بعد استهداف الدوريات الروسية التركية المشتركة في سوريا: “الراديكاليون” يهاجمون نقطة تركية غرب إدلب

هاجم مجهولون النقطة التركية في بلدة سلة الزهور، ليل الجمعة، على طريق حلب-اللاذقية/M4 وترافق مع هجوم بسيارة مفخخة على النقطة المتمركزة شرقي القرية في  المدرسة، وتتاخم طريق حلب-جسر الشغور وتطل على طريق الترانزيت الجديد/M4.

وقال مصدر عسكري سوري معارض مقرب من القوات التركية لـ”القدس العربي”: “رصدنا سيارة غريبة تقترب  من النقطة وتم مخاطبتها عبر أجهزة اللاسلكي والموجات التي تتواصل بها القوات التركية وفصائل الجبهة الوطنية للتحرير، والتي تقوم بحراسة وتأمين النقاط التركية. لكن تبين لنا أنه هدف معادي وتم تدميرها بصاروخ م/د”. ونفى مقتل أي من مقاتلي الجبهة المعارضة أو من الجنود الأتراك واصفاً الإصابات بـ “الطفيفة للغاية”. ويتبع مقاتلو المعارضة في النقطة لـ “فيلق الشام”.

ودفعت القوات التركية بطائرة درون مسيرة (بيرقدار) إلى أجواء سهل الغاب والشمالي وسهل الروج بهدف رصد التحركات للمهاجمين. وتزامن الهجوم على النقطة التركية في سلة الزهور مع هجوم لمجهولين من الخلف على نقطة رباط لـ “فيلق الشام” أكبر فصائل الجبهة الوطنية في إدلب والمقرب من تركيا، في قرية دير سنبل غرب معرة النعمان، أسفر عن إصابة مقاتل، فيما ساند مقاتلو حركة أحرار الشام الإسلامية رفاقهم في “الفيلق” وصدوا الهجوم. وفشلت قوات المعارضة في معرفة المهاجمين، لكن يذكر أن الاتهامات الضمنية تتوجه إلى تنظيم “حراس الدين” بشكل أساسي وتحملها فصائل “الجبهة الوطنية” كل ما يحصل من اعتداء ومحاولات سلب تطال مقراتها وعناصرها، وتتركز ضد فصيل “فيلق الشام” بشكل رئيسي منذ شهر آذار/مارس الماضي حتى اليوم.

ورفعت النقاط التركية تدابير السلامة بعد هجوم الجمعة، وأغلقت الطرق المكشوفة المؤدية إلى النقاط، فأغلق الطريق الرئيسي المؤدي إلى نقطة تل صندل شمالي إدلب والواقعة على الطريق بين زردنا وأبين وحولت خط السير إلى طريق ترابي مجاور.

وأعرب وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، الخميس، عن ارتياحه إلى إتمام الدورية المشتركة 26 على الطريق الدولي/M4 مع روسيا. وأشار في اجتماعه مع محرري وكالة “الأناضول” الرسمية في مقرها في أنقرة، أن بلاده على “تواصل دائم مع روسيا لمنع إفساد وقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية أو الإخلال به”. مضيفاً أن “تركيا تواصل التعاون مع روسيا حول القضية السورية والعمل على إيجاد حل سلمي لها”.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء الماضي، أن جنديين روسيين أصيبا بجروح طفيفة، نتيجة تعرض دورية عسكرية مشتركة مع تركيا، لاستهداف على طريق الترانزيت/ M4 بالقرب من بلدة أورم الجوز غرب محافظة إدلب. وأعلنت مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم “كتائب خطاب الشيشاني” مسؤوليتها عن الهجوم على الدوريات المشتركة.

والهجوم المباشر على النقاط التركية، يعني أن تحولا جديدا حصل في الشمال السوري على صعيد التنظيمات الجهادية التي تدور في فلك تنظيم “قاعدة الجهاد العالمي” وان الفتاوي الشرعية لم تعد تقتصر على تحريم التعامل مع الجيش التركي بل انتقلت فعليا إلى استهدافه، وهو ما ينذر بانزلاق الشمال السوري إلى مواجهة داخلية جديدة بين الفصائل المعتدلة المقربة من تركيا، وبين الفصائل الجهادية المقربة من “القاعدة” وعلى رأسها تنظيم “حراس الدين”.

