قيادي كردي لـ«القدس العربي»: سنحاور دمشق على شكل لامركزي للدولة

قال نائب الرئاسة المشتركة لـ»مجلس سوريا الديمقراطي ـ مسد»، علي رحمون، إن الأحزاب الكردية اتفقت فيما بينها للتحاور مع دمشق على أن يكون «شكل الدولة من أشكال الإدارة الذاتية أو اللامركزية».

تحوّل استراتيجي

وفي تصريحات خاصة لـ«القدس العربي» اعتبر رحمون الاتفاق الموقع بين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» قسد» مظلوم عبدي في الـ10 من آذار/ مارس الماضي «تحولا استراتيجيا في الوضع السوري، وهو خطوة مهمة نحو إعادة بناء الدولة السورية بما يتضمنه من مبادئ عامة من جهة و الرغبة الحقيقية لإنهاء حالة الانقسام السوري وتحقيق الاستقرار السياسي والامني والعسكري».
وأكد أن الاتفاق المرحلي الذي جاء ضمن الاتفاق العام السابق فيما يتعلق بمدينة حلب، وخاصة عودة حيي الشيخ مقصود والأشرفية إلى سلطة الحكومة السورية، هو بمثابة «خطوه أولى في إطار تنفيذ بنود الاتفاق العام، وستتبع ذلك خطوات أخرى قد يكون منها ما يتعلق بمنطقة عفرين للسماح بعودة المهجرين والنازحين إلى بيوتهم في هذه المناطق».
ومع دخول اتفاق حلب التنفيذ وخروج قافلتين من قوات «قسد» من المدينة في اتجاه شرق الفرات خلال الأيام الماضية، قالت مديرية الإعلام في حلب، إن الأمن الداخلي انتشر على مداخل حيي الأشرفية والشيخ مقصود بعد إزالة السواتر الترابية وفتح الطرق.
وأكدت أن الأمن العام فعّل حواجز مشتركة بين القوات الأمنية في الحيين (قوات الأسايش الكردية) تمهيداً لدمجها ضمن وزارة الداخلية. وأوضحت أن الخطوة تأتي استكمالا لبنود الاتفاق، بما يشمل تبادل الموقوفين وخروج العناصر العسكرية المتبقية إلى شرقي سوريا.
وتطرق المسؤول الرفيع في «مسد» إلى اتفاق تحييد سد تشرين على نهر الفرات عن المعارك وإعلان وقف إطلاق النار في محيطه وقال: «إن وقف إطلاق النار في محيط سد تشرين هو خطوة جبارة تدفع في اتجاه نزع فتيل الاقتتال الأهلي في شمال شرق الفرات، وخاصة من قبل فصائل وجماعات جهادية تعمل كأدوات لتركيا»، على حد زعمه. وشدد على أن «سحب هذا الفتيل نقطة إيجابية ومهمة جدا».
وبين أن «التوافق على هذه الخطوة هو لسحب ذرائع التدخل الإقليمي وخاصة التركي في الشأن الداخلي السوري، فوقف إطلاق النار والعمل بجدية لتطبيقه يؤدي إلى الاستقرار الأمني والعسكري في أهم نقطة قابلة للتفجر في سوريا»، مشيراً إلى أنه «لتلك الأسباب تم الاتفاق وبدأ تنفيذه عبر سحب القوات العسكرية إلى شرق الفرات والمباشرة بإدارة السد بكفاءات سورية وبإشراف الحكومة والدولة السورية».
وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أمس أن «وفدا من وزارة الدفاع السورية برئاسة العميد عواد محمد، قائد الفرقة 60، تفقد خلال جولة ميدانية في محور سد تشرين في ريف حلب الشرقي، والواقع الأمني والعسكري في المنطقة». وأوضحت أن الجولة «شملت زيارة عدد من القرى والنقاط العسكرية المحيطة بالسد، وذلك ضمن جهود وزارة الدفاع لإعادة نشر الأمن والاستقرار وتعزيز السيطرة في هذه المناطق».
ونقلت الوكالة عن عواد قوله إن «استلام سد تشرين سيتم ضمن خطة زمنية مدروسة، سيجري الإعلان عنها في الأيام المقبلة، في إطار التنسيق الكامل بين الجهات المعنية»، موضحاً أن وزارة الدفاع «ستقوم بإدخال الفرق الهندسية المختصة بإزالة الألغام، وذلك تمهيداً لتأمين المنطقة بالكامل وتهيئتها لعودة المهجرين»، مشدداً على ضرورة «عدم التسرع في العودة إلى القرى المحيطة قبل الانتهاء من عمليات التمشيط والتأمين، لضمان سلامة المواطنين».
وتضمنت الاتفاقية بخصوص سد تشرين، تنفيذ قوات الجيش العربي السوري وقوى الأمن العام وبالتعاون مع «قسد» وقوات «التحالف الدولي» جولة استطلاعية في منطقة السد قبل انسحابها منها، على أن يتم تمكين الفريق التقني من الحكومة السورية من صيانة عنفات السد وإعادتها إلى سابق عهدها، وأن يتولى الفريق التقني إدارة السد وأن يحيّد الجيش السوري منطقة السد عن أي اشتباكات محتملة.

