باريس مستعدة لضرب دمشق و «الدول الضامنة» تعالج خلافاتها

على وقع التغيّرات الميدانية الكبيرة في معركتَي الغوطة الشرقية وعفرين، حذّرت الأمم المتحدة من تبعات «إجبار السكان على مغادرة منازلهم»، معلنةً أن ما يتراوح بين 12 و16 ألف شخص غادروا الغوطة الشرقية، بينما وردت تقارير عن أن معارك عفرين أدت إلى نزوح أكثر من 48 ألفاً. بالتزامن، حاولت الدول الضامنة في اجتماع وزراء خارجيتها في آستانة أمس، استباق بروز خلافات بعد إطلاق يد تركيا في عفرين، في مقابل سيطرة قوات النظام على الغوطة، فيما أكدت فرنسا استعدادها للتحرك في سورية «في شكل منفرد».

وفيما حضّت وزارة الخارجية الفرنسية الصحافيين على عدم السفر إلى سورية في ظل تصاعد العنف، أكد رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر أمس، أن فرنسا قادرة على أن تضرب «في شكل منفرد» في سورية إذا تم تجاوز «الخط الأحمر» الذي حدده الرئيس إيمانويل ماكرون، أي الاستخدام المؤكد للأسلحة الكيماوية.

وأضاف لإذاعة «أوروبا 1» أن ماكرون «ما كان ليحدد خطاً أحمر أو يدلي بهذا التصريح لو لم يكن يعرف أن لدينا الوسائل للتنفيذ»، متابعاً: «اسمحوا لي بأن أحتفظ بتفاصيل التخطيط الذي نقدمه إلى رئيس الجمهورية».

في غضون ذلك، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من خطورة الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية وعفرين، ومن تبعات إجبار السكان على مغادرة منازلهم، مشدداً على أن «أي إخلاء للمدنيين يجب أن يكون آمناً وطوعياً، وأن يسمح للمغادرين بالعودة الطوعية بأمان وكرامة الى منازلهم حالما يسمح الوضع بذلك». ودعا مجلس الأمن إلى «اتخاذ خطوات عاجلة لتحقيق هذا الهدف وإنهاء المأساة».

ودعا المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا ضامني آستانة إلى ممارسة النفوذ على أطراف النزاع لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2401 ووقف الأعمال القتالية، خصوصاً في الغوطة الشرقية.

وأبلغ مجلس الأمن في جلسة أمس، أن «سكان الغوطة الشرقية يناشدون الأمم المتحدة إما بتأمين خروج آمن لهم، أو الحماية لمن يبقى في الغوطة»، مشيراً إلى أن اتفاق وقف النار الذي توصلت إليه روسيا و«جيش الإسلام»، على رغم أنه «هشّ، إلا أنه لا يزال صامداً، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق مماثل مع الفصائل الأخرى في الغوطة».

وعن العملية السياسية، أبلغ دي ميستورا مجلس الأمن أن تشكيل اللجنة الدستورية يواجه عقبات مع الحكومة السورية التي «لا يزال الكثير من العمل في حاجة إلى التنفيذ معها لكي تفعّل مشاركتها في المشاورات الجارية لتشكيل اللجنة». وناشد ضامني آستانة بممارسة النفوذ «لتسريع تشكيل اللجنة» لتكون جزءاً من المفاوضات في جنيف بمشاركة الأطراف السورية كافة.

إلى ذلك، أوضح خبراء أن اجتماع الدول الضامنة لاتفاق آستانة (روسيا وتركيا وإيران) على مستوى وزراء الخارجية يُمهد للقمة الثلاثية بين الرؤساء، و «يهدف إلى مناقشة التنسيق في ظل التغيرات الميدانية على الأرض، وحل أي خلافات قد تبرز بعد إطلاق يد تركيا في عفرين، في مقابل سيطرة قوات النظام على الغوطة الشرقية».

وأكد الخبراء أن «موسكو تسعى إلى فرض تصوراتها على سير عملية التفاوض بين النظام والمعارضة، باستثمار نتائج المعارك على الأرض والتي صبّت في مصلحة النظام وإيران»، فيما لفت خبير لـ «الحياة» إلى أن «مسار آستانة شق طريقه بعد انتهاء معركة حلب نهاية 2016 لمصلحة النظام».

ميدانياً، واصلت قوات النظام وحليفتها روسيا ضرباتها المكثّفة على مناطق سيطرة «فيلق الرحمن» داخل الغوطة الشرقية المحاصرة موقعة عشرات القتلى، تزامناً مع استمرار تدفق المدنيين إلى مناطق سيطرتها. وخرج أمس مئات المدنيين من جيب تحت سيطرة «فيلق الرحمن»، تزامناً مع غارات روسية كثيفة استهدفت بلدتي كفربطنا وسقبا، وأدت إلى مقتل 76 مدنياً على الأقل.

وشمال البلاد، قُتل 27 مدنياً على الأقل في مدينة عفرين نتيجة قصف مدفعي للقوات التركية التي تحاول اقتحام المدينة بعد تطويقها، متسببة بنزوح أكثر من 2500 شخص أمس غداة مغادرة عشرات الآلاف المنطقة خلال اليومين الماضيين.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.