ماذا حدث بعد تهديد ترمب بضرب أهداف نظام الأسد

لم تمر ساعات قليلة على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضرب أهداف للنظام السوري ردا على الهجوم الكيماوي الذي استهدف مدينة دوما بالغوطة الشرقية مطلع الأسبوع الحالي، حتى بدأ النظام السوري يحرك قواته في محاولة لتفادي الضربة المحتملة، كما انسحبت سفن حربية روسية من قاعدة طرطوس البحرية، فيما بدا أنه استعداد للضربة التي أكد البيت الأبيض أنها إحدى الخيارات المطروحة.

وكان ترمب قد غرد أمس (الأربعاء) محذرا روسيا من أن «صواريخ جديدة وذكية» قادمة إلى سوريا، وذلك بعدما تعهدت موسكو بإسقاط جميع الصواريخ الموجهة إلى سوريا، كما طالب روسيا بألا تكون شريكا لمن «يقتل شعبه ويتلذذ بذلك».

وقال مسؤولون أميركيون لوكالة «رويترز» الأربعاء إن قوات النظام نقلت بعض عتادها الجوي لتجنب آثار أي ضربات صاروخية محتملة. ولم يدل المسؤولون بتعليقات أخرى ولم يتضح إن كانت الخطوات ستؤثر على التخطيط العسكري الأميركي لأي عمل محتمل في سوريا.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد قدم تقييما مشابها بعد ساعات قليلة من تغريدة الرئيس ترمب، وقال إن قوات موالية للحكومة تخلي مطارات رئيسية وقواعد جوية، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «أخلت قوات النظام منذ مساء الثلاثاء مطاراتها العسكرية مثل التيفور (في وسط البلاد) والسين والضمير (في ريف دمشق)، فضلاً عن قواعد قيادات الفرق العسكرية مثل الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري في محيط دمشق».

وأضاف عبد الرحمن إن عناصر حراسة بقوا في هذه المراكز، مضيفا أن «الطائرات الحربية غادرت ونقل بعضها إلى قاعدة حميميم الروسية في غرب البلاد».

إلى ذلك، قال الجيش الروسي الأربعاء إنه يراقب عن كثب الوضع حول سوريا وعلى دراية بتحركات قوة بحرية أميركية متجهة إلى الخليج.

وكانت البحرية الأميركية قد قالت أول من أمس (الثلاثاء) إن المجموعة القتالية التي تتقدمها حاملة الطائرات هاري إس. ترومان ستبحر إلى الشرق الأوسط وأوروبا اليوم الأربعاء.

كما أبحرت المدمرة الأميركية القاذفة للصواريخ «يو إس إس دونالد كوك» بعد يومين من وقوع الهجوم، من مرفأ لارنكا في قبرص حيث كانت متوقفة، وهي حاليا في منطقة يمكن منها استهداف سوريا بسهولة.

التطور الأبرز كان انسحاب سفن حربية وتجارية روسية من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس السورية، وفق ما كشفته تحليلات وصور بالقمر الصناعي نشرتها شركة «Image Satellite Internacional» (ISI).

وأكدت الشركة أنه في الأيام العادية توجد 12 سفينة روسية حربية أو تجارية، لكن بحلول الأربعاء انسحبت أغلب هذه السن باستثناء غواصة واحدة، وهو ما أظهرته الصور.

وأظهرت إحدى الصور المنشورة 8 سفن ترسو في الميناء، وهي عبارة عن قاربين من طراز «غراتشونوك» وغواصتين تعملان على الديزل، بينما أوضحت صورة أخرى، التقطت الأربعاء 11 أبريل (نيسان)، أن معظم تلك السفن والبوارج لم تعد موجودة في نفس المكان، باستثناء غواصة واحدة.

وتهديد الرئيس الأميركي ليس الأول بعد الهجوم الكيماوي في دوما، فبعد ساعات من الأنباء بشأن وقوعه، توعد ترمب المسؤولين عن الهجوم الذي وصفه «المتهور» بأنهم سيدفعون «ثمنا باهظا»، مطالبا بفتح المنطقة فورا أمام المساعدات الطبية وعمليات التحقق. وأضاف: «كارثة إنسانية جديدة دون أي مبرر على الإطلاق».

