توغل عسكري تركي في سوريا: واشنطن تدعو لـ«ضبط النفس» وسيناتور روسي: التصادم بين دمشق وأنقرة «لا مفرّ منه»

وضعت عملية «غصن الزيتون» التركية مدينة عفرين السورية التي يسكنها حوالى 100 ألف نسمة، في عين العاصفة، وسط مواقف دولية متباينة من المعركة ورسائل متناقضة تزامنت مع توغل القوات البرية التركية المنخرطة ضمن العمليات العسكرية في المدينة، والتي بدأها الجيش التركي يوم السبت مدعوماً بقوة من «الجيش السوري الحر».
وتقدم الجيشان التركي و»الحر» مدججين بعربات مصفحة وآليات عسكرية ثقيلة عند منطقة راجو الحدودية، فيما باشرت المقاتلات الحربية والمدفعية التركية الثقيلة باستهداف المنطقة بعشرات الغارات الجوية وقذائف المدفعية على مواقع وثكنات «قوات سوريا الديمقراطية» لتمهيد الطريق أمام القوات البرية التي تتجهز لاقتحام قواعد عسكرية تتمركز فيها الميليشيات الكردية.
وقتل أمس ثمانية مدنيين جراء الغارات التركية التي استهدفت قرية في منطقة عفرين، بحسب متحدث كردي و»المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في وقت تنفي تركيا إصابة مدنيين في الهجوم. وقال المتحدث الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين، بروسك حسكة إن «الطائرات العسكرية التركية ارتكبت مجزرة بحق مدنيين في قرية جلبرة، حيث استشهد أكثر من ثمانية مواطنين بقصف صاروخي» استهدف مزرعة دجاج صغيرة تقيم فيها إحدى العائلات.
وتعرضت مدينة كيلس لهجوم بقذائف الهاون الثقيلة، واستهدفت المدينة بـ 6 قذائف، فيما تعرضت مدينة الريحانية الحدودية جنوب تركيا إلى قصف بالمدفعية الثقيلة من داخل الأراضي السورية أسفرت عن مقتل لاجئ سوري، وإصابة 7 آخرين بجروح، بينهم أربعة أتراك و3 لاجئين سوريين.
وتزامن ذلك مع تصريحات رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، ظهر أمس الأحد، بأن العملية العسكرية على مدينة عفرين تهدف إلى تشكيل منطقة آمنة بعمق 30 كيلومترا، وأن الجيش التركي عبر الحدود، متجهاً إلى مدينة عفرين، التي تسيطر عليها الوحدات الكردية.
وذكرت رئاسة الأركان التركية أن مقاتلاتها «دمرت 45 هدفاً عسكرياً جديداً للإرهابيين في إطار عملية غصن الزيتون»، وتحاول وحدات المعارضة السورية التي تتبع للفيالق الأول والثاني والثالث من «الجيش الوطني السوري» الذي تم تشكيله أخيراً من قبل وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة والتي جهزت نحو 20 ألف مقاتل، الهجوم على مدينة عفرين من ثلاث جهات بهدف محاصرتها، فيما أكدت مصادر ميدانية مطلعة على سير المعارك لـ«القدس العربي» ان قصفاً مدفعيا متبادلا بين قوت الجيش التركي والميليشيات الكردية إضافة الى مواجهات عنيفة بين فصائل الجيش الحر والقوات التركية من جهة، وبين القوات الكردية من جهة أخرى، استمرت طوال الساعات الماضية في محيط مدينة عفرين وريفها.
وأعلنت فصائل الجيش السوري الحر أمس الأحد، عن فرض سيطرتها على قريتي (شنكال، وأده مانلي) على محور ناحية «راجو» قرب مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي. وفي المقابل ذكرت مصادر إعلامية كردية أن قوات سوريا الديمقراطية تمكنت من صد هجوم بالقرب من مدينة اعزاز قرب منطقة بلبل.
ولاقت عملية عفرين ردود فعل لافتة ومتباينة، فقد أعلن سيناتور روسي أنَّ روسيا ستقدم الدعم الدبلوماسي لسوريا، وستطالب في الأمم المتحدة بوقف العملية العسكرية التركية في عفرين.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لصحيفة كوميرسانت إن «الإجراءات أحادية الجانب» التي تقوم بها الولايات المتحدة في إيران وسوريا أثارت غضب تركيا. بينما أكّد النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فرانس كلينتسيفيتش، أنَّ القوات المسلحة الروسية لن تتدخل في حال نشوب نزاع بين القوات السورية والتركية. وقال السيناتور إنَّ «روسيا لن تتدخل عسكرياً، اتفاقياتنا لا تنص على ذلك». وأشار كلينتسيفيتش إلى أنَّ التصادم بين دمشق وأنقرة «لا مفرّ منه عملياً» بعد بدء العملية العسكرية التركية في عفرين. وأوضح أنّ «هناك احتمالا كبيرا في أن القوات المسلحة السورية ستضطر لحماية سيادة الدولة». وأوضح أنّ روسيا ستقدم الدعم الدبلوماسي لسوريا عبر المطالبة بوقف العملية العسكرية التركية في الأمم المتحدة.
وأعرب رئيس حزب الحركة القومية التركي (المعارض)، دولت باهجه لي، الأحد، في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن دعمه لعملية «غصن الزيتون».
من جهتها دعت الولايات المتحدة الأحد، على لسان الناطقة باسم الخارجية هيذر ناويرت تركيا إلى «ممارسة ضبط النفس» وتجنب سقوط ضحايا مدنيين في العملية التي تنفذها أنقرة عبر الحدود ضد مقاتلين اكراد في سوريا.
وقال شهود عيان من رويترز إن الشرطة التركية استخدمت رذاذ الفلفل لتفريق محتجين مؤيدين للأكراد في أنقرة واسطنبول أمس الأحد، وإنها اعتقلت 12 شخصاً على الأقل في اسطنبول. ويحتج المتظاهرون على العملية العسكرية التركية ضد ميليشيات كردية تدعمها الولايات المتحدة في منطقة عفرين في شمال سوريا.
من جهتها دعت فرنسا، الأحد، إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول سوريا، عقب إطلاق تركيا عملية «غصن الزيتون» في منطقة عفرين. وفي هذا الإطار، دعت الخارجية الفرنسية، في بيان لها، السلطات التركية إلى «ضبط النفس في سياق صعب حيث يتدهور الوضع الإنساني في عدة مناطق سورية، نتيجة العمليات العسكرية التي قام بها النظام السوري وحلفاؤه»، ولاحقاً قال وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان إن مجلس الأمن الدولي سيعقد مباحثات بشأن الوضع في سوريا اليوم.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.