يثب

القانون الأساسي للمرحلة الانتقالية

القانون الأساسي للمرحلة الانتقالية

د محمد كمال اللبواني

الحالة الراهنة للقوات المسلحة أثناء الثورة :

بعد أن مارست علينا أجهزتنا الأمنية كل صنوف القمع والتنكيل ، وبعد أن انقلب علينا جيشنا الوطني قتلا وتدميرا وهو ما لم يفعله العدو الحاقد ، فقد الشعب الثقة بأجهزة الدولة الحديثة ومؤسساتها ، وتمسك بحقه  في الدفاع عن النفس والحقوق بيديه ، ولم يعد  متحمسا  لتسليم تلك المهمة لأي مؤسسة تنوب عنه ، على الأقل في الزمن المنظور، وبعد سنوات من العمل الشعبي المسلح ، يصعب كثيرا اقناع الشعب بتسليم سلاحه قبل بناء الثقة مع نظامه الجديد والاطمئنان لدوره الوطني …  لذلك وجب علينا ايجاد طريقة لتنظيم هذا السلاح وضبطه ووضعه في خدمة النظام العام وسيادة القانون ، وعليه نقترح هذه الصيغة التي يفترض أن تطمئن الثوار والشعب أن قوتهم التي صنعوها بشهدائهم ما تزال تحت الزناد ، ولن تسلب منهم لو عادوا للحياة العادية  والمدنية .

في الوقت الراهن تشكل مجموعات وقطعات الجيش الحر التطوعي العاملة في صفوف الثورة السورية بما فيها المجموعات الجهادية ، الحالة الطبيعية لقوة الشعب المسلحة ، التي تتولى مهمة حمايته وهزيمة العدو وتدميره . لذلك هي الأساس لكل قوة عسكرية منظمة دائمة أخرى  ، والتي عليها أن تستمد شرعيتها من تلاحمها مع المجتمع المحلي التقليدي والمدني وخدمتها له وليس لأعدائه حتى لو كانت السلطة ذاتها . فقسم الولاء لأي قوة مسلحة هو الوطن وليس النظام ، الشعب وليس الحاكم . وعقيدتها القتالية يجب أن تنص على ذلك . كما يجب وضع الضمانات القانونية في نظامها بشكل يبيح التمرد على كل ما يخالف ذلك .

وعندما يسقط النظام تتحول قوات الجيش الحر لقوة احتياطية مناطقية محلية مندمجة بالمجتمع والحياة العامة ، ولكنها جاهزة للخدمة العسكرية كلما دعت الضرورة . فتبقى تحت مسمى الجيش الحر ( الذي هو بمثابة الحرس الوطني التطوعي الاحتياطي )، وتحتفظ بسلاحها وعتادها جاهزا في معسكرات خاصة محلية ، وتتابع تدريبها كلما دعت الضرورة ، وتتقاضى رواتب جزئية عن خدماتها ، كما تستطيع ترميم بنيانها وتطويره بضم الشباب المتطوعين الجدد وتدريبهم ، وتعتبر في حالة خدمة كلما أعلنت حالة الطوارئ ، أو استدعيت وفق نظامها الخاص ، مهمتها حماية الشعب والمدنيين والسلم الاجتماعي، والمساعدة في الحروب والكوارث كقوات دفاع مدني . وبنفس الوقت يبقى عناصرها أعضاء منتجين في المجتمع وقطاعات الاقتصاد المختلفة . ولا نرى إلا إمكانية محدودة لتحويل هذه القطعات لجيش نظامي، مع وجود امكانية انتقاء عناصر منها لتطويعهم في هذا الجيش .

إن العسكريين الذين انشقوا قد انضم معظمهم لصفوف الثوار وصاروا منه يعملون بنظامه، وبقي قسم منهم ينتظر تشكيل نواة جيش نظامي، يعمل وفق الانضباط والتراتبية العسكرية. ويمكنهم أن يشكلوا  نواة هذا الجيش ليكونوا سندا وعونا للجيش الحر في هذه المرحلة ، وبعد سقوط النظام ليستكملوا بناء هذا الجيش النظامي بالإفادة ممن  يتبقى من عناصر ومؤسسات وعتاد ، طبعا بعد محاسبة المسؤولين عن الجرائم وتسريح الفاسدين ، كما يمكنهم الإفادة من منتسبين جدد يجري تدريبهم على العمل التخصصي الاحترافي، ويتولى هذا الجيش النظامي لسوريا الحرة  مهمة الحفاظ على الدولة وحماية حدودها،

كما ومن الضروري بمكان تفكيك واعادة هيكلة المؤسسات الأمنية كلها ومحاسبة المجرمين وتسريح المهملين والفاسدين ، واعادة هيكلتها ضمن اختصاصاتها ، وضمن صلاحياتها بحيث تكون علاقتها بالمواطن تمر عبر رقابة القضاء واشرافه كحكم .

