التناقض بين العلم والقرآن ؟! مثال عملي  

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

يؤمن المسلمون بأن القرآن هو وحي من الله خالق الوجود جاء على لغة البشر ، وبالتالي لا يدخله الباطل ، وأن  العلم معرفة انسانية مثبتة بالقياس والتجربة لحقيقة هذا الوجود ، فكيف يفعلون حيث يظهر تناقض بين العلم وبين اشارات أو تصريح القرآن الكريم … ؟ 

 من المفيد أولا التذكير بأن لغة القرآن لغة أدبية مجازية تختلف عن لغة ومصطلحات العلوم ، و أن هناك اختلاف بين المسلمين على اعتبار شكل القرآن ( هل هو شكل بشري مخلوق بلغة البشر مقيد بلغتهم ومصطلحاتهم في زمان النزول ، أو هو بشكله الذي بين يدينا سماوي مطلق متجرد متعالٍ عن الزمن والحال ، نزل كما هو بلغة وكلام الآلهة ذاتها التي خلقت الكون) …؟  مع ذلك فهذا ليس خلافا على صحة وصدقية الوحي في متنه ، بل على وعائه اللغوي وشكله الذي يحتوي ما أوحي به من الحق ، الذي يمكن نقله من لغة إلى لغة ( أي من شكل إلى شكل ) دون أن يتغير ، فالوحي تنزيل للحق ( نقل من ذات لذات ، و ترجمة من لغة الآلهة للغة البشر ) ، وما بين الاجتهادين يدور النقاش وينقسم المتكلمون والفلاسفة المسلمون .

وتختلف بناء عليه طرق قراءة القرآن وتأويله سعيا نحو استنباط الأحكام والمعرفة منه، عبر محاولة نقله من حالة المجاز الأدبي للغة العلم المحددة الدلالة والمصطلحات ، بما يحدثه هذا النقل من افقار في الحس والعاطفة والفن والموسيقى والروح والتعالي ، وهذا هام أيضا في مقاربة موضوعنا كما سنرى ، ومع ذلك لا يشمل جوهر الأفكار التي حملها القرآن ، ولا تقارن أهمية الاختلاف حول شكل القرآن ، مع أهمية ظهور تناقض بين العلم الحديث التجريبي و دلالات القرآن الكريم ، والذي من شأنه أن يقوض ويزعزع مصداقية الوحي السماوي كله من أساسه . فوجود تناقض واضح وصريح بين القرآن والحقائق العلمية الثابتة من شأنه أن يدمر مصداقية فكرة الوحي شكلا ومضمونا ، ويقوض تصديق النبوة والرسالة من أساسها ، ويهدم ثالث ورابع  ركن من أركان العقيدة الاسلامية … خاصة بعد ذلك النجاح التكنولوجي الذي حققه العلم التجريبي وقلب حياة البشر … لذلك نعتبر أنه من الخطير جدا ، بل من الغلو الضار في التقديس اعتبار النص القرآني (كتاب علوم ) تستنبط منه النظريات العلمية بالاستناد لفكرة ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) ، والأسلم من هذا الغلو ، اعتباره كتاب هدى ورحمة وحكمة شاملة لكل مناحي الحياة … فمثل هذا التناقض مستمر  وقائم الاحتمال طالما تطورت معارفنا العلمية وتطور فهمنا لإشارات القرآن .

المسألة كما ترون معقدة وصعبة وحرجة ، سوف نقاربها هنا من خلال مثال واقعي حصل معي في السجن الانفرادي الذي استمر سنوات … فقد لفتت نظري الآية التي تقول :

{ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) } (سورة الملك 3 – 5)

وتكررت في سورة فصلت :

{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) } (سورة فصلت 12)

