الكرملين: اتفاقات إدلب مع تركيا لم تنفذ بالكامل

تزامناً مع أول هجوم بالطائرات المسيرة على قاعدة حميميم الروسية منذ نحو شهرين، أشار الكرملين أمس إلى أن الاتفاقات الروسية- التركية في شأن إدلب لم تنفذ بالكامل ما يثير قلق موسكو ودمشق. وحذرت مصادر في المعارضة السورية من أن الحشود العسكرية للنظام السوري وإيران وروسيا قرب حدود إدلب تنذر بعملية عسكرية واسعة وشيكة. فيما استبعد مصدر قيادي مطلع في «الجيش السوري الحر» أي عملية واسعة مرجحاً «قرب تنفيذ ترتيبات تركية – روسية مشتركة تتضمن مقايضات حول المنطقة الآمنة قرب الحدود ووضع المناطق المحررة في إدلب».

وإذ حدد الكرملين شروطاً لأي عملية تركية داخل الأراضي السورية مشدداً على أن تراعي وحدة وسلامة الأراضي السورية، رفض «مجلس سورية الديموقراطية» (مسد) العودة إلى اتفاقية أضنة «غير القانونية» من وجهة القانون الدولي والدستور السوري، وأشار إلى أن عودة الحديث عنها جاء بعد فشل تركيا في الحصول على موافقة موسكو وواشنطن على «احتلال جديد لمناطق شرق الفرات».

وقال مصدر عسكري سوري إن «أصوات الانفجارات التي تسمع في أرجاء مدينة اللاذقية ناجمة عن التصدي لطائرات مسيرة اقتربت من قاعدة حميميم».

وأكد المصدر لوكالة «نوفوستي» الروسية أن «عدد الطائرات التي تم التصدي لها 3 طائرات حتى الآن»، وزاد أن «منظومة الدفاع الجوية الخاصة بقاعدة حميميم قامت بالتصدي لأهداف معادية بالقرب من القاعدة في سماء مدينة اللاذقية ومدينة جبلة».

ونقل «المرصد السوري لحقوق الانسان» عن «مصادر متقاطعة» أنه «سمع دوي انفجارات في منطقة جبلة واقعة في ريف محافظة اللاذقية ناجمة عن استهداف الدفاعات الجوية لأجسام مجهولة في أجواء مطار حميميم العسكري الذي يعد أكبر قاعدة عسكرية روسية في سورية».

وزاد أن المصادر ترجح أن الهجوم تم بطائرات مسيرة حاولت استهداف المطار، لكنه لم يشر إلى خسائر مادية أو بشرية محددة جراء الهجوم.

وكانت الخارجية الروسية حذرت الاسبوع الماضي من الهجوم على قواعدها غرب سورية، وكانت قاعدة حميميم تعرضت لهجمات عدة بطائرات مسيرة، اتهمت موسكو دولاً غربية بتزويد المعارضة بتقنياتها.

وكان آخر هجوم موثق على القاعدة تم في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن اتفاقاتنا مع أنقرة بخصوص إدلب لم تنفذ بالكامل من قبل الأخيرة، مشيراً إلى أن الوضع هناك لا يزال يثير قلق موسكو ودمشق، وزاد في تصريحات للقناة الروسية الأولى أن أنقرة أكدت أن اهتمامها مركز على الوضع في إدلب.

وفي اتصال مع «الحياة» قلل مصدر قيادي مطلع في فصائل «الجيش الحر» المقربة من تركيا من امكانية «شن عملية عسكرية واسعة على المناطق المحررة في إدلب وأرياف حماة واللاذقية وحلب»، مؤكداً أن «النظام غير قادر على فعل أي شيء من دون قرار روسيا التي أعلنت بعد قمة بوتين- أردوغان الأخيرة أن هناك خططاً توافقت عليها وزارتا دفاع البلدين وستنفذ».

ورجح أن «التفاهمات والخطط الروسية – التركية تتضمن ترتيبات جديدة منها على سبيل المثال إدارة مشتركة لبعض المناطق الاستراتيجية في ريف حماة الشمالي والريف الشمالي الشرقي في اللاذقية والقريبة من القواعد الروسي وخزان النظام الشعبي».

وأشار إلى أن «الوجه الآخر للخلافات بين الفرقة الرابعة والفيلق الخامس المدعوم من روسيا يكشف أن الترتيبات الجديدة تستبعد النظام وحزب الله من أي عمل مشترك للضامنين الروسي والتركي».

وأكد المصدر ذاته أن «العمل العسكري يعد كارثة حقيقية لكثير من الأطراف المؤثرة في الأزمة السورية مثل أوروبا وغيرها». وأوضح أن «الحل سيكون تدريجياً ويتضمن مقايضات مع تركيا لتبادل المصالح في عدة مناطق»، وزاد أن «روسيا تسعى إلى دور في المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا إلى انشائها شرق الفرات».

وخلص المصدر إلى أن «اقصى ما يمكن أن توافق عليه تركيا حالياً هو ضربات مشتركة محددة وعمليات أمنية محدودة ضد العناصر المتشددة في هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، وادارة مشتركة أو محاصصة بين أنقرة وموسكو في ريفي اللاذقية الشمالي الشرقي وريف حماة الشمالي».

وعن ملف شرق الفرات، شدد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن «أي عمليات عسكرية تركية داخل الأراضي السورية يجب أن تراعي بدقة وبصرامة سلامة ووحدة التراب الوطني في هذا البلد»، وحدد شروط موسكو من اجل عدم ممانعتها أي عمليات تركية عبر الحدود، مشترطاً «أن لا تؤدي هذه العمليات بأي شكل من الأشكال إلى تشكيل أي كيانات إقليمية شبه منفصلة في المناطق الحدودية، وأن لا تهدد بالتالي السلامة الإقليمية والسياسية لسورية».

وفي اتصال مع «الحياة» قال القائد العام لحركة «تحرير الوطن» العقيد فاتح حسون إن «تصريحات الكرملين تشير إلى عدم رضا روسيا عن تفاهم يبدو أنه أنجز بين أنقرة وواشنطن»، مرجحاً أن «روسيا عندما شجعت على إعادة طرح اتفاق أضنة من جديد كانت ترغب في ابعاد تركيا عن تفاهمات مع واشنطن التي يبدو واضحاً انها قدمت عرضاً افضل لتركيا فبدأت التلميح إلى منطقة ادلب كوسيلة ضغط لابعاد تركيا عن الولايات المتحدة».

وقال عضو المجلس الرئاسي في «مجلس سورية الديمقراطية» (مسد) سيهانوك ديبو إن «العودة التركية لما يعرف باتفاقية أضنة 1998 جاء بعد فشل كل محاولة قامت بها من أجل تحصيل موافقة روسية وأميركية في احتلال جديد منها لمناطق سوريّة شرق الفرات، ولشرعنة احتلالاتها السابقة». وفي اتصال مع «الحياة» أكد القيادي الكردي أن «ما تسمى اتفاقية أضنه باطلة قانونياً ولا يمكن الأخذ بها والتعويل عليها ومناقشتها اليوم لأنها في الأساس لم توقع أو تعتبر ورقة غير قانونية بسبب عدم استيفائها الشروط المعيارية القانونية المتضمنة بدورها في مواثيق الأمم المتحدة ذات الصلة وفي ميثاق جنيف للعلاقات الديبلوماسية»، موضحاً أن «الاتفاقات السيادية منها الأمنية توقع عليها الجهة المخولة على عكس الموقع عليه وقتها من الجانب السوري الذي لا تخوله صلاحياته بالتوقيع على أي اتفاقية بمثل هذا المستوى.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.