روسيا تدعم الأسد بمقاتلات «ميغ- 29» وتركيا تنشر منظومات دفاع جوي أمريكية في إدلب

تتقلص فرص استمرارية التهدئة في الشمال السوري رويداً رويداً، فيما تتصاعد المؤشرات على عودة المعارك الواسعة بين المعارضة السورية والنظام، مع قيام الأخير بدفع تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة تمهيداً للحرب، وسط معلومات نقلتها مصادر مطلعة لـ»القدس العربي»، بعزم موسكو على استخدام إدلب كساحة للانتقام من الهزائم التي تكبدتها وحليفها اللواء المتقاعد «خليفة حفتر» في ليبيا على يد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً والمدعومة من قبل الجيش التركي.
فعلى صعيد الخروقات للاتفاق الروسي – التركي، تواصل قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية انتهاك الاتفاق الموقع مطلع مارس/ آذار الماضي في موسكو بين بوتين وأرودغان بينما أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى تجدد الاشتباكات العنيفة، بين المعارضة السورية وقوات النظام والمسلحين الموالين لها، في محاولة تقدم جديدة للأخير في جبل الزاوية في ريف إدلب.

حرب تلوح في أفق الشمال السوري والطرفان يحشدان

وترافقت المواجهات وفق المرصد السوري، مع قصف مكثف وعنيف، ما أدى إلى سقوط مزيد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين. يذكر أن قوات النظام بدأت خلال الأيام القليلة الفائتة عملية تصعيد هجماتها وخاصة في جبل الزاوية، وسط مخاوف الأهالي من عودة العمليات العسكرية إلى منطقة «خفض التصعيد».

صندوق للرسائل النارية

في حين قال القيادي في الجيش الوطني السوري مصطفى سيجري المقرب من تركيا في تصريحات لـ «القدس العربي»: وفق المعلومات الواردة من مناطق سيطرة النظام السوري العسكرية، فإن الأخير استقدم تعزيزات عسكرية ضخمة تمهيداً لعمل عسكري في الشمال السوري، بهدف الوصول إلى معبر باب الهوى الاستراتيجي على الحدود السورية- التركية.
وأضاف: العملية هدفها فصل مناطق غصن الزيتون في ريف حلب عن محافظة إدلب، وفي معلومات من مصادر أخرى، فإن الجيش الروسي سيدعم النظام السوري في المعركة المتوقعة، بسبب الأحداث التي شهدتها ليبيا مؤخراً، والضربات الموجعة التي تقلتها ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من الإمارات وروسيا.
القيادي سيجري، أشار إلى أن موسكو، تستخدم إدلب كصندوق للرسائل النارية ضد أنقرة، وأن المؤشرات برمتها تدل على تلويح بعمل عسكري مرتقب خلال الفترة القادمة. وفي المقابل، فإن فصائل المعارضة السورية بدأت، وفق المصدر، الاستعداد مع الجانب التركي تمهيداً لهذه المعركة، وفي حال بدأت العملية العسكرية للنظام، سنكون أمام احتمالين اثنين، الأول: إما ينجح النظام في الوصول إلى باب الهوى «وهو ما استبعده القيادي».
أما الاحتمال الثاني، فهو فرصة من قبل المعارضة السورية والجيش التركي لاسترداد كل المناطق والمواقع التي خسروها في المواجهات السابقة، وإمكانية لطرد النظام السوري إلى خلف كل نقاط المراقبة التركية، وهو ما الاحتمال الذي رجح القيادي حصوله فيما لو عاد الشمال السوري إلى الحرب التي ستقوم روسيا والنظام بالمبادرة فيها.
على صعيد التحركات العسكرية للدول الداعمة لطرفي الصراع، فقد أعلنت وكالة سانا التابعة لدمشق، عن تسلم جيش النظام السوري دفعات جديدة من مقاتلات ميغ- 29 الروسية، ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري قوله: «في إطار التعاون العسكري والفني بين الجمهورية العربية السورية وروسيا الاتحادية، وضمن احتفال خاص أقيم في قاعدة حميميم، قام الجانب الروسي بتسليم الدفعة التالية من الطائرات الحربية الروسية المتطورة والمحدثة من طراز /ميغ 29/ إلى الجيش العربي السوري».
ووفق الوكالة، فقد نفذت الطائرات الحربية التي تعد أكثر فعالية من جيلها السابق تحليقها من قاعدة حميميم إلى مناطق تمركزها في المطارات العسكرية التابعة للنظام السوري، وتعتبر عملية تسليح روسيا للنظام السوري بمقاتلات حربية خرقاً لقرارات حظر توريد السلاح لدمشق.
أما على الجانب الضامن والداعم للمعارضة السورية، فقد أنهى الجيش التركي عملية نشر ثلاثة منظومات دفاع جوي- أمريكية الصنع، في الشمال السوري، ووفق ما نقلته مصادر في المعارضة لـ «القدس العربي»، فإن المنظومات التي أدخلتها تركيا وأصبح ضمن دائرة العمل، هي من طراز إم آي إم 23- هاوك، وهي منظومات دفاع جوي متوسطة المدى 25 كيلو متراً أفقياً، وتغطية جوية على ارتفاع 13400 متر.
آخر عملية نشر للجيش التركي لمنظومة الدفاع الجوي كانت يوم الجمعة الفائت، حيث قامت أنقرة بنشر منظومة «هاوك» على قمة جبلية استراتيجية هامة في ريف إدلب الجنوبي «قمة النبي أيوب»، وسبقها نشر مشابه لمنظومتين من الفئة ذاتها في كل من المسطومة وتفتناز، وذلك في منتصف شهر أيار/مايو.
من جانبه، قال الخبير العسكري والاستراتيجي فايز الدويري لـ «القدس العربي»: المنظومات التي نشرتها تركيا، ليست منظومات حديثة، حيث دخلت الخدمة عام 1962 وخرجت من الخدمة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002.
كما اعتبر «الدويري»، أن نشر أنقرة لهذه المنظومات، جاء رداً على قتل الطيران السوري عشرات الجنود الأتراك أثناء معارك إدلب الماضية، معتبراً أن هذه الأسلحة ستكون فعالة ضد مقاتلات النظام السوري الحربية، في حين تدور الشكوك حول فاعليتها ضد المقاتلات الحربية ذات الجيل الرابع والخامس.