في هاتين الآيتين وفي غيرها لم يتكلم القرآن عن مجموعات شمسية بعيدة يقدرها علماء الفلك الحاليين ب 70 مليار نجم شمسي تتجمع ضمن مجرات مختلفة يصل بعدها لمسافة خمسة ملايين سنة ضوئية،  في كون ما يزال يتوسع أيضا بمعدل سدس سرعة الضوء ( ثابت هبل ) … تكلم القرآن فقط عن الشمس كواحدة ، والقمر والكواكب ، أي عن المجموعة الشمسية التي نعيشها … وكأن المتكلم يعيش على الأرض ويرى ما نرى فقط ، قبل اختراع التلسكوب ومناظير الفلك ؟ … وهكذا شغلتني هذه المسألة وأجبرتني على التفكير فيها طويلا ، عندما لم يك ثمة مانعٍ  من التفكير ، حيث يتوفر وقت أكثر من كافي ، وكذلك الصمت المطبق والظلمة والوحدة التي يحتاجها المتأمل … وإن كانت في مغارة السجن الانفرادي في جناح الأمن السياسي في سجن عدرا المركزي.

هل كل هذه المجرات والنجوم والشموس هي مجرد مصابيح زينة للسماء الدنيا !!!! … أليست مجرات وعوالم هائلة تبدو مجرتنا ومجموعتنا الشمسية شيئا تافها أمامها ، مع ذلك لم  يذكرها الله ، ولم يشر إليها ، بل أشار لارتداد البصر وهو حسير ، ولماذا لم يخلق في كل هذا الكون الهائل الاتساع الذي ليس فيه  من فطور ، مادة الحياة والانسان إلا على كوكب واحد هو الأرض مع أنه العنصر الأهم في علة الوجود عند الله سبحانه ( المادة الحية – الواعية المبدعة – المتجمعية  الأخلاقية )  … أي صدفة هذه ،  و في أي كون نعيش ؟ ما هو حجمه الحقيقي ؟…  هل الرسالة التي حملها محمد مستمدة من خالق الكون العارف بحجمه ونظامه؟ … أم أن ما يقوله علماء الفلك صحيح ؟ وهو الذي يفتح باب الشك بمصدر الوحي ؟ … أسئلة كما ترون لا يمكن الهروب من الإجابة عليها ، ولا توجد وسيلة غير العقل والفلسفة لحلها ، خاصة إذا كان العقل متماسكا يرفض الانقسام أو جمع المتناقضات ، في نفس لوامة يقوم إيمانها على اليقين الذي يولد اطمئنانها ، وليس مجرد رغبة التصديق والتقليد .

تطلب مني الجواب على ذلك السؤال أن أعود للعلوم والفيزياء وأيضا للمنطق والفلسفة وهو ما شغلني معظم الثلاث سنوات  التي قضيتها في سجني الانفرادي ، والتي تحولت بفضل ذلك إلى أفضل سنوات عمري كله،  لأنها أتاحت لي فرصة إلزامية نادرة (ما كنت لأختارها بإرادتي ) للتأمل والتفكير المركز الذي شغل وقتي وعقلي كله وجعلني أعيش عالمي الداخلي الذي أحمله ( أي جنتي وناري )  التي تحدث عنها ابن تيمية عندما كان في سجون دمشق … ومن لطف الله وتقديره أنهم كانوا يسمحون لنا أحيانا (بعد اضرابات عن الطعام) ببعض الكتب العلمية غير السياسية خاصة التي تُدرّس في الجامعات العلمية ، فنحن بنظرهم ضالون قد تفيدنا القراءة في العودة إلى رشدنا ، ومن مصلحتهم أن ننشغل عنهم بأمور غير السياسة التي هي حكرا لهم وحدهم ، وأن يقولوا لمنظمات حقوق الانسان أننا نتمتع بحقوقنا كسجناء ، كما صرح المحامي حسن عبد العظيم بعد أن زارنا يومها مطلع عام 2002.

