مخيم الركبان يعاني بين حدود الأردن المغلقة وحصار النظام وتقاعس اليونيسيف

تزداد معاناة نازحي مخيم الركبان في البادية السورية الواقع أقصى شرق محافظة حمص على الحدود السورية الأردنية، عقب قطع النظام السوري الطريق الوحيد الواصل إليه ومنعه دخول القوافل الإغاثية عبر الأراضي الخاضعة لسيطرته، في الوقت الذي ترفض اليونيسيف فيه إحالة الحالات الطبية الحرجة من المخيم إلى مشافي الأردن التخصصية، الأمر الذي ينذر بتفاقم حالات الوفاة بالمخيم، وفقا لنشطاء.
وجرت بين وجهاء من مخيم الركبان وعناصر من النظام السوري مفاوضات بهدف إخلاء الحالات المرضية المستعجلة من المخيم، بيد أن النظام تنصل من وعوده، وقطع الطريق الوحيد الواصل للمخيم، بهدف إجبار الوجهاء على القبول باتفاق تسوية.

الوضع الطبي ومسؤولية اليونيسيف..

الناشط الإعلامي والميداني بمخيم الركبان «عماد أبو شام»، تحدث لـ”القدس العربي”، عن آخر مستجدات الأوضاع الصحية والإنسانية والإغاثية بالمخيم، محملا في الوقت ذاته، النظام السوري واليونيسيف تردي الأوضاع بالمخيم.
وقال أبو شام في تصريحه: “الوضع الطبي والصحي في الركبان سيء جدا. في المخيم ثلاث نقاط طبية وهذه النقاط لا يوجد فيها أي طبيب، وتقتصر على بعض المتدربين في المجال الصحي، قاموا بالتدرب بداخل المخيم”، وتابع: “لا يوجد أدوية بالنقاط الطبية وإن وجد فتكون مأجورة وأسعارها مرتفعة”.
وأضاف: “يوجد نقطة لليونيسيف وتقع داخل الحرم الأردني، ويوجد فيها أطباء وتقوم بتقديم الأدوية بشكل مجاني، ولكن في الفترة الأخيرة توقفت النقطة عن نقل الحالات الطبية الحرجة إلى الداخل الأردني بعد استقبالها من المخيم، كما كانت تفعل دائما”.
ونوه ابو شام إلى أن رفض إحالة الحالات الحرجة للأردن، “أدى لتفاقم الأزمة الصحية في المخيم”، وأردف: “نحن لدينا نحو مئة حالة طبية تستدعي الدخول للمشافي الأردنية بشكل ضروري وطارئ، منهم نساء حوامل بحاجة لعملية قيصرية وأطفال لديهم التهاب الكبد الوبائي والذي انتشر بالمخيم بشكل كبير، وأيضا مرض التطبل لدى الأطفال المنتشر أيضا. كل هذه الحالات بحاجة لدخول فوري وسريع للمشافي الأردنية».
وأشار الناشط الإعلامي، إلى أن «الطب الشعبي والعربي انشر في المخيم لعلاج بعض الحالات الطبية الروتينية» واستدرك: «لا يوجد مستشفيات أو أدوية يتلقاها المريض بالركبان.. النقاط الطبية الثلاث غير كافية».
وأوضح أنه «يوجد ثلاث حالات وفاة في المخيم امرأة وطفلين، وهم: فايزة الشليل من مواليد 1959 من تدمر، وهدى الرسلان 4 أشهر من القريتين، ومناف الحمود وعمره سنة وشهرين من بلدة مهين».

انقطاع الإغاثة ومسؤولية النظام السوري..

وشدد على أن «مخيم الركبان لم يتم تزويده بالقوافل الغذائية منذ تسعة شهور»، مضيفا: «هذا الأمر أدى لتفاقم الوضع الإنساني بالمخيم، كانت المواد الغذائية والمساعدات تأتي من الأردن عن طريق الأمم المتحدة وانقطعت أيضا منذ تسعة شهور».
وحول كيفية تدَّبر المدنيين أمورهم المعيشية، قال «أبو شام»: «المدنيين أغلبهم يعتمدون على أقاربهم من خارج المخيم بإرسال الأموال لهم، ومنهم من يعتاش من خلال سوق الأغنام والسوق الرئيسي بعمليات التجارة».
وحمل الناشط الميداني، النظام السوري مسؤولية تردي الأوضاع في المخيم، بقوله: «النظام هو المسؤول الأول عن قطع الطريق نحو مخيم الركبان، فمنذ عشرة أيام قام النظام بقطع طريق حمص – بغداد، وهو الشريان الرئيسي للركبان لدخول المواد الغذائية».
وأضاف: «قطعه كورقة ضغط للقبول بورقة المصالحة التي عرضها منذ فترة لكن الأهالي رفضوا هذه الورقة».

