ماكرون يلتقي الشرع في باريس اليوم… اليمين المتطرف يندد والوسط واليسار يبديان نوعاً من الترحيب

يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، في باريس، الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في أول زيارة للأخير إلى أوروبا. وأثارت هذه الزيارة حالة من الانقسام في صفوف الطبقة السياسية الفرنسية، إذ قوبلت بالانتقاد من اليمين المتطرف، مقابل ترحيب من الوسط واليسار.
قصر الإليزيه قال في بيانه عن الزيارة، إنّ ماكرون سيؤكد مجدداً بمناسبة هذا الحدث، دعم فرنسا لبناء سوريا جديدة، حرّة، مستقرة، تعددية، ذات سيادة، وتحترم جميع مكوّنات المجتمع السوري، موضّحاً أن هذا اللقاء يأتي في إطار استمرار التزام فرنسا التاريخي بدعم السوريات والسوريين الذين يتطلعون إلى السلام والديمقراطية.
وأضاف الإليزيه، في بيانه، أن ماكرون سيُذكّر الرئيس السوري المؤقت بمطالبه تجاه الحكومة السورية، وفي مقدمتها شمولية عملية الانتقال، ومساهمة سوريا في استقرار المنطقة، ولا سيما فيما يتعلق بسيادة لبنان، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب، الذي يُعدّ تحديًا أمنيًا للسوريين وللمنطقة بأسرها، وكذلك للفرنسيين.
ولاحقا أصدر الإليزيه بياناً ثانيا، أكد فيه أن ماكرون سيطلب من الشرع «الحرص على جعل مكافحة الإفلات من العقاب واقعا» و«محاكمة» المسؤولين عن «تجاوزات بحق المدنيين».
وشدّد على أن «طلبنا هو حماية كل المدنيين، أيا كان أصلهم وديانتهم»، وأشار إلى «قلق شديد» لفرنسا إزاء «رؤية مواجهات دينية عنيفة للغاية تعود» إلى سوريا.
وكان ماكرون قد دعا الشرع، في شهر فبراير/الماضي، إلى زيارة فرنسا، في سياق مؤتمر باريس الدولي من أجل سوريا الذي عُقد في 13 من الشهر نفسه، والذي ساهم في تحديد الإطار بدعم من المجتمع الدولي.
غير أن زيارته كانت مشروطة بتشكيل حكومة سورية شاملة تضم «جميع مكونات المجتمع المدني» وبضمانات أمنية في البلاد.

غير أن هذه الزيارة ليست موضع ترحيب من اليمين المتطرف في فرنسا، إذ سارعت زعيمته مارين لوبان إلى انتقاد استقبال ماكرون للشرع، واصفةً إياه بـ«الجهادي الذي مرّ عبر داعش والقاعدة».
ونددت زعيمة اليمين المتطرف على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) بما وصفته بـ«الاستفزاز» و«انعدام المسؤولية» من جانب رئيس الجمهورية الفرنسية، الذي سيستقبل الشخص الذي يتولى رئاسة سوريا منذ سقوط بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأضافت لوبان رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب «التجمع الوطني» القول: «مرة أخرى، يُشوّه إيمانويل ماكرون صورة فرنسا ويقوّض مصداقية التزامها، خصوصاً تجاه حلفائها، في محاربة الإسلاموية. فالميليشيات الإسلامية التي زرعت الموت بين مواطنينا خلال اعتداءات دامية تقوم بذبح الأقليات»، على حد تعبيرها.
كذلك وصف رئيس كتلة نواب حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية» الحليف لحزب «التجمع الوطني»، إريك سيوتي، على منصة «إكس»، استقبال ماكرون للشرع بـ«الخطأ».
وقال: «استقبال الديكتاتور الإسلامي السوري في باريس خطأ فادح»، منتقداً ما اعتبره «خطأً جوهرياً يساهم في الاعتراف الدولي بنظام بغيض»، و «يلطخ اليدين بالدماء».
مع قاله سيوتي لا يجب أن يكون معياراً للإقصاء في الحالة السورية، حسب النائب الوسطي عن مجموعة «ليوت»، شارل دو كورسون. وأضاف هذا الأخير متسائلًا: «من لم يرتكب انتهاكات في سوريا؟» وتابع قائلا: « سوريا بلد يتميز بتنوعه العرقي والديني، وقد ارتُكبت فظائع من جميع الأطراف، لكن في لحظة ما، يجب أن نلتفت إلى المستقبل ونبحث عن سبل لإعادة السلام الأهلي»، على حدّ قوله.
في صفوف اليسار الفرنسي أيضاً، بدا أن زيارة الشرع هذه لا تُعدّ صادمة، حيث قال النائب البرلماني عن حزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي باستيان لوشو: «أن يلتقي الرئيس الفرنسي بهذا الرجل، لم لا؟»، مضيفاً القول: « لكن يجب توفير الضمانات الكفيلة بتمكين انتقال ديمقراطي حقيقي في سوريا، وضمان احترام الحقوق الإنسانية الأساسية وحقوق الأقليات». وعبر البرلماني اليساري عن أمله في أن يكون للرئيس الفرنسي «خطاب صارم في هذا الشأن».
أما النائب في البرلمان عن حزب الخضر «يسار» بنجامان لوكاس، فاعتبر من جانبه، أنه سيحكم على الزيارة بناءً على ما سيراه، قائلاً: «الدبلوماسية هي فن ـ أو بالأحرى واجب ـ التحدث مع الجميع. والسؤال هو ماذا سنقول؟ اعتدنا من الرئيس إيمانويل ماكرون أن يقول شيئًا في الصباح، ثم تُناقضه أجهزته في المساء، لذا نحن ننتظر لنرى ما سيقوله الرئيس».

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.