د. كمال اللبواني
عندما سمى السفراء الا أحد عشر أسماء أعضاء الائتلاف من دون ارادة الشعب الثائر … شعروا بالسعادة الغامرة لانتدابهم لهذه المهمة … ، وكأي طفل أعطوا لأنفسهم وألعابهم أسماء كبيرة وعظيمة … فهم أشبه بطفل متأخر في ضبط مصراته يشعر بالسعادة والبهجة عندما يشتري له أهله كيس حفاضات فيمسكه و يلعب به فرحا … وهكذا حدث ونسوا أنهم مجرد أطفال متأخرين معاقين ذوي احتياجات خاصة جمعوهم من أكثر من مكان ليجلسوا في كرسيهم المتحرك الذي يقوده آخرون إلى حيث يريد ، في حين هم يتلهون بألعابهم … تلك التي يسمونها قيادة الثورة وتمثيل الشعب الذي اعترفت به الدول…
و بذكر اعتراف الدول وبذكر المعاقين عقليا ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يجلسون على مقاعد متحركة … فقد كان تنصيب بشار الأجدب ملكا على كرسي حكم سوريا هو أيضا وبذات الطريقة … أكبر اهانة متعمدة قام بها الغرب تجاه الشعب السوري ( الغرب الذي حضر وبارك بكامل طقمه السياسي والديبلوماسي مهزلة التوريث عام 2000)… فالمعادلة كانت واضحة والرسالة مفهومة جيدا لكل لبيب ( تريدون المقاومة سنملّك عليكم {أسدا مقاوما} لكنه أجدب وأحمق ومهزلة وعاهة عقلية … وبالتالي لن يلتهم هذا الأسد سوى شعبه ، وكل ما ستضعونه تحت أمرته من قوة سيقع عليكم وفوق رؤوسكم )
وكما هو الحال اليوم في الائتلاف .. حيث يقول البعض يجب علينا بذل جهود للإصلاح من داخله ليغطي رغبته بالاحتفاظ بالكرسي والامتيازات ، كذلك في تلك الأثناء كان البعض يسيرون في دعاية الاصلاح والتطوير ويتحدثون عن مساعيهم فيه … وفي دمشق كان عدد من المشايخ الكبار الذين لهم عدد كبير من المريدين من أصحاب الشهادات والأعمال والتجار يبررون تقربهم من النظام بمقولة أن الأسد جيد لكن الذين حوله سيئون … لذلك فنحن نسعى في الإصلاح … عندما نتقرب منه ، ونتناول طعامه ، عسى أن يهديه الله ويسدد خطاه .
فالرئيس عادة لا يفعل بيده بل يأمر أتباعه ، فإذا حدثت فضيحة ، يقوم بتحميل وزرها لأحدهم ويبقى هو فوق النقد ، وهكذا وضع حافظ أخوه رفعت في هذا المكان فمسح موضوع حماه به ، مع أنه يومها كان قد كلفه بأمن العاصمة أثناء سحق حماه ، خوفا من اندلاع اضطرابات فيها أثناء الحملة لأنه يده الأقوى والأكثر إخلاصا، واستخدم أكثر من ممسحة في مسيرته النضالية ، واعتاد أن يحمل كل مصيبة لفريق وزاري أو حكومي ويجعله ينتحر في بيته أو مكتبه صونا للعرض ، وكذا فعل بشار ، الذي استعمل اسم أخيه ماهر كبعبع ، مع أنه مستبعد كليا من ساحة القرار ومنشغل في مجونه، لتستمر دعاية أتباعه أن المحيطين به وأقرباءه هم من يتحملون مسؤولية الجريمة والفساد ، لتستمر كذبة التصحيح والتطوير والتحديث والاصلاح ….
وعندما دعاني أحد هؤلاء الشيوخ من أعيان المدينة العريقة للذهاب معه لحفل استقبال يحضره بشار ليريني كم هذا الانسان نبيل ومتواضع وانسان … قلت له أنت متدين وداعية اسلامية ؟ قال نعم
قلت لنفترض أنك تريد تعريف انسان ما بالإسلام ورسالة الاسلام التي حملها رسوله الكريم ، فتشرح له مناقب وخلق هذا الانسان العظيم التي تجعلنا نصدق ما جاءه من وحي … لكن لنفترض أن هذا الرسول ( أستغفر الله ) كان قد أحاط نفسه بكل فاسد وأفاق … بدل الصحابة الكرام … هل ستجد من يقبل معك دخول الاسلام، أم يلعنك ويحرق دينك الذي لم تطبقه على أقرب صحبك ومأموريك … قلت له اذهب وحدك فالناس على دين ملوكم ، ولا تسل عن المرء وسل عن قرينه .. وموقعنا نحن أن لا نكون شركاء في هذه الجريمة بأي شكل وأي لون … وهو أضعف الإيمان …
( سأل أحد خياطي الحاكم شيخه قائلا … مولانا نحن نخيط أثواب الظلمة الفجار فهل يلحقنا إثمهم .. فقال له بل أنت منهم ) وفي الجنايات المشترك له عقوبة الفاعل .. فهل الرئيس ليس شريكا في الحكم ، وهو قائد ملهم يجمع بيده كل الصلاحيات ، ولماذا لم يتصرف ، ولماذا لم يقيل أو يستقيل … المشكلة ليست غلطة ارتكبها النظام أو يرتكبها الائتلاف يمكن اصلاحها أو تعويضها للحفاظ عليه كمؤسسة وطنية . بل المشكلة أن هذه المؤسسة وهذا النظام سوف يخطئ ويتعمد الخطأ دوما وأبدا ، وبالتالي الإصلاح في تغيير المخطئ الذي أسدي اليه الأمر وهو غير أهل له … كشخوص ومؤسسات ونظم ومعايير وطريقة انشاء وعزل .. المشكلة أن الاصلاح يتطلب أول ما يتطلب نظاما آخر وائتلافا آخر منتج من الشعب بطريقة سليمة يراقبه ويحاسبه ويعزله متى شاء .
