تباين أولويات حول سورية يقلل التوقعات من القمة الرباعية

خفَّض التباين في الأولويات بين موسكو وأنقرة وبرلين وباريس، سقف التوقعات من قمة رباعية ستُخصص للملف السوري، حُدد لالتئامها 27 الشهر الجاري في إسطنبول، في وقت استمر أمس التصعيد الروسي ضد شرق نهر الفرات، واتهمت موسكو أمس واشنطن بـ «نقل عناصر داعش من تلك المنطقة إلى العراق وأفغانستان»، محذرة من «لعبة كردستان الكبرى».

وتلتئم القمة في ظل زخم دولي للدفع بالعملية السياسية، وتأتي بعد أيام من زيارة مفترضة للموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا لدمشق الأربعاء المقبل من أجل مناقشة ملف لجنة الدستور، كما تتزامن مع زيارة وفد هيئة التفاوض السورية لموسكو.

وكان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أوضح في بيان إن القمة التي ستُعقد برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويحضرها نظيراه الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل، ستناقش الوضع الميداني في سورية، واتفاق إدلب، والعملية السياسية. وتوقع أن تتم خلالها «مواءمة الجهود المشتركة لإيجاد حل دائم للأزمة السورية». لكن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف دعا إلى «عدم توقع حدوث أي اختراقات أو قرارات حاسمة». وأوضح الكرملين في بيان أن القمة الرباعية ستبحث في دفع التسوية السورية وخطوات تعزيز الأمن، إضافة إلى خلق ظروف لعودة اللاجئين وإعادة إعمار البنى الاجتماعية والاقتصادية.

أما الإليزيه، فأوضح أن «قادة فرنسا وألمانيا وتركيا وروسيا سيناقشون الحرب في سورية وإيجاد سبل لتجنب كارثة إنسانية في إدلب، لمنع نزوح جديد للاجئين وإعطاء قوة دفع جديدة لمحادثات السلام». وعلمت «الحياة» من مصدر فرنسي رفيع أن القمة التي ستجمع دولتين تمثلان مسار آستانة (روسيا وتركيا)، ودولتين تمثلان المجموعة المصغرة (فرنسا والمانيا)، ستركز على «محاولة حل معضلة المجموعات المسلحة في إدلب ودفع المسار السياسي». وقال إن «مركل وماكرون سيشددان خلال القمة على ضرورة انطلاق مسار سياسي، والضغط القوي على النظام السوري لإرسال بعثة تساهم فعلاً في المفاوضات حول الانتقال في سورية».

وقالت الناطقة باسم الحكومة الألمانية مارتينا فيتز إن المناقشات بين ميركل وزعماء فرنسا وروسيا وتركيا ستركز على دعم تطبيق اتفاق إدلب، ومتابعة العملية السياسية وإطلاق لجنة الدستور. وزادت: «نرى روسيا شريكاً يتحمل مسؤولية دقيقة كونه حليف لنظام (بشار) الأسد، في الوقت ذاته تتحمل تركيا مسؤولية دقيقة في ظل اتفاق سوتشي». وأضافت أن ميركل «تريد قدر الإمكان العمل على الاستقرار في سورية، مع علمنا بأن هذه العملية معقدة جداً وتستغرق سنوات».

إلى ذلك، قال الناطق باسم «هيئة التفاوض السورية» يحي العريضي لـ «الحياة» إن «القمة تتم الآن وإيران خارجها، ونستنتج من هذا أن وجودها في سورية بات معرقلاً لأي حل في سورية». وأضاف: «هذا الرباعي يريد حلاً سياسياً حقيقياً، خصوصاً بعد اتفاق إدلب، وتركيا وروسيا تحتاجان الدعم الفرنسي- الألماني. وإذا أُضيفت إلى هذا الرباعي المجموعة المصغرة، سنجد أن هناك جدية في التوصل إلى حل حقيقي». وتطرق إلى مهمة دي ميستورا في دمشق والتي وصفها بـ «الصعبة»، قائلاً: «لكن حان الوقت أن يضع النقاط على الحروف بالنسبة إلى مهمته، خصوصاً أن الأمم المتحدة لن تبارك لجنة كما يريدها النظام».

أما رئيس تيار الدولة السورية لؤي حسين، فقال لـ «الحياة»: «لو عُقدت هذه القمة مطلع الشهر الماضي لكان يمكن أن تحقق لروسيا نجاحاً أكبر، لكن مع الدخول الأميركي على الملف السوري مجدداً، اعتقد أن الدول الثلاث (تركيا وفرنسا وألمانيا) ستستقوي على روسيا قليلاً بالدعم الأميركي»، لافتاً إلى أن «موسكو تحتاج إلى هذة القمة لتسويق انتصارتها في سورية دولياً، وكي تقول إنها تسعى إلى عملية سياسية ولا تسعى لان تكون لها مكاسب خاصة في سورية». وأضاف: «لا أتوقع أي اختراق من زيارة دي ميستورا إلى دمشق، لكن ربما تأتي الزيارة ضمن تدابير روسية لإظهار تعاون دمشق مع تشكيل لجنة الدستور».

إلى ذلك، كرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التأكيد أن اتفاق إدلب «موقت»، وقال: «لن تنتهي هذه القصة إلا عندما يستعيد الشعب السوري السلطة ويخرج جميع الغرباء». لكنه أشار إلى أن «إدلب ليست المنطقة المتأزمة الأخيرة في سورية، فهناك مساحات شاسعة شرق الفرات تجري فيها أشياء غير مقبولة إطلاقاً». واتهم واشنطن بنقل عناصر من تنظيم «داعش» من سورية إلى العراق وأفغانستان، ورأى أن «الولايات المتحدة، بواسطة حلفائها السوريين، تستخدم هذه الأراضي لتأسيس دويلة غير شرعية». وقال: «يؤسسون هناك هيئات السلطة البديلة، وعلى ما يبدو، يبادرون بلعبة جديدة خطيرة مع فكرة كردستان الكبرى».

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.