وفد فصائل أستانة يتلقى دعوة لحضور مؤتمر سوتشي: أي مرجعية سياسية ستقرر المشاركة؟

رسمت الجولة الثامنة من مباحثات أستانة خريطة الطريق إلى مؤتمر الحوار السوري ـ السوري. ونجحت روسيا بالضغط على حلفائها ورمي الطعم إلى الوفد العسكري الذي لم يتردد بابتلاعه سريعاً، فانعدم رفض المؤتـمــر وركز الجــانبان الروسي والتركي خلال اجتماعهما بالوفد على مسألة حضور مؤتمر سوتشي، وصرف كامل الوقت خلال يومي الاجتماع في التشديد على حضوره.
وأكد رئيس الوفد العسكري الدكتور أحمد الطعمة «تلقي المعارضة السورية دعوة لحضور سوتشي وسيتم تقييم الدعوة من مرجعياتنا السياسية لاتخاذ قرار المشاركة من عدمها»، دون تحديد المرجعية السياسية. فمن المعلوم أن الوفد العسكري منذ حضوره في استانة -1 لم يكن لديه أي مرجعية سياسية وشارك من شارك من أعضاء الوفد بصفته الشخصية، واختير أعضاء الوفد العسكري من الجانب التركي باعتبارهم ضامني فصائل المعارضة بعد توقيع الفصائل على اتفاق انقرة نهاية عام 2016.
وقال رئيس الوفد الروسي السكندر لافرنتيف للوفد العسكري أن «عدة دول رشحت قوائم أسماء لحضور مؤتمر الحوار السوري – السوري والمزمع عقده في سوتشي منها مصر والسعودية وتركيا والإمارات وروسيا».
واطلع نائب وزير الخارجية التركي سادات اونيل خلال اجتماعه يوم الجمعة بالوفد العسكري على نقاط التركيز التركية بخصوص مؤتمر الحوار السوري الذي من المتوقع انعقاده في 30 كانون الثاني/يناير من العام المقبل حسب وزارة الخارجية الكازخية. وتختصر النقاط بالأشخاص المدعوين ودور المعارضة في هذا المؤتمر وعلاقة المؤتمر بمسار جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة والقرارات الدولية المتعلقة بالمسألة السورية وخصوصا القرار 2254.
وأحاط الوفد الروسي بتطورات «ملف الألغام» والذي تعتبره موسكو أحد أهم انجازاتها الميدانية، حيث «طهرَ خبراء الألغام الروس نحو 6533 هكتارا من الألغام في الأراضي السورية وطرقا برية حيوية بطول 1410 كم وأكثر من 17100 مبنى» حسب تصريح لوزير الدفاع الروسي خلال افتتاحه الأكاديمية العسكرية مع الرئيس بوتين في ضواحي العاصمة موسكو.
في سياق متصل، قدم رئيس اللجنة العسكرية في «الوفد العسكري للثورة» العميد فاتح حسون لرئيس الوفد الروسي السكندر لافرنتيف عدة ملفات متعلقة بالخروقات التي تقوم بها روسيا والنظام السوري وسلم حسون أربعة ملفات مفصلة ثلاثة منها مخصصة لمجازر قام بها الطيران الحربي متضمنة تسجيلات مرئية وصوتية ومكتوبة وشهادات ووثائق سرية وعادية داعمة وموثقة للملفات. وتناول الملف الأول مجزرة عائلة «آل عساف» التي وقعت في بلدة الغنطو في ريف حمص الشمالي في الـ 15 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي والتي ذهب ضحيتها 24 مدنيا بينهم 29 طفلا و13 امرأة اثر استهداف الطيران الحربي لملجأ تقطنه عائلة عساف.
وملف متعلق بمجزرة الأتارب في ريف حلب الغربي والتي قضى نتيجتها 80 مدنيا وأكثر من 100 جريح نتيجة القصف الجوي لسوق البلدة في الـ13 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. فيما خصص الملف الثالث لمجزرة معرشورين شرق مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب والتي نفذها الطيران الروسي قبل أيام من جولة أستانة والتي تزامنت مع تقدم النظام وحلفائه في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشرقي.
