نقل «قسد» مساجين من حيين في حلب يعقّد تنفيذ اتفاقها مع دمشق

تواصل الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» تنفيذ بنود الاتفاق المبرم بين الرئيس السوري للمرحلة المؤقتة أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وسط استمرار اللجان المكلفة من قبل الطرفين، تبادل الموقوفين بين جهاز الأمن الداخلي في وزارة الداخلية السورية، و«قسد» في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، حيث يجري الاتفاق برعاية تركية ـ أمريكية في ظل وجود بعض العقبات التي تعمل الأطراف المعنية على معالجتها، حسب مصادر مسؤولة لـ «القدس العربي».

صفقة تبادل

ويوم الخميس الماضي، شهد دوّار الشيحان في مدينة حلب أول عملية تبادل للمعتقلين بين الطرفين، حيث قضت صفقة التبادل بإفراج «قسد» عن 100 شخص، بين مدنيين وعسكريين، وتسليمهم إلى الدولة السورية متمثّلة بجهاز الأمن الداخلي، مقابل تسليم الطرف الثاني، نحو 150 أسيرا من عناصر «قسد».
يجري ذلك بينما تواصل «قوات سوريا الديمقراطية» الانسحاب من مدينة حلب، نحو مناطق شرق الفرات، وذلك تحت إشراف وزارة الدفاع السورية.
ويعد الاتفاق المبرم بين «قسد» والحكومة السورية «نقلة نوعية في مسار التهدئة شمال وشرق سوريا، وخطوة تمهيدية نحو حوار وطني أوسع، قائم على الشراكة لا الإقصاء، والاعتراف بالتعددية لا التهميش»، حسب ما قال عضو مكتب العلاقات العامة في «مسد» وسكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي) نصر الدين إبراهيم في تصريح لـ «القدس العربي».
وحسب رأيه، يفتح الاتفاق الباب أمام بلورة حل سياسي مستدام يعكس الواقع المتنوع للمجتمع السوري، ويؤسس لنظام ديمقراطي لا مركزي يضمن حقوق جميع مكونات سوريا القومية.
وأضاف: هذا الاتفاق يمثل من الناحية السياسية اعترافًا أوليًا من قبل السلطة الانتقالية في دمشق بالإدارة الذاتية، وبالحق المشروع للشعب الكردي في الحفاظ على خصوصيته في مناطقه التاريخية ومناطق وجوده داخل البلاد. وحسب المسؤول الكردي، فإن الاتفاق يجري «في سياق المساعي الجادة لتعزيز الاستقرار في مدينة حلب، حيث تم التوصل إلى اتفاق مفصلي بين المجلس المدني لحيي الشيخ مقصود والأشرفية، ولجنة مفوضة من قبل الحكومة السورية، وذلك استكمالاً للتفاهم الذي جرى بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، والرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، في العاشر من آذار الماضي، والذي ينص على انسحاب القوات العسكرية من الحيين إلى مناطق شرق الفرات، مع الإبقاء على قوى الأمن الداخلي «الأسايش» لضمان الأمن والاستقرار، والحفاظ على الخصوصية القومية للشعب الكردي، إلى جانب استمرار عمل مؤسسات ودوائر الإدارة الذاتية دون أي تغيير.

كما يشمل الاتفاق، وفق تصريحاته «تبادل المعتقلين بين الطرفين، في خطوة تُجسد إرادة المصالحة الوطنية، لا سيما في ظل الإفراج عن مقاتلين كانوا محتجزين لدى تركيا والفصائل الموالية لها، ما يعكس ملامح تنسيق إقليمي أوسع يأخذ بالاعتبار المعادلات المعقدة في المشهد السوري».
ويتضمن الاتفاق أيضا «إعادة الخدمات الأساسية إلى الحيين، وإزالة الحواجز غير الضرورية، مع التشديد على استمرار التنسيق الأمني بين الجهات المعنية منعًا لأي خروقات قد تعيد التوتر إلى المنطقة».
مصدر عسكري مسؤول في حلب، رفض الكشف عن هويته، قال لـ «القدس العربي» إن الاتفاق يهدف إلى تصفير الإشكاليات مع قوات «قسد» وأولها خروج من يرغب من حيي الشيخ مقصود والأشرفية في اتجاه المنطقة الشرقية على أن لا تتم ملاحقة أي شخص ممن بقي في هذه الأحياء، وتبادل أسرى بين الطرفين، وتبييض السجون.
وحسب المتحدث فإن هناك تعثرا في مواصلة الاتفاق، سببه نقل قوات «قسد» عددا من المساجين مع الأرتال التي خرجت من حيي الشيخ مقصود والأشرفية إلى السجون الواقعة تحت سيطرة قوات «قسد» في المنطقة الشرقية من سوريا، حيث يتم العمل على احتواء الموقف وحل القضية. وأضاف: معظم المساجين الذين نقلتهم قوات «قسد» معها من سجون حلب هم من فصائل الجيش الوطني بينهم قيادات.
وأكد المصدر أن الاتفاق الموقع بين «قسد» والحكومة السورية، وآلية تنفيذه تجري برعاية أمريكية ـ تركية، لافتا إلى انه «منذ أن شن الجيش التركي معركة نبع السلام شرق الفرات في أكتوبر 2019، ضد قوات قسد، وإلى اليوم، زاد نشاط الطيران التركي وهجماته ضد شخصيات بارزة في البي كي كي، إذ لا يمكن للطيران التركي أن ينفذ ضربات جوية في المنطقة الشرقية دون العودة للتنسيق مع الأمريكان بسبب انتشار قوات أمريكية في المنطقة، ومنعا من حصول أي استهداف بالخطأ لأي انتشار عسكري أمريكي في المنطقة. وتابع: طالما أن الجيش الأمريكي ينتشر في المنطقة الشرقية، وله مقرات داخل المدن، وتتنقل مجموعاته والمتعاونون معه في المنطقة، فإن الاتفاق التركي – الأمريكي هو لتنسيق الضربات الجوية في المكان والإحداثيات وغيرها، وهذه الضربات تستهدف شخصيات أمنية وكبار الشخصيات القيادية ضمن حزب العمال الكردستاني، ومقرات ومواقع عسكرية، وهو ما يسرع من عملية تفتيت هذه المنظومة، وتخليص المكون الكردي من توغل قيادات حزب العمال الكردستاني سواء من جنسيات سورية أو عربية أو أجنبية.

