إيران تريد البقاء في سوريا إلى الأبد رغم الضغوط الروسية ـ الإسرائيلية

تمارس روسيا وإسرائيل الضغط لدفع إيران إلى الانسحاب من سوريا، لكن إيران تبدو عازمة على استرداد ما استثمرت فيها من دم ومال، بحسب تقرير مطول نشرته مجلة «فورين بوليسي»، قالت فيه إن المسؤولين الإيرانيين وغيرهم من الخبراء، يرون أن بلادهم قد استثمرت الكثير من الدماء والمال – نحو 30 مليار دولار حتى الآن – رغم الضربات الإسرائيلية، أو حتى الضغوط التي تمارسها موسكو.
وبعد تقديمها تلك الاستثمارات الضخمة، فإن إيران تبدو عازمة على جني الثمار الاستراتيجية طويلة الأمد التي يتعين على سوريا تقديمها، حتى وإن كان الثمن المزيد من الأرواح والمال على المدى القريب.
وفي السياق ذاته، صرح مدير تحرير إحدى وسائل الإعلام الإيرانية الكبرى شريطة عدم ذكر اسمه، لمجلة «فروين بوليسي»، بقوله: «لا أعتقد أن إيران ستتنازل عن وجودها في سوريا. فوجود إيران هناك يمنحها المزيد من القوة في مواجهة إسرائيل. الأرض مسألة في غاية الأهمية، وإيران ماهرة في إدارة الأرض. فالأرض هي المكان الذي تفوقت فيه إيران. حتى الروس ظهروا ضعفاء هناك. فالطرف الأقوى على الأرض لا يأخذ الطرف غير الموجود على محمل الجد».
تدخلت إيران وحليفها «حزب الله» في سوريا دفاعا عن نظام لطالما كان حليفها. وعلى مدار السنوات السبع الماضية، زادت الاستثمارات الإيرانية في سوريا لتبلغ بلايين الدولارات سواء في مساعيها العسكرية أو الاقتصادية، وأحياناً في الاثنين معاً. وقامت إيران بتجنيد وتدريب جنود من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا ونشرهم في سوريا وقدمت المساعدات لأسر القتلى منهم. ووفق حسابات منصور فارهانغ، الأستاذ الجامعي والدبلوماسي الإيراني السابق، فقد أنفقت إيران على الأقل 30 مليار دولار في سوريا على هيئة مساعدات عسكرية واقتصادية. وبحسب تقديرات نديم شهادة، الأستاذ بكلية الحقوق والدبلوماسية بجامعة «تافتس» الأميركية، فإن الكلفة أعلى من ذلك بكثير، حيث تقدر بنحو 15 مليار دولار سنوياً، بإجمالي 105 مليارات دولار. وأيٌّ من الرقمين سيكون مثيراً للجدل السياسي في الوقت الحالي الذي يطالب فيه الإيرانيين في الداخل بالمحاسبة والتدبر المالي.
وتعمل القوات الإيرانية حالياً من خلال 11 قاعدة حول سوريا وتسع قواعد عسكرية للفصائل الشيعية المدعومين منها، بمناطق جنوب حلب وحمص ودير الزور، بالإضافة إلى تسع قواعد ونقاط مراقبة تابعة لـ«حزب الله»، غالبيتها على امتداد الحدود اللبنانية وفي حلب، بحسب نوار أوليفر، الباحث العسكري بـ«مركز عمران للدراسات الاستراتيجية» البحثي في إسطنبول.
لكن التدخل الإيراني في سوريا أكبر من التواجد العسكري التقليدي، فقد شرعت إيران بالفعل في غرس بزور معاهدها المالية والآيديولوجية هناك. بالإضافة إلى نحو عشر منظمات مرتبطة بإيران، تعمل مؤسسة «جهاد البناء» الإسلامية الخيرية المدعومة من إيران، والتي قامت بتمويل وإعادة بناء ضواحي جنوب بيروت بعد حرب صيف 2006. حالياً، في مشروعات كبرى لبناء المدارس وشق الطرق وغيرها من مشروعات البنية التحتية في حلب وغيرها من المدن، وفي تقديم المساعدات لعائلات ضحايا الحرب من الموالين لإيران في سوريا.
وفي الشهور الأخيرة، فازت الشركات الإيرانية بصفقات في سوريا تتضمن توفير جرارات، وفوسفات، وإصلاح شبكات الكهرباء، وتكرير السكر. واستناداً إلى تقديرات المسؤولين الإيرانيين، فإن إيران تصدر ما قيمته على الأقل 150 مليون دولار سنوياً إلى سوريا. كذلك، قدمت طهران قروضاً إلى النظام السوري بقيمة 4.5 مليار دولار منذ عام 2013، وتسيطر إيران وحليفتاها سوريا والعراق على الحدود العراقية السورية، وهي منطقة العبور التي تمر من خلالها صادرات مواد البناء والطاقة؛ مما أعطى طهران الحق في تقرير مصير مستقبل سوريا ومهد أمامها الطريق لاسترداد ما أنفقته من استثمارات غير عادية. وبحسب أوليفر: «إنهم (الإيرانيون) يسيطرون على الطريق في الصحراء السورية وعلى خطوط الأنابيب المهمة. وما من أحد يقدم على تنفيذ مشروع في سوريا إلا ويجد إيران في حلقومه».
وقال محلل عسكري طلب عدم ذكر اسمه: «لن يجبر إيران على الرحيل من سوريا سوى إلحاق هزيمة عسكرية كاملة بالحكومة السورية»، بينما رأى نديم شحادة، أن «الإيرانيين لن ينسحبوا، وربما ينسحبون تكتيكياً بضغط من سوريا فقط لتهدئة الأجواء. فهم هناك لأهداف استراتيجية إقليمية كبرى».

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.