إيران ( النازية الممسوخة )

د.كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

تتصف النازية بثلاث صفات : الأولى هي ادّعاء التفوق ( العنصري أو الديني ) وكلاهما موجود في النظام الإيراني، الثانية هي العداء للآخر، فالآخر شيطان يتربص ( تتحدث إيران عن الغرب كمعسكر صيهو-صليبي وشيطان أكبر يدور في فلكه جميع من لا يوالونها )، الثالثة هي ممارسة العدوانية وتبرير استخدام كل وسائل العنف ضد الآخر كضرورة لمواجهة هذا الشيطان، وهكذا فالنظام الإسلامي في إيران هو نظام نازي البنية والسلوك. جاء في زمن انقرضت فيه معظم الدول التي تحمل آيديولوجيا تتبنى نظرية التدخل العسكري لتحقيق السيطرة على الآخرين، وصارت معظم الدول المتقدمة لا تستخدم قوتها العسكرية والبلطجة، بل تستعمل أسلحة ناعمة بدلاً عن الحروب (كالسلع والتكنولوجيا والرساميل والخبرات )، من الطبيعي أن تتنافس الدول وتتنازع، لكنها بمعظمها اليوم فقدت شهيتها للحرب والتدخل العسكري، لأن الحرب حتى لو ربحتها عسكريا فهي خاسرة اقتصاديا ( تجربة الدول الغربية في أفغانستان والعراق )، فقط دولة إيران ما تزال تفقر شعبها وتقمعه لتفعيل مشروع توسع عسكري مجنون، يرفع أساطيره كشعارات، في حين أن النظام الإيراني هو نظام فساد واستبداد معاد لشعبه أولاً.

إذا حصلت حرب في الشرق الأوسط فستكون إيران هي من دفعت إليها وأجبرت الدول عليها ، إذا حدث إرهاب في العالم فستكون إيران تقف وراءه بشكل أو آخر حتى لو كان سنيا ً، إذا تزعزع الاستقرار في دولة شرق أوسطية فيجب التفتيش عن أصابع إيران ، إذا تهدّد السلم والأمن في عموم الشرق الأوسط الكبير فحتما هناك استطالة إيرانية افتعلت ذلك …

كل الدول تسعى لاستيعاب إيران بالوسائل الناعمة ، وعندما تفشل في ردع تصرفاتها العدوانية أيضا تحاربها بوسائل اقتصادية ( مقاطعة، حصار، عقوبات ) ، لكن إيران دوماً وأبداً تصرّ على زعزعة الاستقرار وافتعال الحروب، وعندما تشعر بخطورة الحصار الاقتصادي المطبق عليها ، وعندما تتلمّس بدايات تمرد شعبها عليها، هي من ستباشر الحرب كوسيلة هروب نحو الأمام، أو ترفع سوية الاستفزاز لكي تدفع الآخر لها، وهي تعلم أن نتيجة الحرب ستكون شاملة وقاصمة، لكنها تراهن دوما على قصر نظر الغرب وأعدائها واكتفائهم بضربات تأديبية من دوت استراتيجية واضحة لتغيير النظام في إيران. وهكذا تستطيع الاستمرار في سياستها لتحقيق غايته، ولطالما استخدمت الحروب الخارجية والتهديد بها وسيلة لقمع شعبها، والهروب من أزماتها الداخلية .

إيران نسخة ممسوخة عن النازية، لأنها لا تستخدم جيوشها المنظمة، بل ميليشياتها، ومنظمات وكيلة عنها، إيران لا تطرح نموذجها ليتعمّم وتتّحد مع الآخر وتشاركه، بل تطرح مشروعاً للمقاومة تخدع به الشعوب الأخرى ، فالذي يوحّدها مع الآخر هو العدو المشترك، وليس عناصر التشابه في الهوية، تستفز العدو المفترض من أجل أن تتدخّل من خلال مقاومته في الشؤون الداخلية للشعوب، ثم تحكم قبضتها عليها بعد أن تحطّم دولها وتحولها لتجمع عصابات، وبدلا ًمن أن تقاوم هذه الشعوب عدوّها المفترض ، والمنفوش بواسطة آيديولوجيا المؤامرة الكونية، تجد نفسها قد وقعت فريسة الفوضى وصارت في قبضة صديقها الذي دخل ليساعدها ، فأمسك بعنقها ليمتص دمها … ( العراق ، لبنان ، سوريا …. والحبل على الجرار )