إنه مشروع لتنظيم القوات المسلحة يرى المستقبل بدلالة الحاضر وضمن أهداف الثورة وفي سبيل العودة لحياة السلم والأمن القائم على الحق والعدل وسيادة القانون .

 


 

التشكيل العام للقوات المسلحة في سوريا

 

تتألف القوات المسلحة من أربع مكونات :

الجيش النظامي                     الجيش الحر                        قوات الأمن            الدفاع المدني

الجيش النظامي : يتألف من قوات نظامية محترفة تشمل كل صنوف الأسلحة وتعمل على حفظ الحدود وحماية الدولة والمواطنين من العدو الخارجي والمخاطر الأخرى ، يشكل على اساس وطني متوازن أهليا ويعتمد معيار الكفاءة ، يمنع عليه العمل في السياسة أو التدخل في الشأن السياسي، ولا يضم الا من كان سجله العدلي والأخلاقي نظيفا .

الجيش الحر ( الحرس الوطني )  : قوات تطوعية احتياطية مدربة تشكيلها مبني على أساس مناطقي محلي، تستدعى للخدمة كلما دعت الضرورة، وتشكل الحماية الحقيقية للمدنيين والوطن والنظام السياسي، تخضع لدورات تدريبية سنوية لتحافظ على مستواها القتالي، وتحتفظ بمعسكراتها وسلاحها قيد الاستخدام في مناطقها، سلاحها خفيف ومتحرك، ولها رواتب جزئية، وعناصرها لديهم أعمال أخرى، ويتم الانتساب إليها بالتطوع، أو بالتجنيد الإلزامي إذا لزم الأمر ، بموجب قوانين خاصة، ولا يمنع عناصرها من النشاط السياسي الحزبي خارج الثكنات فقط.

قوات الأمن :

الأمن الجنائي – الضابطة العدلية – الأمن العام – السير – الجمارك – الشرطة العادية – المداهمة الجنائية ،

وهي كلها ذات سلاح فردي ولا تتدخل في الشأن السياسي ولا يتعاطى أفرادها النشاط السياسي  ، وتتكون من محترفين مدربين ضمن معايير الكفاءة والسجل الوظيفي والقانوني والسلوكي النظيف.

الدفاع المدني التطوعي :

وهو رديف للجيش الحر يقدم خدمات طبية واغاثية في الكوارث والحروب ، ويتشكل من متطوعين مدربين احتياطيين  ،

ملاحظات  :

– كل صنوف القوات المسلحة خاضعة لقانونها الخاص ، وللقانون العسكري والمدني .

– لا حصانة لأحد أمام القانون ، وكل الملفات تحال للقضاء المدني الا ما يخص الجيش فيحال للقضاء العسكري .

– تخضع القوات المسلحة النظامية وجهاز الأمن لسلطة الحكومة ، التي تخضع بدورها لسلطة المجالس التشريعية المنتخبة وتلتزم الحياد السياسي ، وتبتعد عن المحاصصات وتعتبر من ثوابت الدولة .

– تعاد هيكلة الجيش النظامي وتدرس حالة كل عنصر وضابط على حدة أمام لجان مختصة ويحال للمحاسبة كل من تورط بجناية .

– تحل أجهزة المخابرات جميعها ، وتعود سلطاتها للأمن العام  ، وتعود المخابرات العسكرية لعملها كاستطلاع عسكري فقط ويحظر عليها التعامل مع المجتمع والمواطنين ،

– يمنع على أي أجهزة أمنية التعامل مع المواطنين إلا عبر القضاء (مراقبة وتوقيفا وتحقيقا ).

– بعاد بناء جهاز أمن دولة جديد بمعايير وصلاحيات جديدة ، ولا يحق له توقيف المواطنين بل يحيل ملفاته للقضاء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.