النظام يحاصر ألفا من مقاتلي المعارضة في درعا … ومخاوف من عمليات انتقام ضد المدنيين

تشير الوقائع على الأرض في محافظة درعا إلى انهيار مراحل الاتفاق المبرم بين الجانب الروسي وفريق المفاوضات المعارض، بعد محاصرة نحو 1000 مقاتل من فصائل المعارضة في مدينة درعا المطوقة من الاتجاهات كافة، فيما يحاول الفريق المفاوض الحصول على ضمانات من الروس قبيل عملية التهجير باتجاه إدلب في الشمال، بيد أن اللافت كان سرعة تحوّل رفاق السلاح من مقاتلي الجبهة الجنوبية المنتشرين في قرى وبلدات الريف الشرقي إلى ميليشيات محلية بإشراف روسي، قبيل تعبئتهم في صفوف الفيلق الخامس.
المتحدث الرسمي باسم غرفة العمليات في الجنوب السوري العميد إبراهيم الجباوي أكد لـ«القدس العربي» ضبابية الموقف في الريف الشرقي، عازيا السبب إلى عدم التزام روسيا بتعهداتها أمام المعارضة السورية، وعدم تنفيذ البنود المتفق عليها، مضيفاً ان «المفاوضات لا تنتهي». وقال الجباوي إن النظام يمنع التهجير حتى الآن ويحاصر الأهالي في المدن والبلدات رغبة في الانتقام منهم.
وفي الوقت الذي تعتزم فيه موسكو نقل عدد محدود من المقاتلين وذويهم من درعا جنوب غربي سوريا إلى المحافظات الشمالية، يسود جو من الترقب والغموض بين المقاتلين لما قد تفضي إليه المفاوضات من نتائج ستحدد مصيرهم، في ظل جولات صعبة تخوضها المعارضة التي تحاول حماية مقاتليها من تعنت النظام السوري الذي يرغب في الحفاظ على المقاتلين من أجل مكاسب لاحقة، يرجح مراقبون ان تكون أولى أوراق الضغط على المحافظة التي احتضنت شرارة الثورة السورية، فضلاً عن الحاجة إلى مهاراتهم القتالية في صفوف الفيلق الخامس الذي يعتبر الموظفون الحكوميون الأعمدة الرئيسية في بنية هذا التشكيل.
المتحدث الإعلامي باسم غرفة العمليات المركزية والملقب بـ«حسين أبو شيماء» قال «إن قوات النظام تحاصر نحو 1000 مقاتل منذ 48 ساعة»، مشيراً إلى أن «جميع المقاتلين في الريف الشرقي قد نظموا أنفسهم على هيئة تشكيلات محلية تحت إشراف روسي».
وأعرب المتحدث عن قلقه إزاء مصير المحاصرين، مترقباً نتائج جولة المفاوضات لحسم ملف التهجير، مضيفاً أن روسيا لم تلتزم بأي بند من بنود الاتفاق التي كانت تقضي بخروج الثوار قبل تقدم قوات النظام إلى نقاطهم، بيد أن الأخيرة تقدمت إلى القاعدة الجوية غربي مدينة درعا، وأغلقت الطريق الرئيسي، الأمر الذي نتج عنه محاصرة مئات المقاتلين في أحياء درعا البلد «مخيم النازحين ومخيم الفلسطينيين وطريق السد»، وهي المناطق الوحيدة التي تضم باقي فصائل الجبهة الجنوبية من الجيش الحر.
وأوضح المصدر أن الفريق المفاوض يعمل من أجل الضغط لتسريع عملية خروج المقاتلين بضمانات روسية، فيما يبدو أن العدد سيكون محدوداً بما لا يتجاوز الـ1000 مقاتل مع عائلاتهم، كما سجل المئات من المقاتلين الرافضين للتسوية أسماءهم استعداداً للبدء بعملية تهجيرهم إن توصل الطرفان إلى صيغة مناسبة.
مركز المصالحة الروسي في سوريا، ذكر أن القوات الروسية تعتزم إجلاء قرابة 1000 شخص من درعا إلى إدلب. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن المركز قوله، إن عدد القرى والبلدات التي انضمت لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوب غربي سوريا، ارتفع إلى 90 موقعا.
وأضاف أن «فرق المراقبة تواصل رصد مدى الامتثال لنظام وقف إطلاق النار المبرم في إطار مذكرة مناطق تخفيف التوتر في سوريا، التي وقعتها روسيا وتركيا وإيران في تموز(يوليو) 2017». من جهتها، أعلنت وسائل إعلام النظام هي الأخرى أن نحو 30 حافلة تجمعت في مدينة الصنمين، تمهيداً للبدء بعملية التهجير، بينما أكد المنسق المقيم للأمم المتحدة في الأردن، أندرس بيدرسن، أن الحافلات جاهزة لنقل الرافضين للتسوية إلى الشمال، وعدد الحافلات التي هيأتها المحافظة حتى يوم أمس بلغ 50 حافلة بانتظار إعلان عدد الراغبين بالخروج لإعداد عدد كاف من الحافلات لإتمام العملية.
تزامن ذلك مع نشر وسائل إعلام روسية شريطا مصورا أظهر أسلحة وذخائر سلمتها فصائل «شباب السنة» و«جيش المهاجرين والأنصار» إلى النظام السوري بموجب الاتفاق المبرم بين «أحمد العودة» وروسيا. وأظهر التسجيل عتاداً عسكريا متنوعا، يضم كميات كبيرة من الأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة، والمدافع، إضافة إلى صواريخ مضادة للدروع من نوع «تاو»، وصواريخ مضادة للطائرات نوع «كوبرا»، وعربات ثقيلة وناقلات جند.
وكانت عملية تسليم السلاح أولى خطوات شق وحدة الجبهة الجنوبية، عبر اتفاق فردي عقده «أحمد العودة» مع روسيا، وسلّم بموجبه السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف، وفسح المجال أمام قوات النظام للدخول إلى مناطق المعارضة ومحاصرتها.
من جهتها هددت إسرائيل أمس «برد عنيف» على أي محاولة من القوات السورية للانتشار في منطقة حدودية منزوعة السلاح في هضبة الجولان. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أمام نواب حزبه «سنلتزم تماماً من جانبنا باتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 وسنصر على الالتزام بحذافيرها وأي انتهاك سيقابل برد عنيف من قبل دولة إسرائيل». ومن المتوقع أن يُطرح هجوم الأسد في جنوب سوريا خلال محادثات تعقد في موسكو غداً بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.