، بينما يحتاج نحو 1.4 مليون نازح داخلي إلى مساعدة عاجلة، بما في ذلك 730 ألف شخص ما زالوا يعيشون في خيام. يشكل النساء والأطفال غالبية هؤلاء الأشخاص، وهم الأكثر معاناة.
وقالت المسؤولة الأممية، إن وصول القادمين من لبنان إلى شمال غربي سوريا يترافق مع نقص احتياجات والنزوح وارتفاع الخسائر في صفوف المدنيين نتيجة “الأعمال العدائية”، مؤكدة أن الاحتياجات والنزوح والخسائر في صفوف المدنيين مرتفعة بالفعل نتيجة للأعمال العدائية.
وقالت إيديم ووسور، إن المجتمعات المضيفة التي تواجه بالفعل مستويات مذهلة من الاحتياجات والخدمات الإنسانية المجهدة تواجه ضغوطاً أكبر، وبدون تمويل إضافي، من المرجح أن ترتفع حالات الإصابة بالالتهابات التنفسية والاستشفاء، وخاصة بين الأطفال الصغار، حتى مع تقليص المساعدات الصحية. وسوف يخسر ملايين الأطفال تعليمهم بسبب نقص التدفئة.
وقد وصف التقرير “عائلة في حمص كانت تواجه بالفعل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، حيث تستضيف نحو 20 فرداً من أفراد العائلة الذين فروا من لبنان. أو قاعة دراسية في حلب، كانت مصممة لاستيعاب ما يصل إلى 45 طالبًا، لكنها الآن تكتظ بأكثر من 70 طفلًا” حيث اضطرت هذه المجتمعات بالفعل إلى تقليص المساعدات الإنسانية المقدمة لها بشكل كبير، حيث يبلغ تمويل خطة الاستجابة الإنسانية 28 % فقط، ويتلقى حوالي 2 مليون شخص مساعدات أساسية شهرياً الآن أقل مما كانوا يتلقونها قبل عام.
وحذر المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا ومنسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية في بيان مشترك الأسبوع الماضي، من العواقب الوخيمة لنقص التمويل، مؤكداً وجود حاجة إلى مزيد من التمويل لمساعدة نحو 2.5 مليون شخص على تحمل أشهر الشتاء، حيث يعتبر الوضع خطيراً بشكل خاص بالنسبة للنازحين في المخيمات والمواقع غير الرسمية.
وحث التقرير على دعم جهود المبعوث الخاص بيدرسن لتسهيل التوصل إلى حل سياسي في سوريا، معتبراً أنه خطوة أساسية نحو إنهاء هذه الأزمة الإنسانية المستمرة منذ عقد من الزمان وتمكين الشعب السوري من إعادة بناء حياته واستعادة الأمل في مستقبل أفضل.
القدس العربي