وبشأن الاتفاق المرتقب التوصل إليه بين وزارة التربية السورية والإدارة الذاتية فيما يتعلق بالاعتراف بشهادات المرحلتين الإعدادية والثانوية في مناطق شرق سوريا ومصير المدارس التي تدرس باللغة الكردية في تلك المناطق، قال رحمون إن «اللجان المشتركة تواصل عملها لحل المشاكل التي يعاني منها الطلاب السوريون في الشمال الشرقي، وسيتم الحل عبر الاعتراف بالشهادات الإعدادية والثانوية التي تمنحها الإدارة الذاتية»، مشدداً على أن «الأمر بات ملحاً مع اقتراب موعد الامتحانات».
وعن مستقبل استمرار التدريس باللغة الكردية في بعض المدارس في المناطق ذات الغالبية الكردية، عبر رحمون عن اعتقاده بأنه «لن تكون هناك مشاكل بهذا الأمر، وهو سيكون خاضعاً للتوافقات التي تعمل عليها اللجان المختصة، وهناك مرونة كافية لكي يعملوا على تدوير الزوايا للوصول الى ما يرضي الاطراف كلها وبما يصب في مصلحة مجموع المكونات السورية».
وحول الخطوات التنفيذية المرتقبة في إطار عملية دمج مؤسسات الإدارة الذاتية ضمن إدارة الدولة السورية، قال رحمون إن «الإدارة الذاتية أعلنت إمكانية الحكومة السورية الانتقالية أن تستلم مباشرة الدوائر ذات المرجعية الإدارية كمكاتب النفوس وفرع الهجرة والجوازات والمعابر الحدودية»، موضحاً أنه «ليست هناك مشكلة أو أي عائق حول ذلك والكرة في ملعب الحكومة السورية والتأخير مرده على ما اعتقد بأن الحكومة تحتاج إلى كوادر وكفاءات لكي تدير هذه المؤسسات الإدارية».

دولة لامركزية

وحول إن كانت الأحزاب الكردية قد توصلت إلى توافقاتها فيما يتعلق بتشكيل وفد موحد للتحاور مع دمشق قال رحمون إن «تشكيل وفد موحد عن الأحزاب الكردية للتحاور مع دمشق هو شأن كردي، لكن أستطيع القول إن هناك توافقاً بين الأحزاب الكردية سواء من «المجلس الوطني الكردي» أو من الاحزاب الكردية الأخرى (حزب الاتحاد الديمقراطي) للتوصل الى نتيجة مشتركة (فيما يتعلق بطبيعة النظام السياسي للدولة السورية) ويبدو أن هذا التوافق قد تم، ونتحدث عن دولة قد تكون شكلا من أشكال الإدارة الذاتية أو من أشكال اللامركزية، وينتظر أن يتم إعلان على ما تم التوافق عليه».
ورجحت مصادر إعلامية أن يتم الإعلان الرسمي عن «الرؤية السياسية الكردية المشتركة» يوم الجمعة المقبل في محافظة الحسكة، بحضور أكثر من 250 شخصية من بينهم أحزاب كردية سورية وشخصيات سياسية واجتماعية وممثلون عن منظمات المجتمع المدني، والنقابات والمنظمات النسائية ومسؤولون من التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة»، ومسؤولون من إقليم كردستان العراق. والسبت الماضي، عقدت اللجنة الحكومية السورية برئاسة حسين السلامة وعضوية محمد قناطري اجتماعاً مع قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي، في مدينة الحسكة، وبحثوا استكمال تطبيق بنود اتفاق دمج الإدارة وقواتها العسكرية في دوائر ومؤسسات الدولة، واستمرار خفض التصعيد، ووقف الأعمال القتالية بين الجانبين.
وخلال اجتماع الوفد الحكومي مع قيادة «قسد»، سلم مظلوم عبدي قائمة بأسماء أعضاء اللجنة التي ستثمل إدارة إقليم شمال شرقي سوريا في الحوار مع الإدارة الانتقالية في دمشق، على أن تترأس الوفد القيادية الكردية فوزة يوسف من الهيئة الرئاسية لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الذي يقود الإدارة الذاتية منذ تأسيسها منتصف 2014، ومشاركة عبد حامد المهباش الرئيس السابق للإدارة، وسنحريب برصوم رئيس حزب «الاتحاد السرياني»، أحد الأحزاب المسيحية المؤسسة للإدارة، إلى جانب مسؤولين في الإدارة من المكونين الكردي والعربي.

رفض اللون الواحد

وختم نائب الرئاسة المشتركة في «مجلس سوريا الديمقراطية» تصريحه لـ«القدس العربي» بالحديث عن ملاحظات «مسد» تجاه الإعلان الدستوري والحكومة الجديدة وقال: إن «ملاحظات «مسد» على الإعلان الدستوري وعلى الحكومة الانتقالية الجديدة هي ملاحظات جوهرية، فالإعلان الدستوري جاء مخيباً للآمال وللتوقعات، والحكومة كذلك جاءت إقصائية وبلون واحد».
وعما إن كانت المحادثات المرتقبة بين الإدارة الذاتية ودمشق ستسفر عن إعادة النظر في الإعلان الدستوري وتشكيلة الحكومة، قال: «من الصعب التكهن اليوم بأنه ستتم إعادة النظر من قبل الإدارة الجديدة بتشكيلة الحكومة أو بالإعلان الدستوري، لكن هذه المسائل سيتم بحثها بالتأكيد، فلا يمكن القبول بهذا الإعلان الدستوري كما جاء، ولا يمكن القبول تحديداً فيما يتعلق بمركزية السلطات في يد رئيس الجمهورية من دون رقابة».
وأضاف: «رئيس الجمهورية وفق الإعلان الدستوري هو السيد المطلق، وهو من يعين ثلث أعضاء المجلس النيابي وباقي الثلثين بموافقته واختياره، وإذا ما جاء التمثيل في المجلس النيابي على شاكلة الحكومة، من لون واحد، فلن يكون هناك تمثيل حقيقي وشامل لمكونات الشعب السوري، وهذا لا يمكن القبول به إطلاقا لا داخليا ولا حتى دوليا حسب ما اعتقد».

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.