البحث في العلوم والفلسفات ومطابقتها مع العقيدة والدين كان شغلي الشاغل طيلة هذه الفترة من السجن التي استمرت انفراديا ثلاث سنوات 2001-2004 ، و اعقبت ثلاثة عقود من الدراسة والمطالعة الموسعة العامة لمراجع الفكر والعلوم والسياسة والعقائد والتاريخ والفلسفة ، وبنتيجة هذا التأمل الطويل بما كنت قد قرأت ( وقد استطعت استعادة الكثير منه بواسطة التركيز ، لأن الذاكرة على ما يبدو تطوي المعلومات ولا تمحوها ) ، فُتحت أمامي أبواب جديدة في فلسفة العلوم والمعارف ، ومناهج جديدة للعقل والتفكير والتدين … سأكتفي هنا بمناقشة موضوع هذه الأية كمثال غني بالأفكار المتعلقة بهذا الموضوع الشائك فعلا ،  على أن نتابع إنشاء الله في مقالات أو كتب لاحقة .

نعود بعد هذه المقدمة لصلب موضوعنا ( نجوم ومجرات في البعيد ، أم مجرد زينة للسماء الدنيا ) ؟ :

نتفق أن كل معلوماتنا عن الكون مصدرها الضوء القادم إلينا منه ، والذي نرصده ونحلله ( فارجع البصر هل ترى من فطور ) ، ونحن علميا نفترض أن كل نجم نراه هو شمس بعيدة ؟؟؟ . وأن الضوء يسير بخطوط مستقيمة بسرعة 300 الف كم/ثا ، وأنه لا ينحرف ولا يفنى حتى بعد مسار مليارات السنين !!! ( فكيف بدون ذلك ندعي أننا نراقب مجرات بعدها 5 مليون سنة ضوئية ) . فهل هذه الافتراضات صحيحة لكي نشكك بالوحي المدون والمحفوظ ؟ أم نستمر بتصديق الوحي ونتعمق في فهم وتأويل اشاراته ودلالاته ورموزه ومجازاته ، ( وارجع البصر كرتين يرتد إليك البصر وهو خسير ) ونستمر في التفكر النقدي بالعلوم وفلسفتها ربما نصل لتوافق بينهما فنحتفظ بعقلنا وإيماننا معا ؟

أعرض في هذا الصدد ملاحظات أربع (توصلت إليها ) تتعلق بفلسفة العلوم من دون أن نغير الحقائق التجريبية والقياسات ولا نعارضها كحقائق تجريبية ، بل نراجع فلسفتها وآلية عقلها وتفسيرها ، وهذا لا يحتاج لمختبرات ومراصد بحث ، بل يحتاج للتأمل  والتفكير المقارن بين أنواع وصنوف المعرفة ( المعرفة بعالم منظم موحد بنظامه وآلهته وعقله ) :

