وسط ارتفاع واضح في معدلات التسول وصل إلى 25 ٪عما كانت عليه العام الماضي وضمن معظم المدن السورية بما فيها العاصمة دمشق، كشف مدير الشؤون الاجتماعية والعمل محمود الخطيب، عن حملة لضبط الظاهرة بالتعاون مع أقسام الشرطة واعتماد إجراءات جديدة لمكافحة هذه الظاهرة التي باتت تمارس على الغالب «بشكل احترافي».
وفي تصريح لـ«القدس العربي» قال الخطيب: لاحظنا ارتفاع حالات التسول في شوارع العاصمة وأصبحنا نشاهد متسولين أمام إشارات المرور وفي معظم الشوارع، ومعظمهم يقومون بهذا الفعل من باب المهنة وليس من باب الحاجة والعوز.
وأكد أنه وبعد انتهاء شهر رمضان المبارك وعيد الفطر، من المقرر أن يتم تنفيذ حملة واسعة لضبط حالات التسول وفق القانون المعمول به سابقاً، مع تأهيل دار الكسوة الخاص بالمتسولين والمشردين الواقع غرب دمشق.
ورأى أن القانون الخاص بمكافحة التسول الذي كان معمولاً به سابقاً، جيد وفيه عقوبات متدرجة، ويمكن تفعيله، لكن هذا لن يتم إلا بعد تأهيل الدار الخاصة بالمتسولين، وحينها يمكن الوصول إلى نتائج إيجابية، مشدداً على ضرورة محاسبة المشغلين للمتسولين باعتبارهم أخطر من المتسولين أنفسهم.
وأشار إلى أن التعامل مع عدد من حالات التسول لم تتوقف، لكن المشكلة تكمن حالياً في عدم توفر إمكانيات كافية لضبط الظاهرة ومعالجتها بشكل نهائي.
ولفت إلى وضع دراسة حول الإمكانيات المتوفرة، موضحاً أن دار الإيواء في الكسوة كان سجناً أكثر من أي شيء آخر وغير مؤهل لاستقبال المتسولين والمشردين، والمتسول كان يدخل للدار لأسبوع ومن ثم يغادرها وكأنه لم يفعل شيئاً ليعود مرة أخرى إلى التسول.
ووفق الخطيب تم التواصل مع العديد من المنظمات لتأهيل دار الكسوة حتى تصبح مقراً لتأهيل وتدريب المتسولين، وخصوصاً لمن ليست لديهم مهن، معتبراً أن تأهيل الدار سيسهم في حل مشكلة التسول بشكل كبير.
ولفت إلى استمرار التنسيق مع بعض الجمعيات المعنية بموضوع التسول والتشرد لاستضافة أعداد منهم، وقال هناك جمعيات لديها مقرات مناسبة وسوف يتم دعمها، كما بات يمكن للجمعية أن تعمل على كامل الجغرافيا السورية وليس فقط في المحافظة الموجودة فيها.
في حين رأت رئيسة مكتب التسول والتشرد في مديرية شؤون دمشق خزامة النجاد أن ارتفاع معدل التسول في الفترة الحالية يعود إلى عدم تفعيل أقسام الشرطة في الفترة الماضية، مشيرة إلى أن هذه الأقسام بدأت تعود إلى عملها الطبيعي وبالتالي يتم التنسيق معها للعودة إلى ضبط حالات التسول في الشوارع باعتبار أن التعامل مع أقسام الشرطة في هذا الملف هو الأفضل.
وفي تصريح لـ«القدس العربي» أوضحت النجاد أن القسم الأكبر من المتسولين هم من الأطفال الذين يتم استغلالهم عاطفياً، وهؤلاء يتم التعامل معهم من قبلنا على أساس أنهم ضحايا، مع الإشارة إلى أن مشكلة التسول متراكمة منذ سنوات ومستمرة.
وقدر مصدر مسؤول سابق في الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، فضل عدم الكشف عن اسمه، ارتفاع أعداد المتسولين خلال الأشهر الماضية بنسبة 25 ٪ وتحديداً في شهر رمضان الماضي، وهذا ما تمت ملاحظته من خلال أعداد المتسولين الذين كانوا يقفون أمام المساجد لاستعطاف المصلين، أو على إشارات المرور في معظم شوارع العاصمة الرئيسية.
وبين المصدر أن عدد المتسولين في عموم البلاد بلغ العام الماضي حوالي 250 ألفاً، منهم 51.1 في المئة إناث، و64.4 في المئة يمارسون التسول بشكل احترافي، و10 في المئة من العدد الإجمالي أي حوالي 25 ألفاً، هم من الأطفال.
وأوضح المصدر أن «التسول أصبح مهنة يومية وتجارة مربحة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المجتمع” وأشار إلى أن «هناك من يستغل ذوي الحاجات الخاصة والمعاقين لممارسة مهنة أصبحت مستهجنة من السوريين».
ويشدد القانون السوري على ضبط حالات التسول، وتم في عام 2019 تعديل مواد من قانون العقوبات العام، سمحت بفرض عقوبات على بعض من يمتهنون التسول تصل حتى الى السجن لثلاث سنوات.
وينص القانون على إنزال عقوبة الحبس «من سنة إلى ثلاث سنوات على المتسول الذي يستجدي الآخرين في أحد الظروف التالية: بالتهديد أو أعمال الشدة، بحمل أي وثيقة كاذبة، بالتظاهر بجراح أو عاهات، بالتنكر على أي شكل كان، باستصحاب ولد غير ولده أو أحد فروعه ممن هو دون العاشرة من العمر، بحمل أسلحة وأدوات خاصة باقتراف الجنايات والجنح».
كما ينص القانون على فرض عقوبة «الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من 50 ليرة سورية إلى 100 ألف ليرة سورية» على كل من «دفع قاصراً دون الثامنة عشرة من عمره، أو عاجزاً إلى التسول بأي طريقة كانت لمنفعة شخصية».
القدس العربي