«قوات سوريا الديموقراطية»: الرقّة ستكون جزءاً من سوريا لا مركزية

أعلنت «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، أمس، أن مدينة الرقة ستكون جزءاً من سوريا «لا مركزية اتحادية» لتربط بذلك مستقبل المدينة التي حررتها من تنظيم «داعش» بخطط الأكراد لإقامة مناطق حكم ذاتي في شمال سوريا.

وقالت «قوات سوريا الديموقراطية» التي يهيمن عليها الأكراد في بيان تلاه المتحدث باسم القوات في وسط مدينة الرقة التي يغلب العرب فيها على عدد السكان، طلال سلو خلال مؤتمر صحافي «نؤكد بأن مستقبل محافظة الرقة سيحدده أهلها ضمن إطار سوريا ديموقراطية لا مركزية اتحادية يقوم فيها أهالي المحافظة بإدارة شؤونهم بأنفسهم»، متعهداً «نتعهد بحماية حدود المحافظة ضد جميع التهديدات الخارجية».

وتمضي السلطات في مناطق خاضعة للأكراد في أجزاء أخرى من شمال سوريا بالفعل في خطط لإقامة نظام اتحادي بعدما بدأت عملية انتخابية من ثلاث مراحل الشهر الماضي في المناطق التي تسكنها غالبية كردية.

وواجهت خطط إقامة مناطق حكم ذاتي في شمال سوريا معارضة واسعة من الولايات المتحدة وتركيا المجاورة فضلاً عن النظام السوري.

وتقول «قوات سوريا الديموقراطية» التي تهيمن عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية، إنها تعتزم تسليم السيطرة على الرقة إلى مجلس مدني وقوة شرطة محلية تشكلا تحت رعايتها بدعم من التحالف ضد «داعش» الذي تقوده واشنطن.

وأشادت «قوات سوريا الديموقراطية»، أمس، بـ«نصر تاريخي» في مدينة الرقة بعد أيام على دحر «داعش» منها، وأعلنت رسمياً «تحرير عروس الفرات، مدينة الرقة»، التي شكّلت طوال ثلاث سنوات معقل «داعش» الأبرز في سوريا. وقال سلو خلال المؤتمر «نهدي هذا النصر التاريخي للإنسانية جمعاء، ونخص بالذكر ذوي ضحايا الإرهاب ممن كابدوا ظلم وإرهاب داعش في سوريا والعالم».

وأضاف في تلاوته للبيان: «باسم القيادة العامة لقوات سوريا الديموقراطية نعلن اليوم (أمس) بكل فخر واعتزاز من قلب مدينة الرقة عن نصر قواتنا في المعركة الكبرى لهزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي ودحره في عاصمة خلافته المزعومة». وتابع البيان «إننا في القيادة العامة لقوات سوريا الديموقراطية، نعلن بأننا سنقوم بتسليم إدارة مدينة الرقة وريفها، إلى مجلس الرقة المدني ونسلّم مهام حماية أمن المدينة وريفها لقوى الأمن الداخلي في الرقة».

وأوضح سلو رداً على أسئلة صحافيين أنه «بعد الانتهاء من عملية التمشيط بشكل آمن، سوف نقوم بتسليم المدينة إلى مجلس الرقة المدني».

ولا تزال عمليات التمشيط مستمرة في المدينة بحثاً عن عناصر متوارية من تنظيم «داعش» ولتفكيك الألغام التي زرعها المتشددون بكثافة. ولم تسمح «قوات سوريا الديموقراطية» بعودة المدنيين إلى المدينة بانتظار الإنتهاء من عملية التمشيط وإزالة الألغام المنتشرة في شوارع ومنازل المدينة. وقال سلو «عند الإنتهاء من إزالة الألغام وتأمين المدينة بشكل جيد، سيُسمح بعودة المدنيين».

وفرّ عشرات آلاف المدنيين من مدينة الرقة هرباً من المعارك الضارية التي شهدتها، وخلت المدينة تدريجياً من سكانها لتصبح فارغة تماماً منهم لحظة سيطرة قوات سوريا الديموقراطية عليها.

وتوقع المتحدث باسم رئاسة الأركان الفرنسية باتريك ستايغر ألا يتمكن المدنيون من العودة إلى الرقة إلا «بعد أسابيع طويلة» بسبب الألغام. وقال «المدينة حرفياً مليئة بالألغام المصنعة يدوياً».

ويعم الدمار الرقة. ففي الأحياء الواقعة على أطراف المدينة والتي تمت استعادتها في بداية الهجوم منازل مدمرة وأخرى انهار سقفها أو خلعت أبوابها. إلا أن المشهد بدا صادماً في وسط المدينة حيث جرت معارك عنيفة جداً للسيطرة على أبنية استراتيجية. وكأن حارات تحولت بأكملها إلى أنقاض، فلم يعد من الممكن التفريق بين منزل ومتجر فكل شيء بات مجرد جبال من الركام، حجارة وأنابيب وأسلاك.

وتتوقع الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أن يتطلب تنظيف الرقة وإعادة إعمارها جهوداً ضخمة، وشهوراً عدة قبل أن تعود الحياة إليها.

وقدرت الأمم المتحدة في أيلول الماضي أن 80 في المئة من مساحة الرقة باتت غير قابلة للسكن، وتعاني المدينة حالياً من غياب كامل للبنية التحتية الأساسية.

إلى ذلك، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس، إن الجيش الفرنسي سيواصل الحرب ضد «داعش» في سوريا، لكن التركيز ينبغي أن يتحول الآن أيضاً إلى التوصل إلى انتقال سياسي عبر المفاوضات في البلاد.

وقال مكتب ماكرون في بيان «المعركة ضد «داعش» لم تنته بسقوط الرقة وفرنسا سوف تواصل جهدها العسكري ما دام ذلك ضرورياً… تحديات إرساء الاستقرار وإعادة البناء لن تكون أقل من الحملة العسكرية». وأضاف: «يجب أن تجد سوريا في النهاية مساراً للخروج من الحرب الأهلية التي غذت الإرهاب منذ أن قمع نظام بشار الأسد الحركة الديموقراطية. التوصل لانتقال سياسي عبر التفاوض أصبح ضروريا أكثر من أي وقت مضى».

بدوره، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أمس، إن بلاده «قررت تخصيص تمويل إضافي قيمته 15 مليون يورو (17,65 مليون دولار) حتى نهاية العام للغذاء ونزع الألغام وللنازحين ولتوفير المياه والخدمات الصحية». ولم يذكر من سيتصرف في الأموال. وأضاف في بيان «تأمل فرنسا أيضاً أن يلبي حكم تلك المناطق متطلبات وطموح السكان ويسهل المصالحة».

المستقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.