اجتماع جنيف رفع سقف انتقاداته للسلطات في دمشق وانتهى بتشكيل بعثات للتحقيق

أثار المؤتمر الذي شارك فيه نحو 400 ناشط سوري في جنيف، بدعم الحقوقي هيثم المناع، جدلاً بين السياسيين.
وفي تلخيصه لمجريات الاجتماع قال المناع إنه التقى قرابة 400 سورية وسوري بين حضور فيزيائي وافتراضي، في أول اجتماع جمع السوريين والسوريات من كل المناطق السورية ولكن أيضا من كل القارات، ومن كل الملل والنحل المجتمعية والسياسية».
وتابع: «كان اللقاء حدثا استثنائيا، فمنذ أن هرب المجرم الغلام ودخل أبناء الجنوب دمشق، ثم خرجوا منها تفاديا لهدر المزيد من الدم السوري، واستلام غرفة العمليات العسكرية السلطة في دمشق، كانت الاجتماعات التي تجري والقرارات التي تتخذ، وشبه الجيش الذي يتشكل، والجهاز الأمني القادم من إمارة إدلب، والحكومة التي تسيّر الأمور، ومؤتمر النصر، من لون مذهبي واحد، وهذا الفريق، لا يمثل من يدعي تمثيله أهل السنة، بل تشكّل بالأساس من أكثر أبناء السنة تطرفاً ودموية، وكان أكثر من كفّر من هذه الجماعة الإسلامية بشراً، وقد صفّى في وضح النهار فصائل عسكرية كاملة منها، بالاستعانة بآلاف الجهاديين القادمين من أصقاع الأرض».
وقال إنه ولأول مرة في تاريخ سوريا، تكون أولى المخرجات تشكيل «لجنة المتابعة الإنسانية وحقوق الإنسان» ثم جرى النقاش في لجنة وطنية موسعة من أجل بناء أوسع قطب ديمقراطي في عموم البلاد، وإن 57 شخصاً من خيرة كوادر المجتمع المدني السوري يباشرون منذ اليوم العمل من أجل فعل ما يمكن من أجل أهلنا الذين يعانون في أبسط الحقوق الإنسانية من مأوى وعلاج ولقمة خبز، على أن ينضم لهم العشرات من المنظمات الحقوقية والإنسانية».
وتحدث عن مخرجات أخرى للاجتماع وقال «عدة بعثات تحقيق، اثنتان منهما باشرتا العمل والباقي سيلحق بهم، وورشات عمل ستعمل على تعزيز ثقافة السلم الأهلي ومناهضة خطاب الكراهية والتحريض، وسيضع الحقوقيون كل الانتهاكات التي تقع تحت المجهر، ولكن أيضا لن يكون للإفلات من العقاب مكان».
وتحدث عن «بناء الطاقات والكوادر السورية» وأنها «مهمة كل قادر على الإسهام في ذلك» واعتبر أن «تكوين أوسع فريق من أكثر القضاة والمحامين والحقوقيين نزاهة وخبرة، أصبح أكثر من ضروري، في وقت يجري فيه اغتيال الحريات النقابية في وضح النهار ويحاول البعض تنصيب التكفيريين قضاة وشرعيين على السوريين والسوريات».
وختم المناع بالقول: «لن نترك التسونامي الجيو سياسي والمجتمعي الحالي يُغرق أهلنا في أوحال الحقد والتعصب والتكفير، ولن ننتظر النجدة، ولا نريدها من أحد، ورغم ضلوع عدد من السوريين في لعبة الأمم ومشروع تحطيم سوريا، بلدا وشعبا، فلن ينجحوا في انتزاع حقنا في الأمل».