دور جيش مغاوير الثورة

ويقع مخيم الركبان ضمن منطقة التنف أو ما يعرف بمنطقة 55 الخاضعة لسيطرة جيش مغاوير الثورة التابع للمعارضة السورية والمدعوم من قبل التحالف الدولي، حيث يشرف الفصيل على المنطقة تلك ويسير دوريات متواصلة بهدف منع تنظيم الدولة والميليشيات الموالية للنظام من الاقتراب من المنطقة.
«عقبة العبدالله» رئيس مكتب الشؤون المدنية في الجيش، أكد لـ”القدس العربي”، أن «الوضع في المخيم مزرٍ للغاية»، وأضاف المسؤول: «منذ أكثر من أسبوع والمخيم محاصر بشكل كامل من قبل النظام السوري لا توجد آليات أو شاحنات تدخل إلى هنا.. هناك نقص حاد في المواد الغذائية في الخضار والفاكهة والأدوية وحليب الأطفال».
وأردف: «المنطقة ممنوع دخول أي شيء من الأردن والعراق إليها، الطريق الوحيد موجود من النظام وهو مغلق منذ أكثر من أسبوع» وتابع: «يوجد بعض السيارات الصغيرة تدخل بشكل متقطع كتهريب إلى المنطقة.. هناك معاناة حقيقية هناك أزمة حادة حتى على مستوى رغيف الخبز».
وحمل «العبدالله» اليونيسيف مسؤولية تردي الوضع الصحي، واصفا إياه بالـ «مزري» بسبب «عدم استقبال اليونيسيف الحالات الحرجة التي تحتاج للعلاج في مشافي عمان».
وأضاف: «لدينا ثلاث وفيات في الأسبوع الماضي طفلان وامرأة بسبب عدم أخذ موافقة لدخولهم عن طريق الأمم المتحدة لمشافي عمان».
وحول جهود الجيش في المنطقة وتعليقهم على مفاوضات الوجهاء بالمخيم مع النظام، قال المسؤول: «نحن كجيش مغاوير مهمتنا محددة هي دحر الإرهاب والميليشيات الشيعية وتأمين منطقة الـ 55 من أي عدو».
وأردف: «أما كشؤون مدنية وكمجتمع مدني، هذه المهمة خاصة بالمجالس المحلية والإدارة المدنية في مخيم الركبان، هم من يقررون مصيرهم.. نحن لا نعطل أي قرار يقومون باتخاذه، هم أصحاب المصلحة الحقيقية بأي اتفاق يقررونه بشأن مصيرهم المدني». وتابع: «طالما هم موجودون في منطقة الـ 55 يترتب، علينا أمنهم وحمايتهم وجعل المنطقة آمنة بعيدة عن كل محاولات دخول الإرهاب أو الميليشيات للمنطقة».
وختم متحدثا على المفاوضات بين وجهاء المخيم والنظام: «اجتمع الوجهاء مع عناصر من النظام، كان هناك اتفاق على بعض البنود كمسودة، وتم رفع المسودة للنظام، وحتى الآن لا يوجد أي تنفيذ»، وأضاف: «في المسودة كان هناك طلب لبعض الأهالي للتوجه للشمال السوري، وقسم آخر طلب البقاء هنا (بالمخيم) وهو بحاجة لمساعدات إنسانية ودوائية ولقاحات أطفال ومنهم طلب العودة إلى مناطقه التي يسيطر عليها النظام».
ويقع مخيم الركبان في أقصى جنوب شرق سوريا، ويمتد على طول 7 (كم) في المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح مع الأردن، ويقطن مخيم الركبان نحو 15231 عائلة، وفق تقديرات بتجاوز عدد سكانه 60 ألف شخص بينهم 13925 رجلاً، و17503 امرأة، و39970 طفل دون سن الخامسة عشرة، وأغلبية السكان من ريف حمص الشرقي من القريتين وتدمر ومهين وحوارين ويوجد بعض النازحين من الرقة وريف حلب الشرقي ودير الزور.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.