وقدم الوفد العسكري ملفا خاصا بحزب الاتحاد الديمقراطي والذي اعتبره الوفد «النسخة الروسية لحزب العمال الكردستاني» وبين الملف ما وصفه بـ«جرائم الإبادة الجماعية للسكان واغتصاب الأرض وفرض أمر واقع بقوة السلاح» واتهم الوفد الحزب بأعمال «التهجير العرقي وخطف واعتقال وتهجير الكرد المخالفين لرؤيته».
وأوضحت الوثيقة «سرقة القطن والقمح والغاز والاستيلاء على مقدرات المنطقة». واعتمد على شهادات جديدة أدلى بها العقيد طلال سلو القيادي المنشق عن «قوات سوريا الديمقراطية» مؤخراً. ووجه الوفد الملف الأخير إلى الأمم المتحدة عبر وسيطها الدولي إضافة إلى الجانب الروسي.
من جهته، أكد رئيس الوفد العسكري الدكتور أحمد الطعمة على أهمية اللقاءات الثنائية التي حصلت يوم الخميس مع الدول الضامنة مشيراً إلى ضرورة التركيز على حصول تقدم جوهري بملف المعتقلين بشكل أساسي. وشدد على ملف المعتقلين وأكد على ضرورة تفعيل اتفاقية المعتقلين وأن يكون الجوهر الأساسي لهذه الجولة. وطالب الطعمة رئيس الوفد التركي الضغط على النظام والدول الضامنة الأخرى من خلال «الالتزام الكامل باتفاقية خفض التصعيد تحديدا في إدلب والغوطة» معتبرا الاتفاقية تتعلق بسلامة وأمن ملايين السوريين.
صمت «وفد الفصائل» ورغبتها شبه المعلنة لحضور مؤتمر سوتشي في ظل تقدم عسكري لقوات النظام وحلفائه في ريف حماة الشرقي ودخولهم إلى الأراضي الإدارية لمحافظة إدلب، لم يعد يخفي حالة التبعية والارتهان للفصائل إلى الدول الداعمة إقليمياً. حيث انتقلت الفصائل من شهادة الزور في أستانة-1 إلى حال مجمل القبح. وأصبحت تعول بكل وقاحة على ضغط روسي على النظام السوري ليوقف قصفه وعملياته العسكرية. وكأن القوات الروسية التي بلغ تعدادها قرابة الخمسين ألفا في سوريا (حسب وزير الدفاع الروسي) هي قوات حفظ سلام لدى الأمم المتحدة.
وغاب عن «الوفد العسكري» أي ذكر لإيران ودورها ودور ميليشياتها وكأن الوفد العسكري قد أصبحت مرجعيته لدى «منصة موسكو» التي تحفظت على المطالبة بخروج إيران وميليشياتها من الأراضي السورية.
الانهيارات السريعة والمتلاحقة منذ قبول المنصات في وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» إلى ادخال منصة موسكو إلى جسم المعارضة وجعلها صاحبة قرار وشريك، ستدفع فصائل المعارضة نفسها إلى حضور مؤتمر سوتشي أو مؤتمر الحوار الوطني السوري – السوري والذي يرتبه النظام بمشاركة روسيا لبحث «سلة الدستور»، في مشهد يعيد عقارب الساعة قرابة السبع سنوات عندما عقد النظام مؤتمر الحوار الوطني في العاصمة دمشق وكلف فاروق الشرع برئاسته وغابت عنه أطراف المعارضة الوطنية يومها. لكنه اليوم سيعقد بمعارضة شرعت الاحتلال الروسي وقبلت بمساره في الحل السياسي من خلال القبول بنظرية ملء فراغ المشاركة أو سيحضر الأسوأ. وهو الحجة المنتظرة لحضور سوتشي: «ان لم نشارك فروسيا ستدعو حزب الاتحاد الديمقراطي وعلينا ان نقطع الطريق ونمنعه من المشاركة».

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.