القيادي في الحزب «السوري القومي الاجتماعي» طارق الأحمد قال لـ»القدس العربي» إن الاجتماع «شكل حالة كسرت الجمود السياسي الذي حصل بعد الإجراءات وقرار السلطة بحل الأحزاب في سوريا وما أعقبه من جو انكماشي للحالة السياسية التي بدأت منفتحة بعد سقوط النظام» البائد.
الأحمد الذي كان حزبه أحد الأحزاب التي طالها قرار حلّ حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية المتآلفة معه، اعتبر القرار السابق أنه قد «شكل حالة إحباط وفرملة للحياة السياسية وإشارات سلبية في اتجاه الحريات السياسية ما أنذر بأن الأسوأ قد يكون قادماً وبعد أن فقدت سوريا الأعمدة الرئيسية لحماية أمنها ومن أهمها الجيش السوري الذي حلّ، ثم ضربت امكاناته الهائلة من قبل العدو الإسرائيلي».
وتابع: «فكرنا نحن كقوى سياسية، بأن السياسة والتنوع السياسي هو الذي يمكن أن يشكل حماية في هذا الوقت أو يدرأ الاخطار قدر الإمكان، ولكن عندما يأتي القمع السياسي على دولة ليس فيها حتى اكتمال لمؤسساتها البنيوية، فإن هذا الأمر ينذر بتفكك الدولة كلها وليس فقط النظام السياسي، ولذلك جاء الاجتماع لكسر حالة الجمود وحالة الاحباط التي حصلت، ونأمل منه أن يعيد الحراك السياسي الى الساحة، ويرسل رسالة الى السلطة الحاكمة وإلى كل الموالين الجدد لها، بأنه لا يمكن بعد اليوم أن يسود رأي واحد في سوريا كما كان أيام النظام». القيادي في «تيار التغيير السلمي» والسياسي اليسار البارز فاتح جاموس، غير المشارك في الاجتماع، وجه مجموعة من الانتقادات لاجتماع جنيف، واعتبر أن عقده «من دون تشاور شبه شامل وعميق مع قوى وفعاليات الداخل المعارضة مهما كان وضعها» أثر على «بنية حضور الاجتماع وعلى جدول أعماله وأهدافه» معتبراً أن «الاجتماع حكم على نفسه سلفاً بالفشل وتحول إلى حقل للدوافع الذاتية، ومادة للشكوك حول العامل الخارجي، والشكوك فيما يتعلق بجدية التحول الى كيان معارض، على الرغم من أن موقف المناع ومقاربته التحليلية لطابع السلطة القائمة، وهو من أكثر المواقف منهجية وجرأة، وكنت ألاحظ مستوى تقاطعنا الكبير في كل ذلك».
وأكد جاموس المقيم في اللاذقية أن «محصلة نتائج الاجتماع جاءت متراجعة، عن مقاربة المناع، كما جاء عدد المشاركين مختلفاً عن النوايا والتقديرات الأولى» والتي تحدثت عن أكثر من ألف مشارك، مشيراً إلى أنه «لا يعتقد أن الاجتماع قد نجح فيما سعى إليه من أهداف معلنة» لكنه شد على أن «الاجتماع كان عنصراً محفزاً في مسألة (تشكيل) كيان أو محور أو قوة معارضة، حتى مع تراجع محصلة الحضور لأسباب لم يتم التطرق لها».
وأوضح أن القيادة والسلطة الجديدة في دمشق أخذت وتأخذ الوقت الكافي وقال: «إن لديها مثل هذه الفرصة وهي معطاة لها أولاً من قبل حليفيها الرئيسيين السلطتين التركية والقطرية، وأيضاً معطاة لها من الفصائل الأكثر تشدداً وتعصباً» معتبراً أنها معطاة للفرصة «طالما أنها بوضعية مجاملة عامة في الحقل الوطني الجيوسياسي للكيان (الإسرائيلي) والصف الأمريكي على منطق عدم فتح حروب جديدة، وأيضا بحكم استمرار مشهد ادوات التسلط والعنف بدون منافسين».
وبين أن السلطات القائمة لديها كامل الفرصة الفعلية من «تلك الأطراف وليس أبداً من جهة فعاليات المعارضة الجادة في مقارباتها وتحليلاتها وخياراتها الصريحة كمعارضة».

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.