في لقاء هو الأول من نوعه خلال الشهرين الماضيين، استقبل الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، مساء الثلاثاء، في قصر الشعب في دمشق، وفداً ضم أعضاء من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ومن هيئة التفاوض السورية، نقلوا له التهنئة لتوليه رئاسة الجمهورية، في ظل أنباء عن عزم الائتلاف والهيئة حل نفسهما، مع تأكيد قيادي سياسي شارك في الاجتماع، بأن اللقاء كان «بروتوكوليا وعلاقات عامة، ولم يتم خلاله «الاتفاق على أي مخرجات سياسية لها علاقة بالمواقف المرتقبة والمنظرة».
واستقبل الشرع، رئيس هيئة التفاوض، بدر جاموس، ورئيس الائتلاف هادي البحرة، إلى جانب أعضاء الهيئة السياسية للائتلاف.
وأوضحت الرئاسة السورية في بيان أنه قد «هنأ الوفدان الشرع، بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية، مؤكدين على ضرورة وقوف السوريين شعباً وقيادة ومؤسسات، صفاً واحداً لمواجهة التحديات كافة في هذه المرحلة من تاريخ سوريا».
وزادت: «اتساقاً مع بيان إعلان انتصار الثورة السورية المتضمن حلّ جميع المؤسسات التي نشأت في ظل الثورة ودمجها في مؤسسات الدولة، قام الوفدان بتسليم العهدة المتضمنة كافة الملفات الخاصة بهيئة التفاوض والائتلاف الوطني والمؤسسات المنبثقة عنهما، إلى الدولة السورية لمتابعة العمل بها بما يخدم مصالح الشعب السوري وبناء الدولة بقيادة رئيس الجمهورية».
وأضاف البيان: «أشاد الرئيس الشرع بنضال العاملين في هذه المؤسسات ضد النظام المخلوع وبصلابة مواقفهم الوطنية على الساحة السياسية الدولية وجهودهم في فضح ممارساته وجرائمه، ومساهمتهم في تعزيز صمود الشعب السوري على مدى 14 عاماً، الذي تكلل بانتصار الثورة السورية المباركة وهزيمة النظام البائد عسكرياً، ببطولات وتضحيات الثوار بقيادة إدارة العمليات العسكرية». وأوضح البيان أن «الحضور أكدوا على وقوفهم خلف قيادة رئيس الجمهورية والعمل معه يداً بيد من أجل تخطي تحديات هذه المرحلة وإعادة توحيد البلاد وتحقيق الأمن والاستقرار، وإتمام تشكيل الجيش السوري على أسس وطنية عبر استكمال دمج جميع الفصائل العسكرية فيه، وحصر السلاح بيد الدولة، والمضي قدماً في تنفيذ خريطة الطريق التي وضعها من خلال تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل كل السوريين، وصياغة مشروع دستور جديد لسوريا يقره الشعب السوري ومن ثم الوصول إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة على كافة المستويات». وذكرت وسائل إعلام محلية أن «الشرع اتفق مع رئاسة الائتلاف على حل الأخير» و«هيئة التفاوض» مشيرة إلى أن «أجواء إيجابية سادت الاجتماع».
وفي تصريح خاص لـ»القدس العربي» قال قيادي سياسي شارك في الاجتماع، دون ذكر هويته، إن اللقاء «كان اجتماعاً بروتوكولياً وعلاقات عامة، أكثر منه أي شيء آخر، ولم يتم خلاله الاتفاق على أي مخرجات سياسية لها علاقة بالمواقف المرتقبة والمنظرة».
