الأكراد يحضون دمشق على الحوار ويطالبون العرب بالنظر إليهم كـ “خط مواجهة” في وجه تركيا

وسط تجاهل النظام السوري إعلان “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) انتهاء “خلافة داعش”، لم تصدر أي تعليقات من حليفي النظام روسيا وإيران، تواصل الترحيب الاقليمي والدولي. فيما جددت تركيا رفضها وجود “إرهابيين” على حدودها في إشارة إلى وحدات حماية الشعب المكون الرئيس في “قسد” ذات الغالبية الكردية والمدعومة من التحالف الدولي. وحضّ الأكراد النظام على أن يفتح حواراً من أجل “القطع على تحديات تهدد السيادة السورية من قبل أغلب المتدخلين في سورية وفي شكل خاص من قبل نظام الاحتلال التركي”، وقال مسؤول كردي بارز إن “على دمشق ومختلف العواصم العربية أن تنظر إلى الإدارة الذاتية كصمام أمان وخط مواجهة مُفشِّل للطموحات العدوانية التركية”. وحضت الإدارة الذاتية في شمال سورية وشرقها المجمع الدولي مجدداً على التعاون وإستعادة الآلاف من مسلحي “داعش” وعائلاتهم وحذرت من أن “الأطفال الذين تربوا على ذهنية داعش هم مشاريع إرهابيين” في حال لم يتم العمل على “إعادة تأهيلهم”.

ورحب الأردن اليوم الأحد بـ “النصر الكبير” الذي تحقق عبر القضاء على آخر جيوب “داعش”، مؤكداً في الوقت نفسه أن خسارة التنظيم سيطرته في سورية والعراق لا تعني انتهاء الإهاب.

وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في بيان إن “هذا النصر المهم وخسارة داعش سيطرته المكانية في سورية والعراق الشقيقين لا يعنيان انتهاء التحدي الإرهابي الذي ما زال يشكل خطراً أمنياً وأيديولوجياً جماعياً، لا بد من استمرار التعاون والتنسيق لهزيمته ولمحاصرة قدرته على بث ظلاميته ولتجفيف مصادر تمويله”. وأكد الصفدي “أهمية النصر الكبير الذي حققه التحالف الدولي ضد العصابات الداعشية واسترداد آخر معاقلها في سورية الشقيقة”، وخلص إلى أن “هذا النصر على عصابات داعش جاء إنجازاً مهماً للتحالف الدولي وتكاتف الجهود لتحقيقه والتضحيات الكبيرة التي قدمت”.

وفي اتصال مع “الحياة” قال عضو المجلس الرئاسي في “مجلس سورية الديمقراطية” (مسد) سيهانوك ديبو إن “تحديات جمّة تظهر اليوم أمام قسد ومسد. داعش لا يزال موجوداً على رغم انهاء قسد مدعوماً بالتحالف الدولي لِدولة التمكين) التي أعلنها التنظيم الإرهابي داعش في العام 2014”. وحذر من أن “داعش يطرح الآن فكرة سوداء تزيد خطورة عن سابقاتها بمسمى الولايات الأمنية مستعيضاً بها عن مسمى ولايات الخلافة”. موضحاً أن “التنظيم الإرهابي بات يعول على الذئاب المنفردة والخلايا التي تتحين لتنشط مرة أخرى في شرق الفرات”.

وكشف ديبو أن “أعداد أسرى داعش وعوائلهم تفوق 50 ألفاً من 48 جنسية عربية وأجنبية”، معتبراً أن هذا العدد الهائل “معضلة كبيرة لا تستطيع الإدارة الذاتية في شمال سورية أن تتحمل مسؤوليتهم وحدها”، لافتاً إلى أن “الخطوة الأسلم هنا تأسيس محكمة دولية في شمال سورية وشرقها بتفاصيل متفق عليها مع الإدارة الذاتية”.

واشار ديبو إلى أن “داعش موجود بقوة في عفرين وفي إدلب ويلقى التدريبات في مناطق ما يسمى بدرع الفرات، وموجود في كهوف بادية الشام، وفي ريف البوكمال وريف السويداء، وبقوة في منطقة وادي الموت على تخوم درعا”.

