الوحدات التركيّة الخاصّة إلى عفرين… صدام محتوم مع مقاتلي دمشق؟

تزامن خبر إرسال دمشق لقوات موالية لها إلى #عفرين مع خبر آخر آت من تركيا حيث يبدو أنّ السلطات في أنقرة قرّرت إرسال مجموعة من القوات الخاصّة إلى المنطقة نفسها. وبعدما دخلت الحرب في عفرين شهرها الثاني، يظهر أنّ الأمور العسكريّة متّجهة إلى مزيد من التصعيد مع غياب بوادر تفاهم إقليميّ شامل يحدّ من تدهور الأزمة. يوم الثلاثاء أعلن المسؤولون الأتراك عن تصدّيهم لشاحنات عسكريّة كانت تنقل مقاتلين تابعين لدمشق ممّا دفعهم إلى الانسحاب. هذه الحادثة التي رواها الرئيس التركيّ رجب طيب #أردوغان ووزير خارجيّته مولود جاويش أوغلو تمّ دحضها مساء اليوم نفسه وفي اليوم التالي مع وصول ثلاث دفعات من هؤلاء المقاتلين.

وما يضيف مزيداً من التعقيد على المشهد الميدانيّ المرتبط بخطوة دمشق الأخيرة، توالي المواقف الروسيّة التي تحضّ أنقرة على الحوار مع الحكومة السوريّة. لكنّ الحوار قد يتعقّد فعلاً مع وصول المقاتلين وتمركزهم في مناطق متقدّمة داخل عفرين، تضعها في مواجهة مباشرة مع الأتراك الذين يحرزون تقدّماً بطيئاً في المنطقة. في السياق نفسه، كان لافتاً الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام التركيّة عن إرسال أنقرة وحدات من قوّاتها الخاصّة إلى الجبهات الأماميّة ممّا يضاعف فرص الاصطدام بين العاصمتين.

دعوات للحوار.. وللحماية

ذكرت صحيفة “حرييت” التركيّة أنّ أنقرة أرسلت المئات من فرق العمليات الخاصة ومن المتطوعين في حرس القرى إلى عفرين. ونقلت عن قائد العمليّات الخاصّة في الشرطة سلامي توركر قوله في كلمة أمس الخميس أمام 150 عنصراً من هذه القوّات في محافظة هاتاي الحدوديّة: “إن شاء الله، ستنفّذون واجباتكم وتعودون آمنين وسالمين”. ونظّمت السلطات الأمنيّة استعراضاً مشابهاً لقواتها في عدد آخر من المحافظات الجنوبيّة الشرقيّة مثل بينغول وبطمان وسعرت وغيرها. قد يعني هذا التطوّر أنّ المنطقة الملتهبة أصلاً يمكن أن تمرّ في منعطف جديد. فالحوار الذي دعا إليه #لافروف منذ أيّام بين المسؤولين الأتراك والسوريّين لم يلقَ آذاناً صاغية إذ قال الناطق باسم الرئاسة التركيّة ابرهيم قالين يوم الأربعاء، إنّ “الحوار السياسي الرفيع المستوى بين أنقرة ودمشق غير وارد”. لذلك، إحدى مؤشّرات رفض الفكرة الروسيّة عن الحوار المباشر قد تتجلّى في هذا الردّ الميدانيّ.

على الضفّة السوريّة، لا يزال وصول المقاتلين السوريّين إلى عفرين يقلق الأتراك، لذلك لا يُستبعد أن يكون إرسال تركيا لهذه القوّات تعبيراً عن محاولة ردّ أوليّة على خطوة الحكومة السوريّة. ومع ذلك، إنّ اكتفاء دمشق بإرسال هؤلاء المقاتلين غير النظاميّين قد لا يرضي طموح الأكراد. وقال المتحدّث باسم الوحدات نوري محمود في حديث إلى “رويترز” يوم الاثنين الماضي إنّه تمّ توجيه “دعوة من قبلنا لكي يأتي الجيش السوريّ ويحمي الحدود”. ثمّ نقلت عنه يوم الخميس قوله: “جاءت مجموعات تابعة للجيش السوريّ إلى عفرين … لكن ليس بالقدر الكافي لإيقاف الاحتلال التركي”، قبل أن يضيف: “يجب أن يقوم الجيش السوريّ بواجبه. نحن نرى أنّ من واجب الجيش السوريّ أن يحمي حدود سوريا”.