وعن طبيعة الملفات التي حضرت خلال المناقشات قال: «كل ما يمكن اعتباره حساساً بالنسبة لمستقبل سوريا، لم يتم التطرق إليه بشكل جاد، سواء فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة المرتقبة في آذار/ مارس المقبل، أو تسمية أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، كما لم يتم التطرق خلال اللقاء الذي استمر لنحو ثلاث ساعات، للمجلس التشريعي المقرر أن يشكله الرئيس الشرع ودوره والمأمول منه خلال الفترة الانتقالية المقبلة». واعتبر القيادي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن اللقاء «كان بمثابة تهدئة نفوس لا أكثر ولا أقل، لجماعة كانت قد اتخذت مسبقاً القرار بحل نفسها».
وأوضح أن «شعوراً بالنشوة انتاب معظم الذين حضروا اللقاء باعتبار أنهم كانوا جميعهم من المضطهدين من قبل شاغل قصر الشعب السابق رئيس النظام الفار بشار الأسد، وهم كانوا بالأمس يجلسون مع الرئيس الجديد للدولة السورية في المكان ذاته، بينما يتوارى الأسد في موسكو». وذكر أن «أحد الحضور قال إننا لم نكن نستطيع المرور أمام باب القصر أما اليوم فنجلس داخله بينما رموز النظام هي التي باتت ملاحقة وهاربة و«إنما الدنيا دواليك يوم لك ويوم عليك».
وحول موضوع استيعاب كوادر الائتلاف ضمن صفوف الحكومة ومؤسسات الدولة السورية وخصوصا بعد اغلاق مكاتب الائتلاف في اسطنبول وقرار حلّه، أكد القيادي أن «هذا الموضوع لم يتم التطرق إليه بهذه الصراحة والجدية» لكنه عبر عن قناعته بأن «الحكومة الحالية ستفتح هذا الباب أمام كوادر الائتلاف للاستفادة منهم في ظل الحاجة الماسة والنقص الكبير في كوادر «هيئة تحرير الشام» وفصائل «بيان النصر» وخصوصاً أن الإدارة الجديدة تعمل اليوم على تعيين المسؤولين في مؤسسات الدولة على مختلف المستويات وفق مبدأ الثقة والولاء أكثر من مبدأ الكفاءة».
وتعليقا على أن هذه الآلية تشبه كثيرا ما كان يعتمده النظام البائد في تعيين كبار مسؤولي الدولة، رفض القيادي ذلك، وقال: «لا نستطيع أن نظلم الحكومة الجديدة بهذا الشكل لأن وضع سوريا اليوم يختلف عما كان عليه سابقاً، لأنه عندما كان النظام السابق يعتمد على مبدأ الولاء قبل الخبرة والكفاءة، كانت لديه مؤسساته وفيها إغراء كبير، أما اليوم فمؤسسات الدولة لا إغراء فيها والدولة كلها فقيرة».
وعن أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، بين القيادي أنه «رغم خبرتي في صفوف ما كانت تعرف سابقاً بالمعارضة السورية، والتي تسبق حتى حراك الثورة لفترة طويلة، لكني لا أعرف بشكل شخصي إلا هند قبوات، وهي على الأغلب لم تأتِ لإمكاناتها وخبرتها، وإنما على الأغلب من باب أن يكون دورها محصوراً في تسمية الأعضاء المسيحيين في مؤتمر الحوار، وهي سيدة علاقاتها بالقوى السياسية الناشطة على الساحة السورية قليلة باعتبار أنها ناشطة مدنية أكثر من كونها ناشطة سياسية».
وإن كانت السلطات الجديدة في دمشق فتحت أي قنوات حوار مع القوى والأحزاب السياسية من خارج الفصائل التي شاركت في الإطاحة بالنظام السابق عسكرياً، وتحديداً فيما يتعلق والملفات التي تشغل الشارع السوري والدول العربية والإقليمية والدولية فيما يتعلق بملامح المرحلة المقبلة، قال القيادي السياسي إنه «وفق المعلومات المتوفرة لدينا فإنه وحتى اليوم لم تبادر القيادة السورية الجديدة في دمشق بالتواصل مع أي قوى سياسية كانت معارضة للنظام السابق سواء كانت تنشط من داخل البلاد أو خارجها».
القدس العربي