بين سوريا وليبيا

وتلقت روسيا، حسب تصريحات في المعارضة السورية، صفعة كبيرة من تركيا في ليبيا بهزيمة قوات حفتر وتمدد شرعية السراج، ويبدو أن الروس يريدون فتح معركة في جبل الزاوية في الشمال السوري، رداً على خسارتهم في ليبيا، وقد يكون ذلك خلال أسابيع، وقد لا يحدث.
فروسيا، وفق ما قاله القيادي في المعارضة السورية المسلحة العقيد فاتح حسون لـ»القدس العربي»: ما زالت تعد العدة للقيام بهجوم في منطقة إدلب لتأمين الطريق إم-4، متذرعة تارة بوجود تنظيمات مصنفة، تعيق تسيير الدوريات وتارة أخرى بتعرض مواقع ميليشياتها لاعتداءات.
وهذا يجعل تركيا تبذل، المزيد من الجهود السياسية والعسكرية في آن لتأمين وقف إطلاق نار كامل ضِمن إطار الاتفاقية المبرمة بين أنقرة وموسكو في شهر آذار/مارس الماضي، لكن اختلاف التوجهات ما بين تركيا وروسيا في ليبيا ترك أثراً سلبياً على تفاهماتهما في سوريا وخاصة منطقة إدلب.
وفي خطوة تصعيدية سلمت موسكو النظام السوري، مقاتلات ميغ 29 مطورة، وبذلك تكون قد خرقت اتفاقية حظر توريد السلاح المفروضة على النظام، وأرسلت لتركيا رسالة ضاغطة متدرجة، فاستلام النظام لطائرات روسية واستثماره لها ستكون له رسالة تختلف عن استخدام الروس لها، ففي الحالة الأولى (التي يكون فيها قائد الطائرة من النظام) تعني إمكانية تعامل وسائط الدفاع الجوي التركية معها، وفي الحالة الثانية (التي يكون فيها قائد الطائرة روسياً) لن يكون هناك تعامل من قبل وسائط الدفاع الجوي التركية معها، وغالباً ستلجأ روسيا إلى الحالة الثانية كمرحلة لاحقة وليس مباشرة، وقد تستخدم طائرات روسية وطيارين روساً، فصفعة ليبيا ما زالت تدوي في أذنها بشدة.

واقع جديد

في الوقت السابق كانت تركيا تمارس الضغوطات الشديدة لمنع شن روسيا هجوماً في منطقة إدلب، ومن هذه الضغوط تزويد قواتها في المنطقة بوسائط دفاع جوي فاعلة تستطيع ردع الطائرات المتطورة. حيث تم نشرها، وفق العقيد فاتح حسون، في أماكن تحقق لها فعالية عالية، وبنشر هذه المنظومة «هوك» سيكون قد كرس الجانب التركي واقعاً جديداً وفرض منطقة حظر جوي خاضعة لتفاهمات الأطراف أو اختلافهم.
وتفيد خارطة الانتشار التكتيكية إلى جدية الجانب التركي وتمسكه بمطالبه باعادة القوات والميلشيات التابعة للنظام وروسيا إلى حدود سوتشي، ومع استمرار التحشيد من قبل قوات النظام بدعم روسي سيبقى الواقع مفتوحاً على جميع الاحتمالات.
وتبقى فصائل الثورة والمعارضة السورية مستعدة للتصدي للهجوم الروسي المرتقب حتى اليوم، لكنها تحتاج لمساندة عسكرية تركية في الميدان، ومساندة سياسية تركية وأمريكية لمواجهة التعنت الروسي، بعدما تراجع اهتمام الاتحاد الأوروبي والدول العربية بالمنطقة.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.