المصيبة أن تيارات سياسية كبيرة قد وقعت فريسة الخداع الإيراني وصارت شريكته في زعزعة الاستقرار وفي نشر الفوضى والإرهاب، وفي إعادة بناء الاستبداد وإدامة الجهل، وعلى رأسها التيارات القومانية كحزب البعث السوري وفصائل من الثورة الفلسطينية، والتيارات الإسلامية وعلى رأسها تنظيم الإخوان المسلمين، في مصر وسوريا والأردن وفلسطين وبقية دول العالم…
إيران لا تحمل مشروعا لشعبها أو لشعوب المنطقة ، وليس لديها مصالح اقتصادية واضحة، مصلحتها هي زعزعة الاستقرار وتخريب الدول وبناء حالة فوضى، وخلق عصابات ومليشيات، لتتحكم من خلال هذه الفوضى بالمنطقة بكاملها … التي تصبح خراباً، فلا المجتمع الإيراني يستفيد ولا الشعوب التابعة، بل الجميع يعاني لكي ينتفع مجموعة مهووسين بالسلطة، مجانين بالخرافات حاقدين عنصرياً وتاريخياً على الجميع.
ترغب أمريكا بالخروج من المنطقة التي صارت تشبه الرمال المتحركة كما قال الرئيس ترامب، بعد أن جعلتها إيران كذلك، وتدفن أوروبا العجوز رأسها في الرمال لكي لا ترى الحقائق الصعبة وتحاول أن تبعد تلك الحقائق عن وعيها بواسطة فتات من الصفقات التجارية، بينما تجد روسيا في إيران الحليف النافع جداً لإعادة بناء أحلامها المفقودة، بينما تستغل الصين روسيا وإيران لكي تجبر المنافس الغربي على الانسحاب والتراجع السياسي والاستراتيجي بالتزامن مع تراجعه الاقتصادي لكي تصبح هي سيدة العالم تتحكم به كما تشاء، وعلى ذات النفس النازي لكن بقاعدة جغرافية واسعة و على نار هادئة واستطالات اقتصادية تمتد عبر العالم .

إن الصراع مع إيران في الشرق الأوسط يختزل صراع العالم كله، وهو المؤشر لميزان القوة، والمعبر عن شكل المستقبل الذي ينتظر البشرية … في الصراع بين الفكر الشمولي النازي، وبين الفكر الليبرالي الديموقراطي.

إن العالم كله معنيّ في هذا الصراع، الذي بكلّ أسف لا يدرك أهميته وخطورة نتائجه إلا شعوب ودول المنطقة العربية أولا ًثم إسرائيل ثانيا والذين يحاولون القفز فوق صراعهم المزمن، ليواجهوا معها الخطر الأكبر عليهم وجودياً، مع إعاقة عنيفة من مخموري محور الممانعة الذين وقعوا في حبال الدعاية الإيرانية، وجعلوا من إيران صديقةً لهم لمواجهة إسرائيل، في حين إيران تهاجم وتقضم المدن والدول العربية تباعاً … بينما يبقى الصراع العربي الإسرائيلي من دون حل منتظر قريب، وتبقى القضية الفلسطينية تراوح وتتراجع، ومعاناة الشعب مستمرة من دون نهاية، محور المقاومة يكتفون بعملية هنا وتفجير هناك ضد المدنيين، لذرّ الرماد في العيون، لأن معركتهم الحقيقية هي السيطرة والتسلط واستعباد البشر وقيادتهم كالخراف الجائعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.