موسكو تتحدث عن هدنة في إدلب

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن تقدما ملموسا تم تحقيقه في المفاوضات حول معايير منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب، وعبر عن أمله في الإعلان قريبا عن اتفاق بهذا الخصوص، بينما قالت وزارة الدفاع الروسية إن لقاءات بين فصائل المعارضة السورية والنظام ستجرى في العاصمة الكازخية آستانة من 13 حتى 15 سبتمبر (أيلول) الحالي، وأعلنت في الوقت ذاته عن إقامة منطقة فصل في تل رفعت (ريف حلب) شمال سوريا، لتفادي المواجهة بين الجيش السوري الحر من جهة، والميليشيات الكردية وقوات النظام من جانب آخر، كما كشفت عن اتفاق آخر مع المعارضة، قالت إنه أتاح فتح الطريق الدولية بين حمص وحماة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن في تصريحات، أمس، من فلاديفستوك، أقصى شرق روسيا، أن «الاتصالات حول الوضع في محافظة إدلب مستمرة بين الدول الضامنة والمبادرة في (عملية آستانة)؛ أي روسيا وتركيا وإيران»، وأكد أنه «خلال تلك الاتصالات تم تحقيق تقدم جدي في التوافق على معايير وأساليب ضمان الأمن بالنسبة لمنطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب»، وأعرب عن أمله في الإعلان عن معلومات أكثر دقة بهذا الخصوص في أقرب وقت ممكن. من جانبه، قال الفريق أول سيرغي رودسكوي، مدير العمليات في قيادة الأركان الروسية إن لقاء «آستانة – 6» سينعقد من 13 حتى 15 سبتمبر، وأشار إلى أن المشاركين، وفق ما هو مقرر، سيتبنون خلال اللقاء وثائق تنظم عمل قوات المراقبة في مناطق خفض التصعيد، بما فيها منطقة إدلب التي لا تزال قيد الإنشاء، وسيتبنى المجتمعون كذلك فقرة حول تأسيس مركز تنسيق مشترك. وقالت الخارجية الكازخية إن لقاء مجموعة العمل التابعة للدول الضامنة سيجرى في آستانة يوم 13 سبتمبر، بينما ستجرى الجولة السادسة من مفاوضات آستانة بمشاركة ممثلين عن المعارضة والنظام يومي 14 و15 سبتمبر.
ولم يوضح المسؤولون الروس في تصريحاتهم حول منطقة خفض التصعيد في إدلب كيفية التعامل مع «جبهة النصرة» باعتبارها تنظيماً إرهابياً لا يشمله وقف إطلاق النار. وكان مركز دراسات «صندوق الثقافة الاستراتيجية» الروسي، نشر تقريراً قال فيه إن عملية عسكرية كبيرة ضد المتشددين في إدلب سوف تنطلق الشهر الحالي حيث من المتوقع أن يهاجم الجيش التركي المسلحين من الشمال، بينما يتقدم الجيشان الروسي والإيراني من الجنوب. وتوقع التقرير أن تبدأ العملية عقب اجتماعات «آستانة – 6»، وعدّ أن القرار جاء عقب رفض «هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)» مساعي إخراجها من المحافظة بشكل سلمي.
إلى ذلك، أعلن رودسكوي، أمس، عن اتفاق حول إقامة منطقة لفض الاشتباك على خطوط التماس بين الجيش السوري الحر وقوات النظام السوري، في محيط مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي، وذلك بعد انسحاب الميليشيات الكردية من المنطقة. وقال: «بغية تفادي وقوع أعمال استفزازية ومواجهات محتملة بين تشكيلات الجيش السوري الحر في شمال سوريا، والمقاومة الكردية، وبمساهمة من مركز المصالحات الروسي، أُقيمت منطقة فض اشتباك في محيط تل رفعت»، وأضاف موضحاً أن «وحدات من القوات الحكومية حلت بديلاً عن التشكيلات الكردية المسلحة التي انسحبت من المنطقة (تل رفعت)»، وأكد نشر مجموعة من الشرطة العسكرية، وإقامة عناصر الشرطة حاجزين و4 نقاط للمراقبة، للقيام بمهامها والحيلولة دون نشوب مواجهات في منطقة فض الاشتباك. وقال إن وقف إطلاق النار مهد الأجواء لعودة المدنيين، لافتاً إلى أن 400 مدني عادوا بينما تخطط مئات العائلات للعودة في وقت قريب.
وفي حين لم يصدر أي تعليق تركي على الاتفاق، اعتبرت المعارضة أنها غير معنية بالموضوع. وقال مصطفى سيجري رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم لـ«الشرق الأوسط»: «لسنا معنيين بالتصريحات الروسية، ولا نعلم شيئاً عن الاتفاق الذي يتحدثون عنه»، مضيفاً: «أعلنوا عنه بعيداً عن أبناء المنطقة والفصائل العسكرية العاملة في المنطقة، ومن خلال تجربتنا مع الروس بتنا معتادين عليهم وعلى كذبهم».