لكن شن معركة على التنظيم بحاجة إلى إثبات فرضية أنها من تقف خلف “كتائب خطاب الشيشاني” المذكورة، أو تدعمه أو تعمل باسمه، فالتنظيم لم يبث أي فيديو لمقاتليه أو ما يقود إلى التعرف عليهم، واقتصر على نشاط على قناة  على موقع “تلغرام” خصوصا وان الدليل الوحيد هو جثة المقاتل الذي رمى قذيفة “أر بي جي” على العربة الروسية الأسبوع الماضي، وقيل أن طائرة “بيرقدار” تركية مسيرة قامت بقتله وسُحبت جثته، وفي حال صحته فهذا يحتاج إلى جهد استخباراتي كبير لكشفه والتعرف على هويته ولمن ينتمي من الفصائل.

الوعود الأمريكية

رفع نائب مساعد الوزير لشؤون الشرق الأدنى والمبعوث الخاص إلى سوريا، جويل رايبرون، في مؤتمر صحافي في إسطنبول، الأربعاء، من حدة تصريحاته ضد روسيا، مؤكدا استعداد واشنطن دعم أنقرة “إذا تجاوزت قوات النظام خطوطاً رُسمت لها في محافظة إدلب”. وقال إن بلاده “تدعم تركيا في اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، وإذا حصلت أي حملة عسكرية ستكون واشنطن مستعدة لدعم أنقرة بما تستطيع فعله” بدون أن يذكر نوع الدعم الذي ستقدمه. وتبقى التصريحات كنوع من الدعم السياسي، ربما تتطور إلى دعم اقتصادي لتركيا في المواجهة المحتملة.

وقامت أمريكا في آذار/مارس الماضي بخطوة دعم سياسي وإنساني مع تقدم قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية في إدلب. حيث زارت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، كيلي كرافت والمبعوث الأمريكي الخاص، جيمس جيفري، والسفير الأمريكي في أنقرة ديفيد ساترفيلد الحدود السورية في معبر باب الهوى، ومن هناك، أعلنت كرافت عن تقديم 108 ملايين دولار إضافية، وهي جزء من المساعدة الأمريكية الإنسانية، وأن الأموال ستوزع على الأرض من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وغير الحكومية الأخرى، التي تعمل عبر الحدود إلى سوريا لتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين.

لكن أنقرة لم تلتفت إلى ذلك الدعم بجدية، بعد رفض الناتو النظر بطلبها الرسمي الذي قدمته في 21 شباط/فبراير لتزويدها بمنظومة صواريخ باتريوت ولكن انقرة لم تتلق إجابة شافية.

واشترطت الولايات المتحدة على تركيا من أجل تزويدها  بصواريخ باتريوت، عدم تشغيل منظومة أس 400 الروسية، ما عنى تخليا غربيا عن تركيا في تلك المواجهة. وهو ما يفسر القبول التركي بالبرتوكول الإضافي أو اتفاق موسكو، بل ويفسر استعجال اردوغان إلى موسكو، رغم أن القمة كانت مقرر سابقا في أنقرة، واعتذر بوتين عنها. ومع تصاعد التصريحات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن أزمة شرق المتوسط والتهديدات بين اليونان وتركيا، سيكون موقف تركيا أكثر ضعفا، فالعلاقة التركية مع ألمانيا وهولندا ليست في أحسن أحوالها، وستفتقد المساندة الفرنسية التي حصلت في هجوم مطلع العام على إدلب بسبب سوء علاقتهما على خلفية الأوضاع في ليبيا.

إن مواجهة محتملة في إدلب ستضع تركيا وحيدة دون حلفائها في الناتو بسبب الخلاف الأوروبي معها حول المياه الإقليمية لليونان ومشاكل الطاقة وترسيم الحدود البحرية.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.