زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ: الانسحاب من سوريا خطأ إستراتيجي خطير

انتقد زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من شمال- شرق سوريا.
وفي مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” قال السناتور عن ولاية كينتاكي إن الانسحاب من سوريا يعد “خطأ إستراتيجيا خطيرا” و”سيعرض الشعب الأمريكي والتراب الوطني للخطر ويجرئ الأعداء ويضعف الحلفاء المهمين”. وذكر ماكونيل بأن ترامب يكرر خطأ باراك أوباما الذي قامت إدارته “بخروج متهور من العراق سهّل صعود تنظيم الدولة الإسلامية في المقام الأول”.
ويقول إن تجربته بالعمل مع ثلاثة رؤساء منذ هجمات 11 سبتمبر لمكافحة ما أسماه “الإرهاب الإسلامي” غرست في ذهنه ثلاثة مبادئ حول محاربة هذا التهديد المعقد.
الأول: التهديد حقيقي ولن يختفي، فهؤلاء الإرهابيون يهددون مصالح أمريكا وحياة مواطنيها. ولو سمح لهم بإعادة التنظيم نفسه وإنشاء ملجأ آمن فسيجلبون الإرهاب لشواطئنا.
الثاني: لا بديل عن القيادة الأمريكية، فلا أمة تستطيع أن تماثل في قوتنا وأن تقود حملات دولية لهزيمة الإرهابيين وتحقيق الاستقرار في المنطقة. وتشهد ليبيا وسوريا على النتائج الدموية لسياسة إدارة أوباما “القيادة من الخلف”.
وأضاف أن هذه الحقيقة هي أبعد من قضية مكافحة الإرهاب، فلو كانت أمريكا تهتم بنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي حافظ على مرحلة غير مسبوقة من السلام والازدهار والتطور التكنولوجي “علينا الاعتراف أننا أمة لا يستغنى عنها، فقد بنينا نظاما وحافظنا عليه ونحن من انتفع منه أكثر”. وأكد أن أمريكا جعلت العالم أفضل عندما قررت نزع ثياب العزلة في أربعينيات القرن الماضي بل وجعلت العالم في حالة أفضل لها، و”لو تخلينا عن الراية اليوم فسنكون متأكدين من أن النظام العالمي الجديد لن يكون بناء على شروط محببة لنا”.
الثالث: أننا لا نقاتل لوحدنا، ففي السنوات الماضية، تم قيادة الحملات ضد طالبان وتنظيم الدولة في العراق وسوريا من خلال جماعات محلية. ولم تقدم الولايات المتحدة سوى قدرات متخصصة ساعدت الحلفاء المحليين على النجاح. وللمفارقة كانت سوريا هي المدخل الناجح.

وقال إنه حاول دفع مجلس الشيوخ بعدما بدا أن الرئيس، في كانون الثاني/ يناير، يريد الخروج من أفغانستان وسوريا، لتأكيد هذه المبادئ والنظر في إستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وحصل المشروع الذي تقدم به على غالبية بنسبة 70 سناتورا لتأكيد هذه المبادئ. وأكد المشروع على معارضة مجلس الشيوخ الخروج المتعجل من أفغانستان وسوريا، وعلى أهمية القيادة الأمريكية في مكافحة الإرهاب مع الدول الإقليمية والجماعات المحلية.

ويرى أن خطوة الإدارة الأخيرة لا تعكس بالضرورة هذه المبادئ. ويرى أن خروج القوات الأمريكية والأعمال العدائية التركية- الكردية تخلق “كابوسا” لأمريكا. ويعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار حتى لو استمر فإنه أرجع عملية مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية للوراء.

وحذر أن نظام الأسد وداعميه الإيرانيين سيوسعون نفوذهم طالما لم تتوقف العملية التركية. كما أن قرار الخروج يتجاهل محاولات روسيا الاستفادة منه في سوريا وتقوية مكانتها في الشرق الأوسط. ويقول إن أعداء أمريكا يشعرون بالذعر لتراجعها، مشيرا لشريط الفيديو الذي صوره صحافي روسي في قاعدة أمريكية مهجورة شمال سوريا. ويدعو لأن تكون السياسة الأمريكية قائمة على المصالح القومية لا العواطف.

وتساءل السناتور إن كانت أمريكا تفضل انتشار روسيا وإيران ونظام الأسد بالمنطقة وليس تركيا، الحليف في الناتو. ووصف العملية التركية بأنها غير صحيحة. ودعا لاستخدام العصا والجزرة مع تركيا والحد من عملياتها ومحاولة إعادة القوات الأمريكية وإبعادها عن روسيا لتسهيل عودتها إلى حضن الناتو من جديد.

ويعتقد ماكونيل أن أهمية حفاظ أمريكا على قوة عسكرية في سوريا والبقاء على الوجود في العراق ومناطق أخرى من المنطقة، هي مواصلة الضغط على تنظيم الدولة ومنع تقدم إيران ومنح الحلفاء المحليين ورقة قوة للتفاوض مع الروس والنظام السوري. ويجب على واشنطن العمل عن قرب مع الحلفاء الذين تضرروا من الفوضى مثل إسرائيل والأردن ومواصلة الضغط على بشار الأسد وتمرير قانون قيصر لحماية المدنيين لمحاسبة النظام على جرائمه.

ومهما حدث في سوريا يجب أن يكون درسا لأمريكا في أفغانستان بحيث لا تخرج قبل إكمال المهمة والالتزام بمواجهة القاعدة هناك.

ويرى ماكونيل أن العزلة الجديدة تظهر في اليمين واليسار وترفع شعار الحروب التي لا تنتهي والتي لا يفهم من يرفعها أن الحروب لا تنتهي فقط بل تتحقق فيها الهزيمة والنصر، وحروب أمريكا ستظل بدون نهاية لو فقدت أمريكا القدرة على الانتصار فيها.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.