وأكد أن أي اتفاق «لا يضمن عودة المناطق المحتلة لأهلها لن نكون طرفاً فيه، وطرد المحتل حق وواجب على (الجيش الحر)».
وأتى الإعلان الروسي في ظل المعلومات التي كانت تشير إلى تحضير أنقرة للبدء بعملية عسكرية بالتنسيق مع فصائل في المعارضة، تهدف من خلالها استعادة القرى التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية في أواخر 2015 وأوائل 2016، بين مارع ودير جمال، والهجوم على منطقة مدينة عفرين.
وعن احتمال أن يكون الإعلان الروسي جاء نتيجة اتفاق بين موسكو وأنقرة لإيقاف العملية المرتقبة، قال سيجري: «كل شيء وارد، لكن لغاية الآن يمكننا التأكيد بناء على المعلومات التي وصلتنا من مسؤولين أتراك أن الانتشار الروسي ليس ناتجاً عن اتفاق مع موسكو»، مضيفاً: «نتيجة المباحثات في مؤتمر آستانة، التي كان يُفتَرَض أن تؤدي إلى حلّ حول هذه المناطق تبين أن الخلاف بين الطرفين كان كبيراً».
واعتبر أن دخول القوات الروسية هو تصعيد من قبل موسكو لا سيما أن أنقرة كانت تستعد للدخول إلى المنطقة، وترفض أن تتحول إلى منطقة نفوذ روسية أو أميركية.
واتهم «لواء المعتصم»، في وقت سابق، قوات سوريا الديمقراطية بإفشال الاتفاق مع قوات التحالف الدولي، الذي قضى بانسحابها من المدينة وأربع عشرة قرية في محيطها، إلى مواقعهم في مدينة عفرين، وتسليمها له.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعلن، الأسبوع الماضي، عن دخول القوات الروسية ضمن رتل عسكري إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بالريف الشمالي لحلب، مشيراً إلى أن هذا الأمر جاء بعد مساعٍ قام بها الجانب الروسي منذ منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، للتوصل لاتفاق، وموافقة من القوات الكردية، حول نشر قوات الشرطة العسكرية الروسية، في المنطقة الممتدة بين مدينة مارع وبلدة دير جمال بريف حلب الشمالي، على خطوط التماس مع القوات التركية والفصائل المقاتلة المدعومة منها.
وسيطرت «وحدات حماية الشعب» سيطرت على مدينة تل رفعت منتصف شهر فبراير (شباط) 2016.
وتعبير «فض الاشتباك» يستخدمه العسكريون للإشارة إلى التدابير المتخذة لتجنب وقوع حوادث ناتجة عن وجود أطراف عدة تحارب عدواً في منطقة واحدة.
وهناك «خطوط فض اشتباك» موجودة أيضاً بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام لمنع وقوع اشتباكات بين الطرفين في مناطق يقاتلان فيها «داعش» أو بين الأميركيين والروس لتجنب وقوع حوادث جوية.
وسبق أن أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية في أغسطس (آب) التوصل إلى اتفاق لنشر «مراقبين روس في مناطق عدة بين عفرين والشهباء»، في ريف حلب الشمالي.
ويسيطر الأكراد على مناطق في ريف حلب الشمالي يطلقون عليها «الشهباء»، كذلك على منطقة عفرين في ريف المحافظة الشمالي الغربي.
ونشرت روسيا وحدات من الشرطة العسكرية في جنوب سوريا أيضاً، في الغوطة الشرقية على تخوم دمشق، وفي مناطق من حمص، في إطار سياسة إنشاء مناطق «خفض التوتر»، بهدف التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار.
وأعلن رودسكوي كذلك عن اتفاق مع المعارضة السورية، سمح بفتح الطريق الدولية حمص – حماة، وقال إنه «بفضل اتفاق ضباط مركز حميميم الروسي للمصالحات مع ممثلي المعارضة السورية المعتدلة، تمكنا من تسيير الحركة على طريق حمص – حماة، الأمر الذي سهل تنقل المواطنين والنقل بين شمال وجنوب سوريا». ولم يوضح رودسكوي مع أي من مجموعات المعارضة تم التوصل إلى هذا الاتفاق، لكن معروف أن قضية فتح طريق حمص – حماة واحدة من الملفات التي يجري بحثها في مفاوضات بين لجنة تمثل مناطق ريف حمص وممثلين عن مركز حميميم الروسي، بغية التوصل لاتفاق جديد حول منطقة خفض التصعيد في ريف حمص. وأكد الإعلامي عامر الناصر أن جولة جديدة من تلك المفاوضات ستجرى وسيعرض خلالها ممثلو المعارضة نص الاتفاق الجديد على الجانب الروسي، وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن فتح طريق حمص – حماة سيتم اتخاذ القرار فيه بعد إنجاز ملف المعتقلين في سجون النظام السوري.

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.