صدام في جنديرس؟

ميدانيّاً، تقدّمت الفصائل المدعومة من تركيا على ثلاثة محاور داخل عفرين في جنديرس وبلبل وراجو. وتشير الأخبار الواردة من هناك إلى أنّ القوّات الموالية لدمشق وصلت إلى جنديرس التي طوقتها تركيا من ثلاث جهات والتي ستكون أيضاً أوّل بلدة تعمل فيها القوّات التركيّة الخاصّة بحسب مراقبين. وهذا يعني أنّ نيّة الاصطدام بين #سوريا و #تركيا موجودة. أمّا على المستوى الإعلاميّ، فقد جاء خبر إرسال قوّات تركيّة خاصّة إلى المنطقة بالتزامن مع حديث #أردوغان عن قرب فرض حصار على عفرين. وهنا مؤشّران إضافيّان على المسار التصاعديّ للتوتّر. بالرغم من كلّ ما سبق، يمكن ألّا تكون الأطراف المتشابكة قد استنفدت حظوظ خفض التصعيد في المنطقة. وإذا كان الدفع المتبادل للقوّات خطوة تصعيديّة بحدّ ذاتها، فقد تحمل طبيعة تلك القوّات بعض ما قد يؤشّر إلى اندفاعة “مُفرمَلة”.

فطالما أنّ دمشق ما زالت تمتنع عن إرسال الجيش السوريّ إلى عفرين، فهذا يدلّ إلى أنّ تصعيد دمشق سيبقى أكثر من رمزيّ لكن أقلّ من استراتيجيّ. وطالما أنّ القوّات الخاصّة المرسَلة من تركيا فيها العديد من المتطوّعين ومن الحرّاس المحلّيّين، فالتحرّك قد لا يكون أيضاً معدّلاً كبيراً في موازين القوى. وبالتالي، ما زالت الخطوتان المتقابلتان نوعاً من شدّ الحبال في معركة التفاوض بين الطرفين والمنتظرة في المستقبل القريب أو التي يمكن أن تكون قد بدأت فعلاً في الكواليس.

مهمّتها وتركيبتها

من جهتها، توضح صحيفة “يني شفق” التركية أنّ الوحدات الخاصّة من قوّات الدرك والمرتبطة بوزارة الداخليّة في حال الطوارئ قد تصبح تحت إمرة القيادة العسكريّة في حال الحرب، بالاتفاق بين قيادة الأركان ووزير الداخليّة، فتؤمّن هذه القوات مهام عسكريّة. وتمّت تهيئة هذه الأوامر بالنسبة للوحدات الخاصّة في الدرك والشرطة. وأوضحت أنّ هذه القوات ستُكلّف بتأمين النظام “غالباً في المناطق التي يتمّ تنظيفها من العناصرالإرهابيّة”، مشيرة إلى أنّ هذه الوحدات قد عملت سابقاً إبّان عملية درع الفرات في مدن وبلدات مثل الباب وأعزاز وجرابلوس ومارع.

ما يمكن أن يضاف إلى تفسير عمل القوّات الخاصّة التركيّة هو ذكر عدد من وسائل الإعلام المحلّيّة لانضمام أكثر من 60 حارس قرية من حيّي كولب وإرغاني في ديار بكر للمقاتلين المتوجّهين إلى عفرين. وبما أنّ هؤلاء الحرّاس هم من المواطنين الأكراد في تركيا، تسعى أنقرة إلى تهدئة أكراد عفرين وربّما أطراف معنيّة أخرى، بأنّها لا تريد من عمليّتها استهداف إثنيّة معيّنة بل حزب تصنّفه إرهابيّاً. “حرييت” نفسها نقلت عن زيا سوزن، رئيس اتحاد حراس القرى في تركيا قوله: “من خلال الانضمام إلى العمليّة (في عفرين)، سيغيّر حراس القرى من أصول كرديّة التصوّر بأنّ هذه العمليّة تُشنّ ضدّ الأكراد”.

النهار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.