لكن البيت الأبيض أكد الأربعاء أن الرئيس دونالد ترمب لم يحدد جدولا زمنيا لاتخاذ إجراء في سوريا ردا على الهجوم الكيماوي. وقالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض إن ترمب لديه عدد من الخيارات إلى جانب الخيار العسكري وإن كل الخيارات ما زالت مطروحة على الطاولة وإنه يقيم كيفية الرد و«القرار النهائي لم يتخذ بعد».

وتنسق الولايات المتحدة مع فرنسا بشكل أساسي منذ أيام، بعدما هددت الدولتان خلال الفترة الأخيرة بتوجيه ضربات في حال توفر «أدلة دامغة» على هجمات كيماوية في سوريا.

وقال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر الثلاثاء إن بلاده «ستبذل كل ما بوسعها للتصدي للإفلات من العقاب في المسائل الكيماوية»، بعدما صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس ستعلن «خلال الأيام المقبلة قرارها» بشأن الرد الذي قد يستهدف «القدرات الكيماوية» للنظام السوري.

دبلوماسياً، عدّلت موسكو من لهجتها بعد تهديدات ترمب، في محاولة للتهدئة وتجنيب نظام الأسد الضربة المحتملة التي يرجح أن تكون صاروخية، حسبما أشار الرئيس الأميركي نفسه في تغريدته.

وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «أمله بأن تتغلب لغة العقل في النهاية» في العلاقات الدولية التي تشهد حاليا «مزيدا من الفوضى» على وقع توتر متصاعد مع الدول الغربية.

وأضاف بوتين في خطاب أمام دبلوماسيين أجانب أن «الوضع في العالم يشهد مزيدا من الفوضى. رغم ذلك، نأمل بأن تتغلب لغة العقل في النهاية وأن تسلك العلاقات الدولية اتجاها بناء وأن يصبح النظام العالمي أكثر استقرارا».

وفي اتصال هاتفي، دعا بوتين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى «الإحجام عن أي عمل يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار»، وذلك بعد ضربات جوية إسرائيلية استهدفت قاعدة للنظام السوري، وأسفرت عن مقتل 14 من قوات النظام والموالين لها بينهم إيرانيون، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عن رد فعل الرئاسة الروسية حيال تغريدات ترمب بشأن سوريا، «نحن لا نشارك في دبلوماسية التغريدات. نحن مع المقاربات الجادة»، مضيفاً: «نرى اليوم أن من المهم عدم القيام بأفعال يمكن أن تفاقم وضعا هشا أصلا».

وتأتي التطورات الأخيرة بعد مرور عام على ضربة أميركية استهدفت قاعدة الشعيرات العسكرية في وسط سوريا رداً على هجوم كيماوي اتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بتنفيذه وأودى بالعشرات في خان شيخون بمحافظة إدلب شمال غربي البلاد.

وحينها أطلقت البحرية الأميركية 59 صاروخ توماهوك عابر من مدمرات في شرق المتوسط، واستهدفت قاعدة الشعيرات الجوية وطائراتها ومخازن الذخيرة فيها وأنظمة الدفاع الجوي وأجهزة الرادار. إلا أن الضربة كانت محدودة ومصممة بحيث لا تجر الولايات المتحدة إلى فوضى الحرب السورية الدامية.

الضربات المحتملة من المتوقع أن تستهدف البنية التحتية للأسلحة الكيماوية الخاصة بالنظام لضمان عدم استخدام هذه الأسلحة، لكن مثل هذه الضربات يمكن أن تحمل الكثير من المخاطر من بينها احتمال إطلاق سحابة من الغاز السام من غير قصد.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جنيفر كافاريلا المحللة للشؤون السورية في معهد دراسات الحرب في واشنطن قولها إن أحد الأهداف المحتملة هو مطار الضمير العسكري شمال شرقي دمشق، والذي انطلقت منه مقاتلات النظام لشن هجماتها السبت على الغوطة الشرقية.

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.