«الآستانة 6».. أمل مرتقب لكبح الحرب السورية

أعرب قياديان في المعارضة السورية، عن تفاؤلهما بأن تنجح الجولة السادسة من محادثات الآستانة المقررة يومي 14 و15 أيلول الجاري، في ترسيخ وقف إطلاق النار، وتثبيت حدود مناطق خفض التوتر، فضلا عن ضم مناطق جديدة إليها.

هذا التفاؤل لم يأت من فراغ، فقد صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من العاصمة الكازاخية، الآستانة، السبت الماضي، بأن المفاوضات المرتقبة تعد مرحلة نهائية للمحادثات الرامية إلى حل الأزمة القائمة منذ عام 2011.

واضاف اردوغان خلال اجتماع مع نظيره الكازاخي نور سلطان نزارباييف، «أتمنى أن تكون (محادثات) الآستانة (الخاصة بالجانب العسكري والميداني) نهاية للخطوات المتخذة، وتساهم بذلك في تسهيل محادثات جنيف (الرامية إلى إيجاد حل سياسي)».

وتعقد «الآستانة 6» برعاية الدول الضامنة لوقف إطلاق النار، وهي تركيا وروسيا وإيران، وتهدف أيضا إلى تأمين إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب الدائرة بين قوات النظام والمعارضة المسلحة.

وكانت الدول الضامنة اتفقت في أيار الماضي، على إنشاء أربع مناطق لخفض التوتر، وهي: المنطقة الجنوبية، والغوطة، وحمص (وسط)، والمنطقة الشمالية.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأحد الماضي، أن «الأسبوع المقبل (الحالي) سيشهد اتفاقات لإنشاء منطقة خفض توتر جديدة في ريف إدلب (شمال)»، مضيفا أن موسكو «تدعم جهود السعودية لتوحيد فصائل المعارضة السورية، ما من شأنه المساهمة في تقدم المفاوضات المقبلة في جنيف».

وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دى ميستورا، في 17 آب الماضي، تأجيل محادثات جنيف التي كانت مقررة في 22 من الشهر نفسه، من دون تحديد موعد بديل، مكتفيا بالقول إن «شهر تشرين الاول سيكون حاسما للأزمة السورية».

وتطرح المعطيات الراهنة تساؤلا مهما بشأن مصير وقف إطلاق النار في سوريا الساري منذ نهاية العام الماضي، وهل بالفعل تم التوافق على ترسيم حدود مناطق خفض التوتر؟ خصوصاً في إدلب التي تشهد صراعا دوليا في ظل تواجد «هيئة تحرير الشام»، التي تضم «جبهة النصرة» المصنفة «إرهابية» لارتباطها بتنظيم «القاعدة».

محمد علوش القيادي في المعارضة السورية، رئيس الهيئة السياسية في «جيش الإسلام»، قال للأناضول إن «القصف توقف بشكل كبير في مختلف المناطق، وهناك مشاركة كبيرة من المعارضة في المؤتمر (أستانة)، وسيكون هناك نقاش كبير حول إدلب، وهو موضوع حساس ومهم». واضاف أن منطقة «القلمون (في ريف دمشق) أيضا ضُمت إلى مناطق خفض التوتر، وأعتقد أنه سيتم ضم منطقة جديدة، وهي جنوب العاصمة دمشق».

وحول ترسيم حدود مناطق خفض التوتر بين الأطراف الضامنة، أجاب بأن «رسمها في بعض المناطق أنجز بالفعل، وبعضها الآخر قيد التفاوض»، موضحاً أنه «في بعض المناطق، رُسمت الحدود، وتم التوقيع عليها، وبعض المناطق إلى الآن قيد الإنجاز، البعض حصل فيها خلاف، مثل حمص، وأعتقد أن هذا الخلاف سينتهي».

وشدد على أن «الاتفاقيات الفرعية التي جاءت في الإطار العام الذي وقعته تركيا (وقف إطلاق النار نهاية 2016)، تصب في مصلحتنا، لذلك أعتقد أن جولة الآستانة المقبلة ستكون فيها نسبة نجاح كبيرة».

وردا على سؤال بشأن احتمال أن تقود محادثات «الآستانة 6» إلى إنهاء الحرب في سوريا، أجاب علوش «نحن بين مرحلتين، الأولى هدنة وليست نهاية الحرب، فطالما هناك محتل إيراني (قوات إيرانية تقاتل بجانب النظام) ومليشيات شيعية، وعصابات الشبيحة، فوضع الحرب أوزارها غير صحيح»، معتبراً أن مفاوضات الآستانة المقبلة «خطوة باتجاه السلام والحل، وتحرير الأراضي السورية من الإرهاب، والميليشيات الطائفية التي دخلت البلاد».