دعم أمريكي

وزاد: صحيح أن حزب العمال الكردستاني في سوريا يتلقى دعما أمريكيا، لكن منشأه روسي، ويرتبط بغرفة عمليات السليمانية التي تتبع للقرار الإيراني، وتنفذ الأجندة الإيرانية في سوريا، ولهذا فإن الطيران التركي ينفذ بالتنسيق مع الجانب الأمريكي أسبوعيا ومنذ نحو أربع سنوات، ضربات جوية، وهذا يدلل على التوافق الأمريكي – التركي الذي نتحدث عنه.
ووفق المصدر، إبان عملية نبع السلام، وتوغل الجيش التركي وسيطرته على مدن راس العين في الحسكة وتل أبيض في الرقة، انقسم المكون الكردي على نفسه الى عدة أقسام، قسم ذهب يحاور روسيا، وقسم ذهب في اتجاه محاورة نظام الأسد بوساطة روسية – فرنسية، وقسم ذهب في اتجاه محاورة تركيا بقيادة مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية.
مظلوم عبدي، وفق المصدر «زار تركيا عدة زيارات، التقى خلالها بمسؤولين أتراك، وتوجت هذه الزيارات مؤخرا، بشكل علني وواضح من خلال الاتفاقيات الرسمية بين الحكومة و«قسد»، وهي الاتفاقيات التي أعلنت عنها حكومة دمشق، وهذه الاتفاقية بحد ذاتها هي شأن دولي، ولا يمكن أن نقول إن الحكومة السورية توصلت لاتفاق مع «قسد»، دون الإشارة إلى المعادلة الدولية والدول المعنية الفاعلة والمعنية بالشأن السوري.
الترتيب الزمني لهذا الاتفاق، يستمر حسب المصدر العسكري «على مدار عام، أي حتى الانسحاب الأمريكي من سوريا، ولا يمكن أن يطبق بين يوم وليلة، ووصل الاتفاق اليوم إلى إعلان محافظ دير الزور استلام آبار النفط في المنطقة الشرقية».
وكان محافظ دير الزور غسان أحمد قد أوضح لوكالة الأناضول التركية، أن وزارة النفط في الحكومة السورية، ستتولى الإشراف الكامل على الآبار الواقعة في منطقة الجزيرة شرق نهر الفرات، شمال شرقي سوريا.

السيطرة على التراب السوري

وبين المصدر أن هذا الاتفاق المبرم بين مكونين اثنين من الكبار في سوريا، يعني السيطرة على كامل التراب السوري، لذلك يطالب الأكراد بجملة من الامتيازات لم تكن متاحة لهم في عهد نظام الأسد، منها الاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية في سوريا، وإدخال المناهج الكردية في المدارس الكردية، وهذه المطالب قد تم التوافق عليها بالفعل، حيث وصل تنفيذ الاتفاق في ظل التوافق الدولي، إلى شكل سوريا المقبلة وهي اللامركزية الإدارية، وهذه الإجراءات تقوم بها الحكومة مع كافة المكونات، حيث تقوم بإجراءات مهمة سوف تصل بالنهاية إلى مرحلة اللامركزية الإدارية، وهو ما يبدو جليا في حل مسألة حيي الشيخ مقصود والأشرفية، حيث يقضي الاتفاق بضم قوات الأسايش الكردية إلى قوات إدارة الأمن العام لإدارة الحيين، وهو ما ينطبق أيضا على محافظة السويداء، حيث فتحت إدارة الأمن العام مراكز لتطويع عناصر في الأمن العام من أبناء مدينة السويداء، هذه الخطوة تعزز لخطوة اللامركزية الإدارية، حيث تتوافق كل المكونات على أن تكون حكومة دمشق صاحبة السيادة في وزارة الخارجية وملفات الاقتصاد والأمن والجيش، وتطبيق إدارة لامركزية شبيهة بإدارة الولايات التركية، حيث يقود أبناء كل مدينة مدينتهم إداريا، لجهة المدارس والمشافي وقطاعات الصحة، وما هذا ما ينسحب على الساحل السوري.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.