وحض ديبو دمشق على “فتح الباب المغلق الذي تعتمده دمشق حيال عملية حوار بنّاء وتفاوض جوهري مع مسد”، وزاد “الأسلم لكلينا أن يبدأ الحوار للقطع على تحديات تهدد السيادة السورية من قبل أغلب المتدخلين في سورية وفي شكل خاص من قبل نظام الاحتلال التركي”، وأكد المسؤول الكردي أنه “يجب على دمشق ومختلف العواصم العربية أن تنظر إلى الإدارة الذاتية كصمام أمان وخط مواجهة مُفشِّل للطموحات العدوانية التركية”. وخلص إلى أن “الاعتراف بالإدارة الذاتية إنما يكون بالخطوة الحقيقية لاستعادة سورية وإفشال أي محاولة تقسيم وسلخ وفصل مناطق منها”.

وغداة إعلان انتهاء “خلافة” تنظيم “داعش”، قال رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية في سورية عبدالكريم عمر: “لدينا الآلاف من المقاتلين إضافة إلى أطفال ونساء من 54 دولة ما عدا السوريين والعراقيين”. مشدداً على أنه “يجب أن يكون هناك تنسيق بيننا وبين المجتمع الدولي لمواجهة هذا الخطر”. وحذر عمر من وجود “الآلاف من الأطفال الذين تربّوا على ذهنية داعش. إذا لم تتمّ إعادة تأهيلهم وبالتالي دمجهم في مجتمعاتهم الأصلية فهم جميعهم مشاريع إرهابيين”، لافتاً إلى أن “أي تهديد أو أي حرب جديدة ستكون فرصة لهؤلاء المجرمين (مقاتلي التنظيم) للهروب من المعتقلات”. ومعلوم أن نحو 66 ألف شخص خرجوا من جيب التنظيم شرق الفرات منذ مطلع العام، بينهم خمسة آلاف مقاتل من “داعش” على الأقل أرسلوا إلى مراكز اعتقال. وبين الخارجين عدد كبير من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم، ضمنهم عدد كبير من الأجانب، الذين تم نقلهم إلى مخيمات أهمها مخيم الهول جنوبي الحسكة.

وسيطرت “قسد” أمس السبت على آخر جيب للتنظيم داخل بلدة الباغوز في شرق سوريا، بعد ستة أشهر من هجوم واسع بدأته في ريف دير الزور الشرقي بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية. ودارت معارك عنيفة بين الطرفين منذ التاسع من شباط( فبراير)، تخللها قصف مدفعي وغارات للتحالف.

وعلى رغم انتهاء سيطرة “داعش” على الباغوز، فإنه لا يزال يشكل خطراً كبيراً في شرقي الفرات، كما يوجد نحو عشرة آلاف مقاتل حسب تقديرات مختلفة في مناطق متفرقة من سورية ويقومون بتنفيذ هجمات متقطعة في البادية الشامية غرب الفرات وصولا إلى تدمر والسخنة وكذلك بادية الصفا شرقي السويداء.

وفيما لم يصدر أي بيان عن النظام والروس والإيرانيين، شدّدت وزارة الدفاع التركية على أن الجيش التركي هو الجيش الوحيد الذي خاض قتالاً مباشراً ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.

وفي بيان نشرته السبت عبر موقعها الإلكتروني، أشارت الوزارة إلى إطلاق الجيش التركي عملية “درع الفرات” في 2016 بهدف تحقيق أمن الحدود، ومنع خطر وهجمات تنظيم “داعش” الإرهابية، والمساهمة في عودة السوريين المهجّرين إلى منازلهم. وقالت الوزارة إن العملية أسفرت عن تحييد أكثر من 3 آلاف عنصر من التنظيم الراديكالي، وتدمير 21 ألف هدف تابع له. وقال وزير الدفاع التركي خلوص أكار إن “وجود الإرهابيين في شرق الفرات يهدد بلادنا وأمننا وحدودنا ويعرضوها للخطر ولا بد أن ينتهي وجودهم في المنطقة “.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.