  • – بعكس ما يقوله العلم فالضوء يتبدد وكل فوتون ضوئي يشع حقلا كهرطيسيا ، وبالتالي يفنى ولا يستمر طويلا تبعا لنظرية مصونية القدرة ( لافوازييه ) فكيف يصدر الضوء طاقة كهرطيسية يلتقطها الهوائي والعين واللوحة الشمسية ويستمر إلى الأبد ( هل هو منبع دائم لا ينضب للطاقة ؟ ) ، هذا يقودنا فلسفيا لاعتبار أن طاقة الفوتون التي هي حصيلة جداء تواتره ( هرتز ) بثابت بلانك ، هي ليست قدرة Energy  (جول)  بل هي استطاعة تبدد power  ( واط ) ، وبالتالي للفوتون عمر محدود  ، وطاقته التي يحملها تتبدد أثناء انتقاله وفنائه كحقول كهرطيسية في الخلاء ، فلا يمكن بسبب ذلك أن نتوقع لضوء أن يسير خمسة ملايين سنة ضوئية . ليحمل إلينا صورة مجرات بعيدة ، فبقاء الضوء كل هذا الزمن وقطعه كل تلك المسافة مستحيل فلسفيا ضمن معطيات العلوم ذاتها . وافتراض ذلك هو خطأ في فهم العلوم وفلسفتها التي تجمع وتنسق معارفها ضمن سياق واحد ( عقل ) . فلو كان الضوء يعيش كل هذا الزمن ، بوجود كل تلك النجوم والشموس (وبسبب عدم وجود ما يمتص الضوء الصادر عنها ) ، إذن لضج الكون بالضوء وتضاءلت الكتلة المضيئة وانقرضت ، ولكان هو مصدرا لا ينضب للطاقة بدل أن يكون وسيلة تبددها اشعاعيا في الخلاء على شكل حقول متعاكسة متفانية !!!
  • – أيضاً بعكس افتراض العلم : الشعاع الضوئي يسير بمسار منحنٍ وليس مستقيما ، لكن لسرعته العالية لا يظهر انحرافه في التجارب المحدودة المكان ، والدليل على ذلك أن كل حزمة ضوئية مهما كانت صغيرة تتوسع ، وهذا التوسع يدل على المسار المنحني لأشعة الضوء ، فإضاءة حزمة ضوئية ليزرية ( عالية الطاقة )  صغيرة جدا من الأرض باتجاه القمر ، ترسم عليه بعد مسار ثانية واحدة دائرة قطرها كيلومتر … فإذا انحرف شعاع الضوء المرئي بعد ثانية واحدة كيلومترا ، فبعد يوم كامل كم دورة سيدور …؟  وكيف عندها نقول أن مصدره هو من هذا الاتجاه ، ونتيقين من المكان الأصلي الذي صدر منه ونبني عليه نظرياتنا … وماذا عن نظرية تحدب المكان ؟ كيف نجمع النظريتين معا ؟ ، وماذا لو أثبتنا أن شعاع الضوء ينحني بمقدار يتناسب طردا مع تواتره ، ويتناسب عكسا مع طاقته المختزنة ككتلة محمولة عليه ، والتي تتبدد أثناء مساره باستطاعة تتعلق بتواتره وتابت بلانك ، حتى أن انحراف الأشعة السينية يصبح واضحا بعد أمتار على صور الأشعة الملتقطة في مصادمات الجسيمات المسرعة ، وليس مئات آلاف الكيلومترات ، كما نلاحظ بسهولة أن أبراج البث لها دائرة تغطية قطرها يتناسب مع التواتر والطاقة ، وإلا لتداخلت جميعها وبطلت .
  • – لا يمكننا منطقيا ورياضيا رؤية مسافة أبعد من قطر انحناء الضوء ، الذي سيدور بسرعة انحناء تصبح هي السرعة الزاوية لتكرار الحركة ، أي زمنها ( دورها / تواترها ) ، ولو جردنا حركة شعاع (متغيرة الاتجاه)  عن شعاع متغيرة المكان ( السرعة الخطية ) ، واسقطناه على مركز ساكن ( عقرب الساعة ) سيظهر لنا حينها الزمان المتحرك المجرد عن الحركة الخطية ، يظهر الزمن كمتغيرة اتجاه صرفة بسرعة زاوية تعبر عن حركية الزمن في السكون ( وعندما نعتمد زمن حركة مضمرة  قياسية نركبها دوما ، نشعر بالزمن الموضوعي مستقلا عنا محمولا على المكان الساكن المنفصل أيضا ، ويصبح هذا الزمن معياريا نقيس عليه كل الحركات والأزمنة : التواترات  time    ( وبحسب الزمن الأرضي الذي يحكمنا كتغير اتجاه صرف، ونقيس عليه التغيرات الحركية كلها ( فإن دورة كاملة من دوران الأرض حول ذاتها … يوم ) سوف تحدد لنا حجم المكان الأقصى الممكن عقله ورؤيته والحركة فيه عندما نتعامل مع الضوء ، والذي يقدر بكرة محيطها يوم ضوئي ، فالمكان الصرف ( الحيز المكاني الذي نعيشه ) يتحدد بواحدات : السرعة المطلقة ( سرعة الضوء ) ، والزمن المعياري (يوم الأرض ) …

( الموضوع معقد سنعود لمناقشته مع نظرية أينشتاين عن وحدة الزمان والمكان وتقلصهما حتى الانعدام  عند التحرك بسرعة الضوء )