واشار إلى أن «كل الاتفاقيات جاءت في إطار القرارات الدولية بشأن الحل السياسي الشامل، وهي القرار 2118، و2254، واتفاقية أنقرة الموقعة في 29 كانون الأول 2016، واتفاقية الآستانة»، مشدداً على أن هذه القرارات والاتفاقات «هي المرجعية القانونية التي تفضي إلى الانتقال إلى الحل السياسي العام والعادل والشامل، وليس الهدنة ولا المصالحات المحلية كما يريدها النظام».

واتهم علوش «ضباط النظام (السوري) والميليشيات» بعرقلة وقف إطلاق النار «كونهم مستفيدين من حصار مناطق مثل الغوطة وحمص وغيرها». واضاف: «يعرقلون تنفيذ مثل هذه الاتفاقيات، والانتقال بها من مرحلة أولى تتمثل بوقف إطلاق النار، إلى مرحلة ثانية وهي فك الحصار، ومرحلة ثالثة تفضي إلى الإفراج عن جميع المعتقلين وعودة الحياة التجارية إلى وضعها شبه الطبيعي».

واعتبر علوش أن تنفيذ هذه المراحل الثلاث «سيؤدي إلى نجاح الجهود الطويلة التي بذلتها أولا المعارضة السورية بمساعدة الدول الصديقة، ولا سيما الأشقاء في تركيا».

بدوره، قال القيادي في «الجيش الحر» المعارض قائد حركة «تحرير وطن» في حمص، العقيد فاتح حسون، إنه «وفق جدول أعمال أستانة القادم والمحضر مسبقا، سيتم تثبيت حدود مناطق خفض التصعيد الأربع، وهي المنطقة الجنوبية، والغوطة، وحمص، والمنطقة الشمالية».

وأضاف حسون في تصريحات للأناضول، «سنطرح ملفات تتعلق بقضايا تخدم الثورة السورية وتدين النظام وداعميه، ومتابعة آليات تطبيق بنود القرار الدولي رقم 2254، القاضي بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وفك الحصار، وإخراج المعتقلين».

وأكد ما ذهب إليه علوش من أن مفاوضات الآستانة ستكون خطوة نحو الحل النهائي، قائلا «نأمل أن تكون محطة نهائية لوقف إطلاق النار، لكن هذه المحطة لا تعني الوصول إلى الهدف، فما زلنا لم نحقق هدفنا، وهو إسقاط النظام».

وفي ما يخص مصير محافظة إدلب (شمال) قال علوش، «دعوت وأدعو إلى أن يتولى المدنيون في إدلب زمام المبادرة، وأن يضغطوا على الجولاني وجماعته»، في إشارة إلى زعيم «جبهة النصرة» «أبو محمد الجولاني».

واعتبر أن «الحل يكمن في حل جماعة الجولاني نفسها، وأن تكون إدلب تحت إدارة مدنية، ويعود الجيش الحر إلى قيادة الوضع هناك، لحين الانتهاء من تأسيس الجيش الوطني»، مشدداً على أن «نصرة الشعب» تكون بحل «جبهة النصرة نفسها وليس برفع إمارات ومشاريع لا يمكن أن تعيش، وليس لها تاريخ ولا مستقبل».

وخلص إلى أن «وقف إطلاق النار تم تحقيقه بفضل جهود سابقة، وجل النقاش في أستانة سيكون عن إدلب، وأعتقد أنه سيتم التوصل إلى اتفاقية بشأن إدلب تشبه المناطق الأخرى، وهي في الإطار العام الشامل للحل السياسي».

وجهة النظر نفسها تبناها العقيد حسون بقوله «نصّر على أن تكون حدود مناطق خفض التصعيد شاملة، والمساحات الجغرافية المحررة، بما فيها حمص وإدلب، بغض النظر عن وجود هيئة تحرير الشام في جزء من هذه المناطق، على أن يتم لاحقا معالجة هذا التواجد».

وختم حسون بالتشديد على أن «هيئة تحرير الشام هي التي أدخلت المدنيين في عنق الزجاجة، ولا أرى غير أن يحلوا أنفسهم حماية للسيناريوهات المطروحة، وكلها تتقاطع مع استخدام القوة».

المستقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.