ثلاثة أعوام وسوريا في «ثورة كرامة» وعشق للحياة: احتفاليات ثقافية وفنية تناهض التطرف وقمع النظام

على وقع القصف بالبراميل المتفجرة، يستعد الشعب لإحياء ذكرى انتهاء السنة الثالثة لثورة الكرامة ضد نظام آل الأسد، تلك الثورة التي اندلعت في آذار 2011 فكتبت تاريخ سوريا الحرة المحررة من نظام بات وجوده يتعارض ليس مع الحياة وحسب، بل مع حتى مجرد الحلم بحياة كريمة. وبعد ثالثة أعوام، فإن الثورة تجد نفسها في حالة تصد للتطرف والإرهاب بموازات استمرارها بموجهة إرهاب النظام.

قبل ثلاث سنوات، من أمام المسجد الأموي في دمشق، في 15 آذار 2011، خرجت أولى تظاهرات الثورة، تحت عنوان» يوم الغضب السوري». شارك فيها من كافة أطياف والمجتمعات السورية، لتجوب سوق الحميدية، مطلقة أولى هتافاتها «الله سوريا حرية وبس»، وغيرها من الهتافات التي شكلت بوصلة الثورة وحلمها في تحقيق دولة القانون المساواة.

بداية ثانية حدثت في درعا بعد أيام في 18 آذار، حين خرج الأهالي نصرة لكرامتهم. كان رد النظام عليهم بالرصاص الحي، كاشفاً عن وجهه الحقيقي ونيته قمع وقتل كل من يخرج ضده كائناً من كان.

يومها قدمت درعا أول شهيدين في الثورة، محمود الجوابرة وحسام عياش، فكانت نقطة اللاعودة، وانتشرت الاحتجاجات في كافة المناطق منادية بسقوط النظام.

تأتي الذكرى الثالثة للثورة وقد حملت على عاتقها مهام جديدة، تتمثل في تصديها للتطرف الديني بالإضافة لسعيها لإسقاطها النظام.

يقول عامر مطر، أحد أعضاء فريق مؤسسة الشارع: «كنّا نحلم في الذكرى السنوية الأولى للثورة أن يرحل الطاغية، لكننا اليوم أمام طغاة جدد يحاربون معه صوت الحرية. لذلك لابدّ من الاحتفال بالثورة، بالفن، وبحلم الحرية الذي لا تزال مدننا السورية تعاقب عليه بالبراميل المتفجرة والسيارات المفخخة، وكأن الحرية حرام علينا، والقتل حلال عليهم».

دعوات عديدة نظمها ناشطون سوريون، لإقامة احتفاليات وتظاهرات واعتصامات، في عيد الثورة، في الداخل السوري وفي بلدان اللجوء، التي أضطر الكثير منهم التوجه إليها مكرهين هرباً من الموت الآتي مع صواريخ وقذائف وبراميل النظام المتفجرة الهابطة عليها جواً، أو تحت التعذيب في المعتقلات.

ففي الشمال السوري تقوم وللعام مؤسسة الشارع للإعلام والتنمية بالتعاون مع منظمات مدنية سورية، وهيئات ثورية، وللعام الثالث على التوالي، بتنظيم احتفاليات في الساحات العامة، جاعلة من الفضاء المفتوح مسرحاً لها. ولعل السبب في ذلك تحقيق أكبر حجم من التفاعل الشعبي. إلا أن الهدف الأساسي هو إعادة الفضاء العام إلى الناس، بعد أن تمت سرقته مرتين مرة حين هيمن النظام عليه بفرضه تماثيل حافظ الأسد على الساحات ونشر صوره وأقواله في الشوارع والساحات والأسواق. ومرة ثانية سُلب على أيدي المجموعات المسلحة، خاصة المتطرفة منها، تلك التي تفرض شعاراتها وراياتها على المجتمعات المحلية التي تسيطر عليها بالإكراه.

كان أول أنجاز حققته احتفالية الثورة هذا العام، حسمها لحالة الخلاف الحاصلة بين مؤيدي الثورة المنقسمين بسبب تاريخ الثورة. وإنهاء حالة الجدل باقامة فعالياتها من 15 حتى 18 آذار في كفرنبل حيث تستضيف الاحتفالية التي ستحمل هذا العام عدد من الفعاليات، منها عمل فني تركيبي بعنوان «برزخ» للفنانة السورية هبة الأنصاري، هو عبارة 30 ثوباً لأطفال تم تعليقها في فراغ بيت مهدوم بفعل القصف وتتدلى منها أرجل أغنام، فضلاً عن تقديم ثلاثة عروض لأفلام وثائقية في سياق احتفالية «سينما الشارع» التي تقدم في الهواء الطلق، وقد انتجتها جميعها مؤسسة الشارع خلال الثورة.

وجديد الاحتفاليات «مهرجان سوريا لأفلام الموبايل»، الهادف إلى حض الجمهور على تقديم آرائه ورؤاه حول الواقع السوريّ بطريقة إبداعية، باستخدام كاميرات الموبايل. حيث سيقام ورش تدريبية خاصة بذلك خلال أيام الاحتفالية.

كما ستنطلق، للسنة الثانية، حملة غرافتي «الحرية لا بد منها»، التي تقام بالتعاون مع مشروع «عيش» في كفرنبل. وهي عبارة عن حملة رسم على الجدران لعبارات من القرآن الكريم، كعبارة: «لا إكراه في الدين»، الهدف منها ترسيخ فكر الاعتدال الديني رداً على الفكر المتطرف الذي يحاول أصحابه الانقضاض على الثورة.

كما ستقام عدد من الاحتفاليات في بلدان مختلفة. منها تركيا حيث ستحل الفنانة الفلسطينية ريم بنا»، ضيفة شرف ضمن احتفالية «ثورة بحجم الوطن» التي تقدم فعالياتها المسرحية والفنية على المسرح الثقافي في اسطنبول حسب ما ذكر المنظمون.

وفي خارج سوريا، دعت شبكة المرأة السورية إلى إقامة مهرجانين سينمائيين في مدينتي يوتوبوري في 15 آذار واستوكهولم 18 آذار في السويد، تعرض فيهما أفلام لناشطين سوريين تتحدث عن دور المرأة خلال الثورة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.