  • – عندما ينطلق الضوء من الشمس المتوهجة بتفاعلاتها النووية في كل الاتجاهات ، يسير منحنيا بزمنه أو بتحدب مكان الخلاء المحكوم بزمننا القياسي والسرعة المطلقة التي يسير بها الضوء ، وهكذا يلتف ضوء الشمس ويعود من الجهة المقابلة للشمس ، وعند عودته يتداخل كما تتداخل أي حركة موجية ويشكل أقطاب وأهداب مظلمة ومضيئة ، وعندما يكون التداخل كرويا وليس شقيا ، تظهر في سماء ليلنا هذه الأهداب  كنجوم مضيئة ، أو على تلوسكوباتنا كمجرات وثقوب سوداء ترى في الجانب المظلم من الأرض .. فما نراه في الليل من نجوم في السماء المظلمة ما هو إلا أشعة الشمس (التي أدرنا لها ظهرنا ) وقد عادت إلينا متداخلة بعد دورانها في البعيد ، أي أن ما نراه في سماء الليل ليس مجرات بعيدة مزعومة تبتلعها الثقوب السوداء ( وهي نظرية عجائبية عن كون انفجاري مناقضة لمنطق العلوم  ) ، بل هي فلسفيا ومنطقيا زينة تزين السماء الدنيا بها بسبب تداخل أشعة الشمس كما أشارت الآية القرآنية التي يمكن تفسيرها التأويلي على النحو الذي ذكرت في هذه السوية من المعارف .

بعد الاعتذار من آلاف علماء الفلك نقول : أن ما ترونه في تلسكوباتكم العملاقة  ليس مجرات بعيدة ولا نجوم شمسية ، وأن الكون الذي يمكننا التفكير فيه ( مكانا وزمانا ) هو المجموعة الشمسية فقط ، وكل ما عدا ذلك هو وهم وتوهم ناجم عن خطأ في مقدمات العلوم  وفلسفاتها ، كشفناه عقليا عندما بدا كتناقض مع متن الوحي المنزل …

من هذه القصة التي حدثت معي وشغلتني لسنوات ، وهي كما ترون غنية جدا بالدلالة والفائدة بما فيها الفوائد التطبيقية الممكنة والواعدة والتي تنتظر من يستفيد منها ، نرى أنه عندما يظهر تعارض بين العلم والقرآن يجب أن يعاد التفكير بالعلم ذاته وبفلسفة النتائج المخبرية ، ويعاد أيضا قراءة  وتفسير  وتأويل الوحي بمقدار التقدم العلمي والمعرفي ، فالعقل القارئ للنص يتغير ويتوسع ويزداد غنى ، وتتغير تبعا له القراءات ، بل يجب أن تتغير ولا تنغلق قراءة الوحي على من سبق … ولكن دوما وأبدا لا يجب أن نتسرع بالشك بصحة ومصدر الوحي مهما أشكل علينا . كما لا يجوز في أي حال أن نعطل عقلنا تحت أي ذريعة ، العقل الذي تميزنا به عن سائر المخلوقات ، الموحد في فهم (الوحي وتأويله ، و الواقع وعلومه معا ) ، وإلا ضعف ايماننا ويقيننا ، فالعقل هو الوسيلة الوحيدة  التي نملكها للهداية وله هوية توحده ولا يقبل التناقض كما أن الوجود محكوم أيضا بنظام واحد … كل ما علينا هو متابعة البحث في أي إشكال بين العلم والوحي بانتظار أن يأتينا بيانه … بالعقل نقرأ كتاب الله المسطور ، وبه نتأمل خلق الله المنظور ، وهما تجليان لواحد أحد .

{ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) } (سورة يس 38 – –0)

ختاما : أنا على يقين يجعلني مستعدا لمخالفة بل تحدي آلاف علماء الفلك بهذا القرآن الذي نزل على النبي الأمي قبل 15 قرن ، وفي المجالات الأخرى من العلوم أيضا وحيث يظهر تناقض بين العلوم والقرآن ، مع التأكيد أن هذا القرآن قد جاء مصدقا لما قبله من الكتب والرسالات السماوية وليس مكذبا لها ، ومؤكدا على العقل والتفكر والبرهان ، وليس مستنكرا له  … وداعيا لطلب العلم ، والتعارف بين البشر ، وليس التمسك بالجهل ، وحمل الكراهية والحقد .

{ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) } (سورة البقرة 1 – 5)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.