انطلاق أعمال «الدستورية السورية» في جنيف وسط آمال وتوقعات ضئيلة بنجاحها

انطلقت أمس أول أعمال اللجنة الدستورية السورية، بجلسة بروتوكولية كخطوة أولية، في مبنى الأمم المتحدة في جنيف، بعد وصول 150 شخصية سورية من المعارضة والنظام ومنظمات المجتمع المدني، حيث افتتح المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون الجلسة، بمشاركة الوفود الثلاثة ضمن قاعة واحدة، ووصفها بـ«اللحظة التاريخية».

ووصل وفد المعارضة السورية برئاسة الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة، كما وصل وفدا النظام السوري برئاسة أحمد الكزبري، والمجتمع المدني الذي لم يحدد رئيس له، وذلك لكتابة مسودة دستور سوري جديد للبلاد، على أن تتواصل المباحثات خلال الأيام المقبلة. ووصلت معلومات خاصة لـ«القدس العربي» بأن موسكو لن تسمح للنظام بإفشال أعمال اللجنة.

جيش النظام يتجاهل 18 عنصرا منه أسرتهم تركيا… والقوات الكردية ترفض الانضمام إليه

المتحدث الرسمي باسم اللجنة الدستورية، يحيى العريضي، قال لـ«القدس العربي» إن حديث الجانب الروسي عن إنجاح أعمال اللجنة ودعم مخرجاتها، وإلزام النظام السوري بقواعد العمل، بأي وسيلة، جاء اليوم بعد رحلات موفد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألكسندر لافرنتييف إلى سوريا، وإقناع النظام السوري بإزاحة العراقيل من أمام أعمال اللجنة، وذلك قبيل زيارة غير بيدرسون الى دمشق».
وألقى رئيس وفد المعارضة هادي البحرة، كلمته أمام كتل اللجنة الدستورية، كاشفاً عن تباين الآراء بين الـ150 عضواً المجتمعينَ في القاعةِ، حول العديدِ من القضايا، معلناً «فصلاً جديداً من تاريخِ سوريا».
وقال في الجلسة الأولى «يجب علينا أن نعضَّ على جروحِنا، ونبدأَ بالاستماعِ لبعضِنا البعضِ، لفهمِ مخاوفِنا وتظلماتِنا، وتحديدِ المشتركات فيما بيننا لتعزيزِها، وتحديد نقاط الخلافِ فيما بيننا، لإيجاد طرقٍ لحلِّها، فلا يمكنُ علاجُ خطابِ الكراهيةِ وجرائمِها بكراهيةٍ مقابلةٍ، ولا يمكنُ للجريمةِ أن تبررَ جريمةً أكبرَ، ولا يُوقف الخطابَ الطائفي المقيتَ خطابٌ طائفي معاكس».
من جانبه اعتبر المبعوث الأممي الى سوريا غير بيدرسون أن بدء عمل اللجنة «لحظة تاريخية»، وهي أهم قضايا المجتمع السوري بشكل فعلي. وتابع: «لن أملي على اللجنة ما هو صحيح والدستور الجديد ملك للسوريين وحدهم ودور الأمم المتحدة يقتصر على تيسير عمل لجنة مناقشة الدستور»، لافتا الى أن اللجنة يمكن أن تناقش دستور عام 2012 أو ضع مسودة تعديل دستوري وتقديمها للاستفتاء الشعبي.
وفي الطرف الآخر قال أحمد الكزبري رئيس وفد النظام السوري «دستورنا عصري ولكن لا يمنع الاجتماع لتغييره ووضع دستور آخر يحسن واقع الشعب السوري، وهو وحده الذي سيقبل بالتعديلات أو يرفضها»، مضيفاً «الشعب السوري هو الوحيد الذي سيحدد مستقبله».
وبينما تحاول موسكو تركيب أي حل سياسي حسبما يتيسر لها، يرى معارضون سوريون أن اللجنة الدستورية تلعب دوراً مهماً في أولى خطوات سحب شرعية النظام، داعين الى المساهمة البناءة في عملية تسوية سياسية شاملة وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، بالرغم من إدراك الجميع أن إقرار أسباب اللجنة الدستورية لا يعني نهاية المطاف، بل هو بوابة لخلافات قد تكون أوسع وأعتى، لا سيما مع وجود تباين جوهري في تحديد آلية إدارة عمل اللجنة الدستورية، بين كتل اللجنة، وكيف ستجرى ومن سيشرف على الانتخابات، في ظل ضعف مسارات الثقة بين الأطراف.
ومن المقرر أن تتواصل أعمال اللجنة واجتماعاتها الموسعة، بمشاركة كل الوفود، إلى يوم الجمعة، على أن تبدأ اجتماعات اللجنة المصغرة من 45 عضواً، 15 عن الحكومة السورية، و15 عن المعارضة و15 عن المجتمع المدني، من يوم الإثنين لتستمر حتى الجمعة من الأسبوع المقبل.
ميدانياً قالت وزارة الدفاع السورية في بيان نقلته وكالة سانا إن «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة وبعد بسط سيطرتها على مناطق واسعة من الجزيرة السورية، تدعو عناصر المجموعات المسماة» قسد» (قوات سوريا الديمقراطية) إلى الانخراط في وحدات الجيش للتصدي للعدوان التركي الذي يهدد الأراضي السورية».
ورفضت «قسد» أمس الأربعاء دعوة النظام لانضمام عناصرها للقوات الحكومية السورية، وقالت قوات سورية الديمقراطية «نرفض قطعا لغة الخطاب هذه الموجهة للأفراد، بينما كان الأولى بوزارة الدفاع السورية أن توجه خطابها للقيادة العامة لقوات سورية الديمقراطية، بغية فتح باب حوار ينم عن رغبة صادقة لتوحيد الجهود، وليس الالتفاف على الواقع للتنصل من مسؤولياتها».
يأتي ذلك وسط تجاهل النظام السوري لـ 18 عنصرًا من قواته أسرهم الجيش التركي خلال العمليات العسكرية في مناطق شمال شرقي سوريا، بالقرب من الحدود التركية.
من جهة أخرى قالت وسائل إعلام سورية تابعة للنظام إن اشتباكات عنيفة دارت أمس الأربعاء بين الجيش السوري وقوات تركية في ريف مدينة رأس العين الحدودية، حيث يستهدف هجوم عسكري تركي إقامة «منطقة آمنة» فيها، بالتزامن مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، عزم بلاده توسيع مساحة «المنطقة الآمنة» في سوريا، إذا استدعى الأمر ذلك. جاء ذلك في خطاب ألقاه الأربعاء أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في العاصمة أنقرة.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.