وفي هذا السياق عندما كنا نريد أن نصلي في مسجد السجن … كنا نناقش جواز تلك الصلاة، كون شروط المسجد هو الطهارة والحرية (أن يكون مفتوحا) … لكن المشكلة لم تكن فقط في الجدران والقذارة ، بل في شخص الامام الذي يصلي فينا ويعينه الضابط ، فقد كان سجينا لأنه ارتكب الفاحشة بولد، وشخص المؤذن النصاب المحتال ، والقارئ القاطع للطرق ، والمنشد الغواد وهكذا … وهكذا تقام الصلاة الجماعية ويذهب الأجر حيث لا ندري ، وتصبح الصلاة الفردية أتقى وأطهر … من الصلاة مع هكذا قوم ووراء هكذا إمام وفي ذلك المكان والظرف…. هل تعتقدون أننا لم نجرب اصلاح النظام ، أو اصلاح الائتلاف بالنصيحة وباليد الطيبة ؟
ويوم سُئل تشرشل عن وضع بلاده أثناء الحرب العالمية الثانية جاءت التقارير المتشائمة عن كل شيء ، فسأل كيف هو القضاء قالوا له بخير ، قال نحن إذن بخير … فالأمم والمجتمعات وأي اجتماع إنساني يقوم على عقد للسلم يحكمه النظام والقانون الذي يوضع بيد منفذة أمينة وعادلة ونزيهة هي القضاء …فإذا بقي هذا العقد يمكن اعادة بناء ما تهدم ، أما إذا انهار فهذا يبشر بانهيار كل ما نبنيه على ظلم وكذب … لذلك يوم طلب والي حمص من الخليفة عمر الثاني مالا لتحصين حمص أرسل اليه (حصنها بالعدل … )، ولذلك بالضبط انهار كل ما بنيناه وتعبنا به في سوريا التي انهارت على رؤوس أبنائها … ونحن اليوم نتباكى عليه .
ماذا فعل بنا نظام بشار ونفاقه ، ونفاق من والاه وسار معه وسكت عنه من أعيان ومشايخ يدعون الدين والحكمة والاصلاح ، مع أن الدين هو الأمانة والصدق والوفاء بالعهد . وماذا سيفعل بنا ائتلاف الثورة عندما ينسف آخر لبنة في النظام والقانون فيغير وثيقته الأساسية ، ويكافئ قاتلي الأطفال ويرد لهم الاعتبار ، ويجازي الفاسدين ويمد لهم ، ويحرم الحلال ويحلل الحرام ، ويبيع قانونيه وقضاته ضميرهم ونزاهتهم ويجعلوا من الرسوب نجاحا بالتزكية باسم الديمقراطية وصالح الثورة … هل تعتقدون أن الثورة بخير وهي بيد هؤلاء … وهل نحن الذين ارتفعت أصواتنا في وجه بشار وزبانيته يجب علينا أن نصمت في وجه الائتلاف وفساده الذي سيبني لنا سوريا المستقبل ، وعلى أي أسس أو معايير سيبنيها … هل المطلوب أن نصمت صونا للعرض وحرصا على الشرف ، وحفاظا على سمعة الثورة ووحدة الصف ؟ … وماذا تبقى وماذا تركوا لنحرص عليه … قبل سنة يوم استقلت كان هناك من يقول يجب أن يبقى الائتلاف وعليه أن يصلح نفسه … لكن معنى ذلك أن يبقى الائتلاف حتى يفسد الثورة ويأتي بداعش ويتشكل حلف دولي لدعم الأسد في حربه ضد الارهاب … شكرا لكم يا مصلحين وحريصين بل شكرا لكم يا قضاة ويا محامين … وقانونيين و يا معارضة …
الجميع متلبك ويسأل عن الحل … والحل بسيط :
يتخذ رئيس الحكومة المؤقتة المكلفة بتسيير الأعمال قرارا بدعوة الشعب السوري لاختيار هيئة تمثيل وتشريع جديدة وهذا من واجباته ، ويقوم بالتشاور مع خبراء بوضع آلية وقانون لذلك ويشرف على تنفيذه حتى ينتج مجلسا تشريعيا غير هذا المعطوب ، وبذلك نحفظ مؤسسات الثورة ونصلح الخلل ونعيد الأمور إلى أهلها ، الذين يرتضيهم ويراقبهم ويعزلهم الشعب ويتجددون دوريا بإرادته الحرة وحدها وليس ارادة السفير والأمير والعصابة … هذه هي الديمقراطية وهذه هي الشرعية وهكذا تبنى الدول .. وهكذا يكون رجل الدولة .. هلا فعلت يا شيخ يا دكتور أحمد … وخلصتنا من هذه المهزلة ؟؟؟