سوريا: مواجهات مسلحة في ريفي إدلب واللاذقية وانهيار الهدنة أمر مستبعد حاليا

تنزلق الأوضاع شمال غربي سوريا، من الخروقات المتصاعدة، إلى المواجهات المباشرة، رغم المؤشرات على أن انهيار الهدنة نهائيا، يبقى أمرا مستبعدا ومرهونا بقدرة ورغبة الضامنين الدوليين على تجاوز الاستفزازات، نحو التعاون الوثيق على أساس البناء الاستراتيجي الذي تم البدء به منذ سنوات لكنه لم يكتمل بعد، إذ يتواصل التصعيد في محافظة إدلب ومحيطها، التي تشهد عودة للمعارك وقصفا صاروخيا مكثفا وطيران حربيا واستطلاعيا في أجواء المنطقة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، رصد بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، اشتباكات عنيفة دارت بين المجموعات الجهادية والفصائل المقاتلة من جهة، وقوات النظام والميليشيات المحلية والأجنبية الداعمة لها من جهة أُخرى على محور قرية «الفطيرة» في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، في محاولة من قِبل الأخيرة التسلل نحو المواقع الهامة الخارجة عن سيطرتها، حيث أسفرت المعارك عن مقتل 3 عناصر من قوات النظام، وجرح ثلاثة آخرين، بالإضافة لمقتل عنصرين من المجموعات الجهادية، كما قصفت أطراف بلدة دير سنبل في ريف إدلب ومحاور أخرى في جبل الزاوية.
وتدور المعارك وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية في أجواء الحدود السورية – التركية من مناطق سرمدا والدانا ودير حسان وصولاً إلى مناطق ريف حلب الغربي.

