تقدمت قوات المعارضة السورية في المليحة بريف دمشق، أمس، إثر تجدد القتال مع القوات الحكومية وصدها لمحاولات التوغل في البلدة الخاضعة لسيطرتها منذ عامين، والتي تشهد اشتباكات عنيفة من فترة تزيد على مائة يوم، في حين تواصلت الاشتباكات في بلدات القلمون بريف دمشق الغربي الحدودية مع لبنان، من غير أن تسفر عن تقدم أي من الأطراف.
بموازاة ذلك، قدم رئيس هيئة أركان «الجيش الحر»، عبد الإله البشير، دعما معنويا للمقاتلين المعارضين في الشمال، عبر زيارة بعض النقاط على جبهات حلب، وتناول الإفطار برفقة بعض المقاتلين بقيادة قائد المجلس العسكري في حلب، العقيد عبد السلام حميدي، في حي الراشدين، الذي يشهد اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة والنظام، كما زار مقاتلي المعارضة على جبهتي وادي الضيف والحامدية في ريف إدلب.
ميدانيا، نفت مصادر المعارضة السورية العسكرية في القلمون بريف دمشق الغربي، سيطرة مقاتليها على مواقع حدودية مع لبنان، أو استعادة السيطرة على قرى وبلدات في المنطقة كانت القوات الحكومية استعادت السيطرة عليها في أبريل (نيسان) الماضي. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش السوري الحر والكتائب الإسلامية المقاتلة معها «تعتمد استراتيجية نصب الكمائن وتوجيه ضربات عسكرية ومغادرة المنطقة»، مؤكدة أن هذه الاستراتيجية التي تفعلت خلال الأيام العشرة الماضية كبدت القوات النظامية وقوات «حزب الله» (اللبناني المقاتل إلى جانب القوات الحكومية في القلمون) خسائر فادحة في الأرواح والآليات العسكرية. وقالت المصادر: «إننا غنمنا صواريخ وذخيرة وقذائف جراء مهاجمة بعض نقاطهم العسكرية في جرود رنكوس وجرود فليطا».
وأكدت المصادر أن المعارك في القلمون تتركز في جبهتين رئيستين حدوديتين مع لبنان. الأولى هي جبهة مزارع رنكوس التي «تشهد عمليات كر وفر، ولا تزال المعارضة تحتفظ بمواقع سرية لها فيها»، لافتة إلى أن تلك المواقع وفرت للمقاتلين قدرة على الاحتماء وشن عمليات على نقط عسكرية لـ«حزب الله» في سهل رنكوس. أما المعركة الثانية فهي جبهة فليطا، الحدودية مع بلدة عرسال اللبنانية ذات الأغلبية المؤدية للمعارضة السورية. وقالت المصادر، إن هذه البلدة «معروفة بتضاريسها الوعرة وجرودها المرتفعة وجبالها الشاهقة، واستطاعت أن توفر ملاذ آمن للمقاتلين الذي يسكنون جرود عرسال على المقلب السوري، ويمنع قوات النظام من التقدم إليها». ولفت إلى أن العمليات «تتركز في جهة رأس المعرة السورية أيضا، مما خلق ارتباكا كبيرا لقوات الحزب والنظام في المنطقة».
وتجددت الاشتباكات في القلمون مطلع الشهر الحالي، إثر استعادة قوات المعارضة قدرة على التحرك، وجمعت مقاتلين كانوا تفرقوا في جرود المنطقة الواسعة إثر سيطرة القوات الحكومية على المنطقة.
في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة، وقوات النظام مدعومة بمقاتلي «حزب الله» اللبناني وقوات الدفاع الوطني الموالية لها من جهة أخرى، في المنطقة الواقعة بين بلدتي زبدين والمليحة في الغوطة الشرقية، وسط تقدم لمقاتلي الكتائب والنصرة في المنطقة، وسيطرتهم على أربع مبان جديدة، إضافة إلى مقتل ست عناصر من قوات النظام وتدمير عربة مدرعة لها. كما سقطت قذيفة هاون على منطقة بمخيم جرمانا المحاذي للمليحة، على أطراف مدينة جرمانا مما أدى لسقوط جرحى وأضرار مادية في المنطقة، في حين تعرضت مناطق في البساتين الواقعة بين بلدتي الكسوة والمقيليبة لقصف من قبل قوات النظام.
من ناحية ثانية، أعلن الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، أن مقاتلين تابعين له، تمكنوا من فك الحصار عن المقاتلين في مدينة المليحة وفتح طريق إمداد لهم، وقتل عدد كبير من قوات النظام وعناصر «حزب الله»، عادا أن «المليحة عادت إلى واجهة الصمود الأسطوري وأعادت النظام عشرات الأيام إلى الخلف» بعد 103 أيام على بدء الحملة العسكرية التي شنها النظام للسيطرة على المليحة والدخول منها إلى الغوطة الشرقية لاستعادة السيطرة عليها.
وتزامنت التطورات مع تواصل القتال بين الكتائب الإسلامية ومقاتلي «الدولة الإسلامية» المعروفة بـ«داعش» في الغوطة الشرقية. وقالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إن «داعش» لم تعد توجد إلا في ثلث بلدات الغوطة الشرقية، بعد إطلاق حملة عسكرية ضد مقاتلي التنظيم المتشدد، أسفرت عن طردهم من معظم البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة شرق العاصمة السورية، كان آخرها بلدة مسرابا إثر عملية قام بها مقاتلون من عدو فصائل. من جهته، أفاد المرصد السوري بوقوع اشتباكات بين «داعش»، و«جيش الإسلام» والكتائب الإسلامية الموالية له من جهة أخرى في الغوطة الشرقية، مما أدى لمصرع قيادي في جيش الإسلام ومقتل مقاتل من «داعش».
وفي الغوطة الغربية، أفاد ناشطون بوقوع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي الكتائب الإسلامية على أطراف مدينة داريا، وسط قصف قوات النظام لمناطق في المدينة فيما سقطت قذيفتا هاون على مناطق في ضاحية الأسد قرب مدينة حرستا، ترافق مع اشتباكات بين قوات النظام ومقاتلي الكتائب الإسلامية في بساتين المدينة.
وفي دير الزور، اتخذ الاقتتال الطابع الأمني، بعد سيطرة «داعش» على كامل ريف المحافظة، وانحسار العمليات العسكرية، إذ أفاد ناشطون بوقوع انفجار في مدينة الميادين ناجم عن انفجار سيارة مفخخة بحاجز لـ«داعش» بالقرب من دوار الماكف، أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح.
وفي حلب، استهدفت الكتائب الإسلامية تمركزت قوات النظام في المدينة الصناعية بالشيخ نجار وقرية كفر صغير ومنطقة البريج بقذائف الدبابات، في حين أفاد ناشطون بقصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في حي طريق الباب، مما أدى إلى سقوط جرحى، في حين تعرضت مناطق في بلدة عندان لقصف.
الشرق الأوسط