المعارضة السورية تسعى لاتفاقيات لحماية المدنيين… والأسد في الغوطة بعد تدميرها وتهجير أهلها

مع تسارع توغل قوات النظام وحلفائها في عمق ريف دمشق المحاصر، وارتكابهم مجازر مروعة راح ضحيتها أكثر من 1500 مدني، بينهم عائلات بأكملها منذ بدء الحملة التي مكّنت القوات المهاجمة من السيطرة على مساحات واسعة من المنطقة الجنوبية للغوطة الشرقية، وصولاً الى مدينتي سقبا وحمورية اللتين شهدتا أفظع المجازر بحق مدنييهما، تسعى قيادات المعارضة السورية المسلحة إلى إبرام اتفاقيات عاجلة تضمن حماية المدنيين في المناطق التي تزحف إليها ميليشيات النظام المحلية والأجنبية، حيث أعلن «فيلق الرحمن» أمس الأحد خوضه مفاوضات مع وفد من الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في المنطقة التي يبسط سيطرته عليها، والسماح بدخول المساعدات وإجلاء الحالات الطبية العاجلة.
تزامناً دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأمم المتحدة إلى نشر مراقبين دوليين فوراً في الغوطة الشرقية لدمشق، في حال استخدمت روسيا مجدداً حق النقض (فيتو) لعرقلة قرارات مجلس الأمن بشأن وقف «الإعدامات الانتقامية» في الغوطة الشرقية.
وأكد المتحدث الرسمي باسم «فيلق الرحمن»، وائل علوان، عبر حسابه الرسمي، تواصل قيادة الفيلق مع الأمم المتحدة من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن أبرز نقاط المباحثات مع وفد من الأمم المتحدة كان لحثها على ضرورة القيام بواجبها في حماية المدنيين، ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات للمدنيين وإخراج الحالات المرضية والمصابين بضمانة أممية، مؤكداً ان ما يجري الآن هو «ترتيبات لمفاوضات جادة تضمن سلامة المدنيين وحمايتهم».
وزار رئيس النظام السوري بشار الأسد أمس الأحد جنودا سوريين على الخطوط الأمامية في الغوطة بعد تدميرها وتهجير سكانها. فيما تحضر قوات النظام ميليشياتها لاقتحام مدينة حرستا بعد أن عزلتها عن كل من قسمي الغوطة «الشمالي» المتمثل بمدينة دوما، و«الجنوبي» الذي يعرف باسم القطاع الأوسط، ويضم نحو 17 بلدة، حيث نقل التلفزيون الرسمي أن قوات النظام أمهلت مقاتلي المعارضة في حرستا في الغوطة الشرقية بالانسحاب منها. وذكرت أن رئيس النظام بشار الأسد زار مناطق داخل الغوطة الشرقية.
وأمام هذا التقدم، يتخوف أهالي منطقة ريف دمشق الجنوبي من مصير مشابه او أشد فتكاً، بعد محاولة روسية تشير إلى نية ضمنية إلى ضرب المنطقة بأسلحة محرمة دولياً، في سيناريوهات تتطابق مع سابقاتها، قبل ضرب أي منطقة تهدف القوات المشتركة السيطرة عليها، ويعود ذلك الى زعم رئيس هيئة العمليات التابعة لأركان القوات المسلحة الروسية، الفريق أول سيرغي رودسكوي، في تصريحات له، أن قوات المعارضة الموجودين جنوبي البلاد حصلوا على مواد كيميائية لتصنيع السلاح، تحت غطاء حمولات من المساعدات الإنسانية، مضيفا «أن واشنطن دربت مسلحين في سوريا لتنفيذ استفزازات باستخدام أسلحة كيميائية، وأن المسلحين لم يتوقفوا عن محاولاتهم الاستفزازية تلك».
وكانت قوات النظام السوري سيطرت الأحد على بلدتي كفر بطنا وجسرين، كما بسطت سيطرتها على مدينة سقبا عقب انسحاب مقاتلي «فيلق الرحمن» منها، كما واصلت المقاتلات الحربية الروسية والسورية ارتكاب المجازر، حيث سقط المئات من القتلى والجرحى، وقضى أمس الأحد أكثر من 40 مدنياً في بلدتي زملكا وعين ترما جراء غارات جوية وقصف عنيف باستخدام القنابل العنقودية المحرمة دولياً، فيما كانت قد انتهت إحصائية يوم السبت بمقتل 100 مدني موثقين بالاسم، حسب الدفاع المدني السورية.
ولقي أكثر من 55 عنصراً من قوات النظام مصرعهم على جبهتين منفصلتين في الغوطة الشرقية خلال الـ24 ساعة الفائتة، حيث قتل أكثر من 5 جنود خلال مواجهات مع «جيش الإسلام» على جبهة الريحان حسب مصدر عسكري من مدينة دوما، مضيفاً ان المقاتلين أعطبوا أكثر من ثلاث دبابات خلال مواجهات عنيفة، فيما كان قد لقي نحو 50 عنصراً من قوات النظام مصرعهم، بتفجير عربة مفخخة بالقرب من بلدة جسرين في الغوطة الشرقية السبت، خلال محاولة فصائل المعارضة صدّ تقدمها.
من جهته ناقش رئيس الهيئة السورية للتفاوض، نصر الحريري، والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، في اتصال هاتفي، الوضع في الغوطة وعجز المجتمع الدولي عن حماية المدنيين، وأثر ذلك على مهمته، فيما التقى وفد هيئة التفاوض أمس الأحد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف عثيمين، في مقر المنظمة في مدينة جدة. وبحث المجتمعون الدور المرتقب لدول المنظمة في الوصول إلى حل سياسي ينهي المأساة السورية.
من ناحية أخرى دخلت القوات التركية ومسلحو المعارضة السورية المتحالفون معها مدينة عفرين شمال غربي سوريا أمس، ورفعوا أعلامهم في قلب المدينة، وأعلنوا السيطرة الكاملة عليها بعد حملة عسكرية استمرت ثمانية أسابيع لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها.
وقال متحدث باسم الجيش السوري الحر إن مقاتلي المعارضة دخلوا عفرين قبل فجر أمس من ثلاث جبهات دون مقاومة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن جيوباً لمقاتلي وحدات حماية الشعب تحدت أوامر بالانسحاب، لكن القوات التركية سيطرت على المنطقة.
وتتركز التساؤلات الآن حول سيناريوهات مستقبل الوضع في المدينة عقب الانتهاء فعلياً من عملية «غصن الزيتون»، ومعرفة مصير المناطق التي ما زالت تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية والمناطق المتبقية بين مركز عفرين ومناطق سيطرة النظام في نبل والزهراء، حيث يتوقع أن يتقدم الجيش التركي إلى عمق محدد سيجري الاتفاق عليه من خلال روسيا لمنع حدوث أي احتكاك أو اشتباكات بين المعارضة السورية والجيش التركي من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.