قبيلة «العكيدات» تمهل «قسد» شهرا لتسليم قتلة الشيخ الهفل

وفي إطار الرد على الخروقات وقصف إدلب والأرياف الملاصقة بها، استهدفت غرفة عمليات «الفتح المبين» بالأسلحة الثقيلة، مواقع عسكرية لقوات النظام في ريفي إدلب واللاذقية. وقالت مصادر متطابقة إن قصفا صاروخيا نفذته الفصائل الجهادية والمعتدلة على تجمعات تابعة لقوات النظام في محيط كفرنبل في ريف إدلب، كما استهدف فصيل أنصار التوحيد «الجهادي» معسكر الزيتون قرب بلدة كفرنبل، حيث تتخذه قوات النظام والميليشيات الموالية لروسيا مركزا لها، فيما قصفت الفصائل بقذائف الهاون تجمعات قوات النظام والمسلحين الموالين لها في حاجز البركان في جبل الأكراد شمال اللاذقية.
تزامنا، ذكرت غرفة عمليات «الفتح المبين»، في بيان لها صباح اﻷربعاء، أن الغارات الجوية للطائرات الحربية الروسية لم تستهدف سوى المدنيين.
واعتبرت الفصائل المقاتلة ان العملية التي استهدفت المدنيين أمس الأول، هي عملية «ممنهجة من قبل الاحتلال الروسي « الذي يتبع «سياسة الكذب وتضليل الرأي العام ليبرر جرائمه».
ونفت في بيان، ما تداولته وكالات إعلام روسية حول استهداف الغارات لمستودع للذخيرة تابع للفصائل العسكرية، مبينة أن عمليات القصف المدفعي على جبل الزاوية وتلال الساحل لم تتوقف بل ترافقت بمحاولات تقدم للمشاة على محور الساحل مؤخراً متوعدة بمزيد من العمليات لصد أي محاولات مقبلة.
وكان الطيران الروسي قد شن يوم الاثنين غارات جوية عدة على الأطراف الشمالية لمدينة بنش في ريف إدلب الشرقي، أسفرت عن سقوط 3 ضحايا نازحين، وإصابة 8 آخرين بجروح.
وتشير المعطيات إلى أنّ روسيا ما تزال تعوّل على استخدام الخيار العسكري كوسيلة للضغط على تركيا من أجل تسريع الاستجابة لمصالحها، حسب مراقبين وخبراء، وذلك على غرار ما فعلت في آب/ أغسطس 2018 حينما حشدت لمعركة واسعة النطاق لاجتياح منطقة خفض التصعيد، ما دفع في اتجاه توقيع مذكّرة سوتشي في 17 أيلول/ سبتمبر من العام نفسه.
ويقول الباحث السوري عبد الوهاب عاصي لـ «القدس العربي» إن إدلب ليست مقبلة بالضرورة على عودة للعمليات القتالية، بل إن ما يجري هو ضغط من موسكو وتأكيدها على عدم تخليها عن الخيار العسكري في إطار المفاوضات المستمرة التي تجريها مع تركيا، لا سيما مع تعاظم التنافس بين الروس والأتراك في ليبيا، والذي انعكس على إدلب، وذلك في سياق السياسة المعهودة للجانبين منذ أن بدآ بتوسعهما خارج حدودهما في دول حوض المتوسط.
وإلى الشرق السوري، أصدرت قبيلة «العكيدات» في محافظة دير الزور بيانا أمهلت فيه كلا من قوات سوريا الديمقراطية المعروفة باسم «قسد» والتحالف الدولي، شهرا لتسليم قتلة شيخ القبيلة مطشر حمود الهفل، مؤكدة أنها ستتصرف وفقا لما تراه مناسبا «لحماية الديار والممتلكات في حال عدم ضبط الأمن في المنطقة».
ودعا بيان «العقيدات» أبناء المنطقة من العشائر إلى الوقوف صفاً واحداً من أجل حمايتها «من كل من يستبيحون دماءها وينهبون ثرواتها فالديار التي لا يحميها أبناؤها لا يحميها الغرباء الطامعون» وشدد البيان على ضرورة عقد اجتماع لكل عشائر المنطقة للوقوف على المستجدات الأخيرة في المنطقة واتخاذ خطوات حازمة.
في غضون ذلك، رصد المرصد السوري أمس، تحليقا للطائرات الأمريكية في أجواء ريف دير الزور، واختراقها لجدار الصوت فوق مدينة البصيرة وبلدات الشحيل وذيبان والحوايج، تزامنا مع ارتفاع وتيرة الاحتجاجات ضد «قسد» في المنطقة.
ووفقا لمصادر محلية فإن مظاهرات جديدة خرجت في مدينة البصيرة وقرية أبو النيتل في ريف دير الزور، بسبب تحميل «قسد» مسؤولية اغتيال الشيخ مطشر حمود الهفل، والاحتقان الشعبي الناتج عن ازدياد انتهاكات قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة على الحواجز، وفي العملية الأخيرة المسماة «ردع الإرهاب» التي تم خلالها اعتقال مدنيين وضربهم وإهانتهم، وقيام عناصر من «قسد» بسرقة المنازل التي تقوم بمداهمتها.
ونتيجة تدهور الأوضاع في دير الزور، خروج مظاهرات في كل من بلدتي الشحيل وذيبان وقرية الحوايج، الواقعة ضمن مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية بريف دير الزور الشرقي، حيث طالبت المتظاهرون التحالف الدولي بالكشف عن هوية قتلة الشيخ «مطشر حمود الهفل» خال شيخ عشيرة العكيدات الذي قتل يوم أمس الأول، كما أشعل المتظاهرون الإطارات وقطعوا الطرقات في المنطقة، فيما استقدمت «قسد» تعزيزات ضخمة إلى المنطقة ورفعت جاهزية مقاتليها وانتشارها على مداخل ومخارج مدينة البصيرة، ومنعت السيارات من الدخول والخروج إلى المدينة، كما عززت حواجزها في بلدتي الشيحل وذيبان وقرية الحوايج بعد انسحابها منها.
وحسب مصادر متطابقة، فقد كان عناصر قسد قد أطلقوا النار تجاه المتظاهرين ما أسفر عن إصابة ستة منهم في قرية الحوايج تم نقلهم إلى مشفى بلدة الشحيل.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تبادلا لإطلاق النار بين مسلحين من المتظاهرين وعناصر من «قسد»، في قرية «الحوايج» ما أدى إلى سقوط جرحى بين الطرفين، أعقبها انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من المدرسة التي تتخذها مقراً عسكريا لها في القرية

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.